قررت المعارضة الممثلة في الهيئة التشريعية، مقاطعة مراسيم المصادقة على مشروع تعديل الدستور، المقرر لها هذا الأحد، بقصر الأمم نادي الصنوبر في الضاحية الغربية للعاصمة، وكانت نقطة التقاطع في مبررات المعارضة أن الوثيقة الجديدة "ليست توافقية" وأن السلطة تود "فرض أمر الواقع لا غير". وأعلنت الكتلة البرلمانية لتكتّل "الجزائر الخضراء"، مقاطعة جلسة التصويت على المشروع التمهيدي للدستور المقرّرة يوم الأحد المقبل، بسبب رفضها له، حيث خرج اجتماع لنواب تكتّل الجزائر الخضراء، بقرار الامتناع عن التصويت ومقاطعة الجلسة. وجاء في بيان للنواب الممثّلين لمختلف أحزاب التكتّل، اطّلعت عليه "الشروق"، أنّ قرار المقاطعة يتماشى مع الموقف العامّ لتيار المعارضة، في حين أرجعت أسباب رفض التصويت على المشروع التمهيدي للدستور، إلى أنّ التعديل المقترح غير توافقي، ومميّع للمسؤولية السياسية بعد تحديد طبيعة النظام السياسي، إضافة إلى أنّه لا يكرّس الفصل بين السلطات والتوازن بينها واستقلالية القضاء، وبالتّالي فإنّ مختلف المواد المقترحة للتعديل لا تستجيب لتطلّعات التشكيلات السياسية المكوّنة لتكتّل الجزائر الخضراء والمعارضة بصفة عامّة، كما تمّ اعتبار مشروع التعديل الدستوري غير مكرّس للشفافية في الاستحقاقات الانتخابية، زيادة على أنّه أسقط عدّة مكتسبات يحوزها الدستور الحالي. واختتم نوّاب البرلمان الذين يعتزمون مقاطعة جلسة التصويت الأحد، بيانهم، بأنّ عدم عرض التعديل الدستوري على النقاش المعمّق والمشاركة الشعبية وحرمان البرلمان من المناقشة والحرّية في ذلك، يخلّ بقيمته كمشروع يؤسّس لمرحلة مقبلة. وأعلن الحزب ذو التوجه الإسلامي الآخر في البرلمان، جبهة العدالة والتنمية، كذلك مقاطعة جلسة التصويت، وصنف الموقف المتخذ أنه "انسجام مع مواقف الجبهة من خلال مقاطعتها لمسار المشاورات وانتهاء برفضها النسخة النهائية المعروضة للتصويت، ورفضها سياسة الأمر الواقع ومنطق لا أريكم إلا ما أرى". وقدمت الكتلة البرلمانية لجبهة العدالة والتنمية، أربعة أسباب لمقطعة الجلسة، أولها عدم التوافق على الوثيقة، وذكرت أن "أول القضايا التي يبتغيها أي دستور هو توافق جميع مواطني الدولة حول وثيقة دستورية توافقية تحقق طموحات الشعب، الأمر الذي يغيب عن هذا الدستور نظرا إلى المسار الخاطئ"، وثاني المبررات المقدمة بحسب بيان الكتلة "السلطة الحالية تؤكد مرة أخرى أنها لا تملك النية الصادقة في وضع دستور حقيقي، وتجلى ذلك من خلال تنظيم استشارة غير ملزمة شاركت فيها أحزاب وجمعيات الولاء، وقاطعتها المعارضة". وفي المبرر الثالث قالت: "هذا الدستور يرسم لإقامة دولة الاستبداد، ولنظام الأهواء والشهوات الذي أنتج وينتج الفساد"، ورابع الأسباب "إن اعتماد تغييب الشعب، في هذا التعديل الدستوري وتمريره عبر برلمان فاقد للشرعية ومحكوم بأغلبية مفبركة لا يجسد الوفاء للشهداء ولا يحقق أمل الأمة في دستور يكرس أحقيتها الكاملة في السلطة". على نفس الموقف تقريبا، جاء قرار الأفافاس بمقاطعة جلسة الأحد، وأورد بيان للحزب نشره على موقعه الإلكتروني "تعتبر جبهة القوى الاشتراكية المشروع المعروض للمصادقة مشروعا لا يخدم الشعب الجزائري ويهدد الاستقرار والانسجام الوطنيين، وتقرر مقاطعة برلمانيي الحزب لهذه الدورة الاستثنائية للبرلمان المنعقد بغرفتيه". وفي أسباب المقاطعة، قالت: "تشكل عملية وضع الدستور أو تعديلها مرحلة مفصلية في تاريخ أي أمة، لأن هذه العملية تهدف في الأساس إلى ضمان الانسجام والتلاحم الوطنيين، لكن النظام الجزائري فوت على نفسه هذه الفرصة، وجعل هذا الموعد مناسبة لتأزيم الوضع أكثر... تعتبر جبهة القوى الاشتراكية أن هذا المشروع ما هو إلا استمرار لمسلسل العنف الدستوري الممارس ضد الشعب الجزائري منذ دستور 1963". وتابع: "ينبغي لأي مشروع دستوري أن يعكس أوسع إجماع ممكن في المجتمع، وإلا كان مصيره الفشل. لذا تنادي جبهة القوى الاشتراكية بضرورة بدء مسار تأسيسي يشارك فيه كل الفاعلين السياسيين ومن المجتمع المدني قصد الوصول إلى إجماع وطني تكون فيه دولة القانون والديمقراطية وحقوق الإنسان ركائزه الأساسية". وأفاد الأفافاس كذلك: "تسجل جبهة القوى الاشتراكية نفسها خارج أجندة نظام لا تهمه إلا مسألة بقائه في السلطة مقصيا كل رأي مخالف".