اشتعلت الحرب الإعلامية بين المعارضة والسلطة في الجزائر وبين قيادات في"الفيس" و"الجيش الاسلامي للإنقاذ"، والتهبت نار الفتنة بين الاعلام المصري والاعلام المغربي، وبدأت بوادر التوتر بين الدول التي تصنف الإخوان ضمن خانة "التنظيمات الارهابية" وبين إخوان المغرب العربي، وتحركت الجامعة العربية ضد إخوان ليبيا، فإلى أين تتجه أقطار الوطن العربي في حروبها الإعلامية ضد بعضها البعض والتحالف مع الأجنبي للتجسس على جيرانها أو التحالف لضرب تنظيمات مسلحة على أراضي بعضها، في ظل سكوت أنظمتها وتحريك قنواتها الفضائية في معركة لا علاقة للشعوب العربية بها؟ هل تعترف الأحزاب بالجبهة الإسلامية؟ عندما يصف مدني مزراڤ (أمير الجيش الاسلامي سابقا) علي جدي أحد مؤسسي الجبهة الاسلامية للإنقاذ والقيادي فيها بأنه"شخص خائن غدّار وقليل المروءة وتنكر لأفضال الآخرين"، لأنه قال عنه إنه لا يمتلك الشرعية للحديث باسم قواعد الحزب، وهنا نتساءل: لماذا يعلن مدني مزراڤ عن إنشاء حزب جديد، مادام يدعي أن له شرعية الحديث عنه؟، ولماذا لم يرد على علي بن حاج (الزعيم الروحي للانقاذ) عندما قال:"إن الجبهة لم يكن لديها يوما ذراع مسلّحة"، لو كان مزراڤ يمثل جبهة الانقاذ لاتصل بالشيوخ قبل موافقته المشاركة في لقاءات أحمد أويحيى التي رفضها الشيخ بوخمخم؟. الحقيقة الغائبة في هذا الهجوم الشرس على أحد قيادات الانقاذ هو أنهم لا يعتبرون في تصريحاتهم العلنية أن للفيس جناحا مسلّحا، وهي حقيقة فيها الكثير من الصدق ذلك أن ما يسمى ب"الجيش الاسلامي للإنقاذ" الذي كان على رأسه أربعة أمراء وهم: مصطفى كرطالي (أمراء البليدة) الذي لا نعرف عدد عناصره حتى الآن، والشاعر علي بن حجر(أمير المدية) الذي يضم جناحه المسلح ما يقرب من 100 عنصر وأحمد بن عايشة (الغرب الجزائري) وعدد مسلحيه أكثر من 1000 عنصر ومدني مزراق (الشرق الجزائري) وعدد مسلّحيه يقارب ال 500 عنصر. التقيت بعض هؤلاء الأمراء ونشرت مقابلات صحفية معهم في جريدة "الحياة اللندنية"، وقد أكدوا لي أنهم لم يلتقوا بعضهم البعض سواء قبل تأسيس الجيش الاسلامي للانقاذ أو بعد ذلك، وبالرغم من تمسّكهم بشرعية "جبهة الانقاذ" كحزب فإنهم كانوا يتواصلون مع بعضهم البعض عبر وسيط، حين شرع المرحوم الجنرال اسماعيل العماري في اتصالات معهم لبوا، وقد تعرّفت على أحد الوسطاء وكشف لي"أنهم خوّلوا مدني مزراق للحديث باسمهم رغم أنهم لم يلتقوا لا أثناء التأسيس ولا بعد ذلك". ذهبت بعض الآراء إلى أن من أنشأ جناحا مسلّحا للإنفاذ كان يريد نزع الشرعية من القيادة السياسية التي تفاوضت مع شيوخ الانقاذ الذين يشتم بعضهم حاليا مدني مزراڤ لأنهم أكدوا حقيقة واحدة، وهي أنه لا يمثّل الفيس، ولا أدافع عن علي جدي ولا عن الفيس، ولكن الحقيقة هي أن كل من خطط لعمل مسلّح هو "مشروع إرهابي"، أما من أفشل المفاوضات مع شيوخ الانقاذ عام 1995 -عندما كانوا يقيمون في جنان المفتي مقابل فندق الجزائر- فهو أحمد أويحيى عندما تدخل في صياغة "البيان النهائي" للمفاوضات، فهل كان مدني مزراڤ يعرف هذه الحقيقة أثناء لقائه السيد أحمد أويحيى؟ أتصور أن من حمل السلاح، مهما كان المبرر، لا يمكن أن يكون سياسيا ناجحا ولا يصلح أن يمثل الشعب أو يتحدّث باسمه، ومن يدعي غير ذلك فعليه بقراءة متأنية لحياة "غاندي"، وكيف حرر الهند من الاستعمار البريطاني دون إطلاق رصاصة واحدة، وحين قام شخص باغتياله طلب - وهو في لحظة الاحتضار - عدم الانتقام منه. هل تقرير مصير الشعوب جريمة؟ أعضاء مجلس الأمن لم يمنحوا الشعب الفلسطيني حقه في الانعتاق والحرية، وصوّتوا على بقاء الاحتلال الصهيوني، وكأنهم يحرضونه على حمل السلاح ضد إسرائيل مرة أخرى، والدول العربية التي شكلت تحالفا مع أمريكا ضد "داعش" عاجزة عن ممارسة الضغوط عليها لتقبل بالمشروع الفلسطيني لإنهاء الاحتلال؟، ماذا لو رفعت داعش شعار "تحرير فلسطين" وقيام دولة اسلامية مقابل الدولة اليهودية التي يطالب بها الكيان الصهيوني؟، لقد ضيّع الحكام العرب فلسطين واليوم يريد"المتخاصمون" حول قيادتها رهنها لدى الدول العظمى، ولا أجد مبررا لهذ الخنوع. هناك من ادعى أن التقارب الجزائري المصري هو الذي دفع المغرب إلى الدخول في حرب إعلامية لأنه يتخوّف من أن تطرح قضية الصحراء الغربية في الجامعة العربية وتحظى بتزكية الكثير من الأقطار العربية، وإذا كانت مصر تخفي السبب الحقيقي في هجومها الشرس على المغرب "ملكا وشعبا" فإن ذلك يعود إلى وجود حكومة إخوان، وهي بذلك لا تريد للإخوان المسلمين "وجودا" في أي نظام عربي، وليس غريبا أن ينحط الخطاب الإعلامي لبعض القنوات المصرية الخاصة إلى مستوى المساس بمشاعر الشعب المغربي، فقد سبق لهذه القنوات نفسها أن شتمت الشعب الجزائري ووصفته ب "اللقيط"، وهو نفسه الذي وصف الشعب المغربي ب"الدعارة"، لكن الحقيقة هي أن النظام المغربي أخطأ التقدير، لأن أصواتا أخرى بدأت ترتفع في الخليج مثل ضاحي خلفان (نائب رئيس شرطة دبي) الذي كتب أنه:"خلال عام أو يزيد سيسقط إخوان المغرب سقوطا مدويا، وجاء الرد مستعجلا من عبد الإله بن كيران (رئيس الحكومة المغربية): "المستقبل بيد الله، وهو من يعلم الغيب، وهذا الشخص يخرّف ويقوم بدور العرافات أو يحلم"، مستغربا من تغريدة خلفان ومؤنبا له:"من غير المقبول أن يتهجم علينا هذا الشخص الذي جاء إلى المغرب واستقبلناه وأكرمناه"، فهل بدأت الحرب بين الحكومة المغربية وحكومة دبي؟ كان الأحرى برئيس الحكومة المغربية أن يرد عليه ب (تغريدة) عوض أن يرفع القضية إلى الملك، وكان الأجدر بالقنوات الرسمية المغربية أن لا تتناقض مع موقف الملك في اعترافه بانتخاب عبد الفتاح السيسي رئيسا لمصر وتهنئته؟