الظاهر أن فرنسا العنصرية والعدوانية لا تريد أن تتخلّى عن ممارساتها الدنيئة، فهي مصرّة على حشر أنفها في شؤون غيرها، وهذه المرّة قرّرت أن تكون قواتها قريبة جدّا من الحدود الجزائرية من خلال نشر آلاف الجنود في منطقة الساحل بدعوى مكافحة الإرهاب، وهو الإرهاب الذي (تغذّيه) دولة هولاند من خلال تمويله عن طريق الفديات التي دفعتها للدمويين نظير الإفراج عن بعض المخطوفين الفرنسيين هنا وهناك. جاء قرار (فافا) القاضي بنشر ما لا يقلّ عن ثلاثة آلاف جندي وهو الجزء الظاهر فقط من جبل الجليد الفرنساوي ليؤكّد الأطماع الفرنسية في المنطقة التي لعبت باريس دورا كبيرا في حالة اللاّ استقرار التي تعيشها، سواء من خلال مجازرها المرتكبة في حقّ بعض العزل في مالي أو من خلال سياستها الفاشلة في ليبيا التي تحوّلت إلى بؤرة خطيرة لانتشار السلاح والفوضى الأمنية، وهو ما يهدّد بشكل مباشر أمن واستقرار الجزائر. وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان أعلن يوم الخميس أن بلاده ستنشر ثلاثة آلاف جندي في منطقة الساحل من دون تحديد موعد لذلك، في إطار إعادة تنظيم القوات العسكرية المنتشرة في مالي. وقال لودريان لقناة (بي أف أم تي في) للتلفزيون وإذاعة (راديو مونتي كارلو): (دورنا هو مواصلة مكافحة الإرهاب في شمال مالي وشمال النيجر وفي تشاد)، وأضاف: (نعيد تنظيم أنفسنا لمكافحة الإرهاب على المستوى الأقليمي)، موضّحا أن ألف جندي فرنسي سيتمركّزون بالقرب من غاو في شمال شرق مالي وثلاثة آلاف على الشريط الساحلي الصحراوي. وسبق الوزير وأن صرّح مرارا بأن فرنسا ستترك ألف جندي في مالي لمكافحة الإرهاب، وأوضح أن عملية (سرفال) العسكرية الفرنسية (في صدد انهاء مرحلة حرب المواجهة). وبدأت فرنسا هذه العملية في جانفي 2013 في مالي على رأس قوة تدخّل شاركت فيها دول إفريقية عدّة لوقف تقدّم الإسلاميين في اتجاه العاصمة الماليانية في الجنوب، وأفاد بأن (هناك في الشمال بعض المجموعات الإسلامية المسلّحة التي تحاول إعادة تنظيم صفوفها، إنهم أقلّ بكثير ولكن ليس لديهم ما يخسرونه، لذلك ينبغي خوض القتال بدقّة متناهية ضد كلّ شكل من أشكال إعادة تجميع المجموعات الجهادية وعودة نشاطها في هذا الجزء من مالي، في أقصى الشمال، وفي جبال أدرار بمنطقة أفوقاس. نحن في مرحلة أخرى بالنّسبة لمالي، قوات الأمم المتّحدة هناك والجيش المالياني يعاد بناؤه، دورنا هو مواصلة مكافحة الإرهاب في شمال مالي وشمال النيجر وفي تشاد)، وخلص إلى (أننا نعيد تنظيم وجودنا لنشر ثلاثة آلاف جندي فرنسي في هذه المنطقة)، لافتا إلى أن شمال مالي يشكّل (منطقة خطر ويشهد كلّ أنواع التهريب وسنبقى هناك الوقت اللاّزم لا مهلة محدّدة). الجزائر صمّام أمان منطقة الساحل إذا كانت فرنسا تريد العبث مرّة أخرى في المنطقة فإن متتبّعين يؤكّدون أن الجزائر هي صمّام أمان منطقة الساحل، وفي هذا السياق كان قادرى ديزيرى وادراوغو رئيس مفوّضية المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا قد أكّد أن الاستقرار والتنمية في منطقة الساحل مرتبطان بمشاركة فعالة للجزائر . وصرّح وادراوغو عقب مباحثاته يوم الاثنين الماضي مع وزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة بالجزائر العاصمة بأن زيارته تهدف إلى تقديم الشكر للجزائر على تعاونها ومشاركتها الفعّالة في البحث عن السلم والاستقرار في منطقة الساحل لأنه يجب الاعتراف بأنه دون مساهمة ومشاركة الجزائر لا يمكننا الحديث عن السلم والتنمية في هذا الفضاء، موضّحا أنه تبادل وجهات النّظر حول الوضع في الساحل بهدف إيجاد أفضل الوسائل للتوصّل إلى السلم والاستقرار في المنطقة، وذكر أن الجزائر اتّخذت الإجراءات اللاّزمة التي ساهمت في الانتصار الذي حقّقه المجتمع الدولي في مالي. وأضاف المسؤول الإفريقي أنه خلال الأزمة التي عاشتها مالي طلب رؤساء دول وحكومات المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا من المفوّضية إعداد استراتيجية تنمية عاجلة لمنطقة الساحل، مشيرا إلى أنه طلب من الجزائر خلال هذه الزيارة المساهمة والدعم لإنجاح هذه الاستراتيجية، مشيرا إلى أن زيارته تهدف أيضا إلى تبادل وجهات النّظر مع السلطات الجزائرية حول مضمون هذه الاستراتيجية والحصول على مساهمتها الكلّية في هذا المسعى الذى سيعقد اجتماعه الثاني يوم 26 من الشهر المقبل بأبوجا).