لم أشأ التحدث عن أزمة عين صالح والاحتجاجات التي ألهبت الشارع ضد مشروع التنقيب عن الغاز الصخري، ليس مناصرة للسلطة وليس تقليلا من حلم إخوتي بالجنوب الجزائري في العيش بكرامة، بل إيمانا مني أن الأزمة لن تحل إلا بوجود إرادة صادقة من قبل الحكومة، فلا تنفع مع هذا الوضع حتى لغة الخشب أي لغة القانون الذي أراه عجز عن توطيد العلاقة بين الحاكم والمحكوم في ظل اتخاذ قرارات عشوائية دون إشراك الشعب فيها. لكن ما جعلني أداعب هوامش هذا المشكل العويص هو الزيارات المتوالية إلى الجزائر وتوزيع دعوات مجاملة على رؤساء إفريقيا من أجل تعميق أواصر التعاون وبناء حاجز الأمان؟؟؟ وتوزيع الريع ومد جسور الاستثمار الذي أسال لعاب دول الاتحاد الأوروبي، فباتت هذه الأخيرة تتفنن في إيجاد حجج لمغازلة عروس الأبيض المتوسط، فتارة تهب رياح فرنسية بذريعة تقليم أظافر الإرهاب بالحدود المالية ومن ثم إبرام صفقات اقتصادية، وتمرير رسائل بمذاق الكراهية. فرنسا التي أعلنت في وقت سابق رفضها استغلال الغاز الصخري ببلادها في حين قبلت استيراده من الجزائر بعد تطويره رغم الضرر الذي قد يلحق بكل مناحي الحياة.. فالجزائر أضحت مسرحا لتجارب، فلن ننسى التجارب النووية برڤان التي أهلكت الحرث والنسل ولا يزال من عايشوها يتجرعون مرارة الهمجية الاستعمارية، ولا ندري ماذا تخبئ لنا الأقدار خاصة مع احتدام الزيارات الودية "المبطنة"، فكيف نفسر تواجد وزير الخارجية الألماني مرفقا بطاقم من أرباب العمل بالبلاد بحجة مناقشة أزمة ليبيا، وكأن الجزائر التي جابهت لوحدها إرهابا دمويا منذ سنوات خلت غير قادرة على التوفيق بين الفرقاء. هي لعبة محكمة تحاول كل الدول الأوروبية لعبها في السنوات الأولى من عمر الأزمة الاقتصادية التي أحكمت قبضتها بقوة ووسعت الفوهة بين الحكومات وشعوبها. ألمانيا التي تعلمت توزيع أوراق البوكر من نظيرتها فرنسا تفرض الآن منطقها على حكومتنا الموقرة بمشاريعها الفاشلة والتي لم تجد لها إلا الجزائر حاضنة. كل هذا وجنوبنا يتسول قرارا رئاسيا لوقف الانتهاكات في حقه وفي حق الطبيعة وحق الأبرياء. فلا يعقل أن بسلب الجنوب حقه في التنمية ما دام هناك بدائل تغنيه عن مشاريع التشدق وإنهاء سياسة التقشف وتهاوي أسعار النفط التي لم تؤثر إلا على الطبقة المعدومة الفقيرة. فمن يرد الخير للبلاد فليهرول إلى إطفاء نيران الفتنة ويخفف مخاضا عسيرا طال أمده. وما توفيقي إلا بالله… وما نريد إلا الإصلاح ما استطعنا…