وزير خارجية فرنسابالجزائر، غدا، في زيارة رسمية، بعد أيام قليلة من زيارة وزير الدفاع الفرنسي، والحال أن هذه الزيارات تأتي موازاة مع تطورات تعرفها الجارة ليبيا ومالي ومنطقة الساحل عموما. بين الجزائروفرنسا، حكايات طويلة وقديمة، أهمّها أن "فافا" ما زالت تريد أن تتعامل مع "مستعمرتها القديمة" وفق منظور "رابح خاسر"، بالرغم من أن مسؤوليها يصرحون علنا ويقولون إن فرنسا تريد تكريس قاعدة "رابح رابح" في تعاملاتها السياسية والاقتصادية والأمنية مع الجزائر! بين "رابح خاسر" و"رابح رابح" و"خاسر خاسر"، فتح القضاء الفرنسي ملف الخليفة، بطريقة مفاجئة، حتى وإن كانت مبرمجة من قبل دون إعلان، لكن تزامن هذه المحاكمة الغيابية، مع زيارة فابيوس، قد تفتح الأقواس للتساؤل والاستغراب والتأويل أيضا! صعود اليمين المتطرّف إلى البرلمان الفرنسي، انطلق بمطاردة أنصار الفريق الجزائري بشوارع باريس، وبدأ بمنع هؤلاء الجزائريين المغتربين من رفع الرايات الوطنية ومآزرة منتخبهم خلال مباريات كأس العالم بالمونديال الذي سينطلق خلال الأيام القليلة المقبلة! عندما يتحوّل رفع العلم الوطني بالشوارع الفرنسية إلى "خطر" يهدد إقامة وحريات وربّما حتى حياة جزائريين مقيمين هناك بطريقة قانونية، فمن الطبيعي أن تلفت زيارة وزيري دفاع وخارجية فرنسا الانتباه وتجرّ محللين وسياسيين و"خوافين" إلى التحليل والنقاش! من البديهي أن تكون الأحداث الخطيرة التي تعرفها الجارة الشقيقة ليبيا، واحدا من أهم الملفات ذات الأولوية، أثناء مشاورات ومباحثات مسؤولي البلدين، ومن الطبيعي أن يلتقي الجانبان في "حتمية" تنسيق الجهود والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة! ليس غريبا لو أراد الغرب محاربة الإرهاب في منطقة الساحل بكلّ ما يملكه هذا الغرب من قوة عسكرية، فالمجموعة الغربية، أيقنت أن الإرهاب لا يشكل خطرا فقط على بلدان الساحل، وإنّما "سقوط" هذه الأخيرة أو الجزء المهمّ منها بين مخالب المجموعات المسلحة، سينقل الخطر في مرحلة لاحقة وعلى عجالة، نحو هذه البلدان التي كانت تعتقد مخطئة أنها "آمنة" ولا خوف عليها ولا هم يحزنون! عندما كانت الجزائر تحذر وتدق ناقوس الخطر وتناشد و"تستغيث" كذلك خلال سنوات المأساة الوطنية، سدّت المجموعة الدولية آذانها، وتسابق الصديق مع العدوّ إلى مقاطعتنا ومعاداتنا والإساءة إلينا، وأغلقوا مطاراتهم في وجوهنا، وألصقوا فينا ما ليس فينا، واليوم، بعدما جفّ الريق، عاد هؤلاء وأولئك يردّدون بكلّ بُخل: "عندكم الحقّ"! نعم، عندنا الحقّ، لكنكم تقولونها بعدما بلغكم السيل والزبى معا، ومع ذلك، فإن الجزائري يحفظ جيدا حكمة تقول: "من عندي وعندك تنطبع ومن عندي برك تنقطع"!