حذّر مدني مزراق، أمير ما كان يعرف "الجيش الإسلامي للإنقاذ"، الجزائريين من مغبة الانسياق وراء الدعوات التي جعلت من انتخابات الغد مرادفا للفوضى، وحث الناخبين على التعبير على مواقفهم بالطرق السلمية، إن بالمقاطعة أو المشاركة أو التصويت بالورقة البيضاء، في نصيحة على قدر كبير من الرمزية، كونها صادرة عن رجل كان طرفا في الأزمة الأمنية التي عصفت بالبلاد في عشرية التسعينيات. وفي موقف وصف بأنه "لا موقف"، خاطب مزراق الجزائريين قائلا: "لن نرغبك في الانتخاب، لأن الانتخاب اليوم، هروب إلى الأمام، يمدد عمر الأزمة ولا ينهيها، ولن ندعوك إلى المقاطعة، فقد قاطعت طويلا، ولكن دون جدوى، ولن نشجعك على المشاركة بالورقة البيضاء، فقد فعلت ذلك في استحقاق 2012، وكنت القوة الأولى، لكنها كانت صرخة في واد ونفخا في رماد، فلا السلطة استمعت إليك، ولا المعارضة اعترفت بوجودك". ومضى يقول في رسالة تلقت "الشروق" نسخة منها: "فإن أبيت إلا أن تكون واحدا من هؤلاء الثلاث، وقررت أن تشارك في صناعة قدرك، عبر تحديد الموقف من الإنتخابات، فكن حرا شريفا، وافعل ذلك بقناعتك وخيارك، واحرص على إسماع صوتك بالأساليب الصحيحة، والطرق السلمية، وضمن الأطر المشروعة.. وإياك ثم إياك أن تستجيب إلى نداءات الفوضى والحرق والتخريب.. لأن أصحاب هذه الدعوات حيث ما كانوا.. لا يحسنون الصيد إلا في المياه العكرة..". واستفاض قائد "الأئياس" في تبرير موقفه، وقدّر بأن البرامج التي قدمها المترشحون للاستحقاق المقبل، لا تشكل حلولا ل"الأزمات القاتلة التي تعيشها بلادنا"، بل تشكل "حلولا ترقيعية، لمشاكل بديهية، ونتائج حتمية للفوضى المؤسساتية والأخلاقية التي غرق فيها النظام". ووجّه مزراق سهام انتقاداته للمرشح الحر عبد العزيز بوتفليقة: "فالرئيس شفاه الله، مريض لا يقوى على الكلام، وعاجز لا يستطيع القيام، ورغم ذلك فإن العصب المؤثرة على خلافاتها، اتفقت على بقائه، والأحزاب المهيمنة، وهي في صراعها وانقسامها، توحدت على دعمه، والمنظمات الجماهرية الكبرى كلها تفضل استمراره وتصر على نجاحه.. وإذا كنا قد جزمنا بأن مصلحة البلاد تكمن في انسحابه، فقد قدروها في بقائه واستمراره، وهذا رأيهم..". كما برر رفضه دعم المرشح الآخر، علي بن فليس، بقوله: "..الأخ علي بن فليس، الذي يمثل أملا كبيرا لفئة معتبرة من الجزائريين المتحمسين، ورغم تمتعه بكامل قواه العقلية والبدنية، فقد حاول عبثا كسب تأييد المعارضة المعتمدة، لكنه لم يستطع، رغم أنها تتفق معه في كثير مما يدعو إليه، كما أخفق في إقناع المعارضة المقصية، التى أبدت استعدادها لعقد شراكة نضالية، تهدف إلى تصحيح الأوضاع بالحوار والمصالحة..". ولام مزراق ابن الأوراس على غياب الإرادة لديه في جمع شتات المعارضة: "إن الذي صعب عليه إحداث وفاق بين أقطاب المعارضة وتردد في طرح أهم قضاياها، وهو حر طليق، لا تقيده إلا مبادئه وقناعاته، لا يمكنه أن يفعل ذلك وهو في الحكم، عندما يصبح شبه أسير تتقاذفه مصالح العصب الضاغطة". وعرض القيادي السابق في الجبهة الإسلامية للانقاذ المحلة تصوره لحل الأزمة، قال إنه يجب أن يمر عبر "حوار عميق وشامل، تشارك فيه كل الشخصيات والفعاليات، الممثلة لمختلف التيارات السياسية والإجتماعية والثقافية"، ويخلص إلى "صياغة ميثاق شرف وطني، يكون بمثابة الوثيقة المرجعية الشاملة، يمثل الدستور جوهرها، ومشروع المجتمع الذي حلم به المجاهدون الأطهار".