اهتمام مفرط هذه الأيام، بالجزائر، من طرف بعض الدول الغربية. وهذا في الحقيقة ليس بالجديد، فكلما كان الجزائريون على موعد حاسم، استيقظ من بعيد، دعاة وغلاة الاستفادة دون الإفادة، وهم "المتعوّدين دايما" على تحريك مخابرهم و"تخلاطهم" وتقاريرهم، هدفهم بطبيعة الحال، محاولة جني ثمار مسمومة، عن طريق الضغط والمساومة وليّ الذراع! إن الجزائريين يعرفون جيّدا "صوالحهم"، ويُدركون أن محاولات "التدخل الأجنبي"، هي محاولات تبقى يائسة بائسة، طالما أن الجزائري لا يحلّ مشاكله وأزماته، إلاّ بنفسه وبأيادي أبنائه، حتى وإن دخلوا دائرة "الأشقاء الفرقاء"، لكنهم رغم ذلك، لا يسمعون إلاّ صوتهم، حين يجدّ الجدّ، وعندما يشعرون بأن "غريبا" يتربّص بهم السوء! قد يرى البعض أن هناك إفراطا وتهويلا وتضخيما بشأن التحذير من "بُعبع" الأيادي الأجنبية، وقد يرى البعض الآخر، أن هناك تفريطا وتقصيرا وعدم مبالاة في التعامل مع "تهديدات خارجية"، تستهدف أو تتآمر أو تحاول الاصطياد في ما تراه مياها عكرة! قوّة الجزائريين، أنهم يرفضون تتبّع آثار ورائحة "الأجنبي"، سواء كان عربيا أم غربيا، المهمّ أن حامل الجنسية الجزائرية، هو الوحيد المؤهل والمسموح له بحلّ شؤونه والمساهمة في تجاوز المحن والخلافات، وما عدا ذلك، فإن طلب "مساعدة" الأجنبي، تبقى مرفوضة عند أيّ جزائري يحفظ عن ظهر قلب، المثل الشعبي القائل: "خوك خوك لا يغرّك صاحبك"! صدق من قال: "أنا وأخي على ابن العم، وأنا وابن العمّ على الغريب"، فليس هناك أيّ جزائري، مهما كان انتماؤه وولاؤه وحساباته، يتجرّأ في يوم من الأيام، على البحث عمّن يُساعده من غير إخوانه الجزائريين، وإذا فعلها، فليس غريبا أن تنتفض ضدّه الأغلبية المسحوقة، أو في أحسن الأحوال فإنها لن تدعمه في هذا الطريق! إن دعاة "التدويل" لا يُمكنهم إلاّ أن يجرّوا البلاد والعباد إلى "التبهديل"، وأيّ عاقل ونبيه لا يقبل مثل هذا السيناريو الأبله، لأن الجزائريين على مرّ التاريخ والتجارب، أثبتوا إلى ما لا نهاية، أنهم مطعمّون، أبا عن جدّ، ضد الجدري الأجنبي والبلهارسيا المستوردة وحمّى إيبولا القادمة من مستنقعات ما وراء البحار والمحيطات ومثلث برمودة! لقد عاش الجزائريون موحّدين، من تاء تلمسان إلى تاء تبسة، ومن تاء تيزي وزو إلى تاء تمنراست، وحتى إن قدّر الله واختلفوا، فإنهم يتصالحون ويعودون إلى الدار الكبيرة التي "إذا ما تعشاوش فيها يباتو فالدفى"، وكلّما تهارش جزائري مع أخيه الجزائري، فإن أخاهم الجزائري، يتدخل اليوم أو غدا، ليمتصّ غضبهم ويُبقي على "سرّ الدار".. هذا السرّ المقدّس الذي لا يخرج، وإذا خرج والعياذ بالله، فإن مُخرجه ستلاحقه اللعنة!