يرى رئيس الحكومة الأسبق، أحمد بن بيتور، أن التطورات الحاصلة في أعلى هرم السلطة، وما يقابلها من تعدد للمبادرات في المعارضة هي تفتيت للأقطاب وللقوى، وهي ما يعتبره "آخر أطوار التميع قبل الوصول إلى انهيار الدولة والأمة". وأوضح بن بيتور، في لقاء مع "الشروق"، أن الجزائر تعيش مرحلة تفتيت الأقطاب داخل النظام، وهو آخر مؤشرات الدولة المميّعة التي حذر من الوصول إليها قبل سنوات، ويتجلى ذلك بحسبه في "التحويرات الغامضة" التي تعرفها مختلف مؤسسات الدولة منذ فترة، خاصة منها المؤسسة العسكرية التي تعتبر "ركيزة" النظام السياسي في البلاد. وبحسب بن بيتور، فإن التفتت لا يمارس فقط بين أقطاب النظام، وإنما حتى على مستوى المعارضة، التي تواجه في الفترة الأخيرة حالة من التفتت والتشتت في ظل تعدد المبادرات السياسية لأطياف المعارضة، مبرزا أنه رغم حرية أطراف تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي التي ينتمي إليها، في التصرف خارج إطار هذا "التحالف" وليس "الاندماج" إلا أنها تبقى بعيدا عن الهدف المنشود للتنسيقية. ورسم بن بيتور صورة قاتمة السواد لمستقبل البلاد في ظل تراجع مداخيل البلاد من النفط الذي يعتبر المورد الوحيد للجزائر، والتعبئة المفرطة للخارج في عدة مستويات، حيث إن 75 بالمائة، برأيه، من السعرات الحرارية التي يستهلكها الجزائريون تستورد من الخارج، إلى جانب التبعية في العملة الصعبة والجباية البترولية، وذكر أنه في 2013 استوردت الجزائر 73 مليار دولار، منها 65 مليارا بضائع و8 ملايير ناجمة عن تحويل أرباح الشركات الأجنبية العاملة في الجزائر. ويعتقد بن بيتور أن الجزائر ستواجه في أحسن الظروف الحائط خلال ال 5 سنوات المقبلة مقارنة بقدراتها المالية، لاستحالة الحكومة تقليص نسبة الاستيراد ب 60 بالمائة، وتخفيض النفقات على الأقل بالنصف، باعتبار أن سياسات الدولة تتجه نحو رفع النفقات وعدم تخفيض نسبة الاستيراد. ولتفادي الانهيار، يرى رئيس الحكومة الأسبق أن الحل يكمن في تغيير النظام ككل وليس الاكتفاء بتغيير الأشخاص، وهذا التغيير في اعتقاده يأتي عبر ثلاث إمكانيات، أولاها أن يعترف النظام القائم بأخطائه وغلطاته، ويعمل على تغيير نظام الحكم، غير أنه تأسف عن عدم ورود هذا الخيار بسبب تركيبة السلطة وسيطرتها على مقاليد الحكم منذ أكثر من نصف قرن، أما الخيار الثاني فيأتي حسب بن بيتور من خلال التفاوض بين المعارضة والسلطة القائمة. وهذا يتطلب بحسبه بناء توازن قوى بين الشارع والمعارضة وهو الخيار الذي يتطلب وقتا طويلا نظرا إلى الغلق الذي تمارسه السلطة على نشاطات المعارضة وتشتت الأخيرة.