تجمهر، قبل صلاة تراويح الأربعاء، على مستوى الطريق الوطني رقم 44 في جزئه المقابل لمقر بلدية بن مهيدي بولاية الطارف، العشرات من أقارب وأصدقاء ثلاثة شبان كانوا قد اختفوا منذ نهاية شهر ماي الماضي، على إثر قيامهم برفقة شباب آخرين من عنابة ورعايا أفارقة، بهجرة غير شرعية نحو أوروبا، على متن ثلاثة قوارب انطلقت من شاطئ ببلدية سيدي سالم بعنابة، ولم تظهر أي معلومة بشأن مصيرهم، الأمر الذي أدخل عائلاتهم في حيرة من أمرهم، وجعلهم يعيشون حالة من التوتر والتخبط لم يجدوا في ظلها كيف يتصرفون مع المصيبة التي نزلت بهم، وبمن يتصلون فأخذوا منذ الوهلة الأولى من غيابهم يبلغون الجهات الأمنية ويسألون ويبحثون في كل جانب، علّهم يعثرون على فلذات أكبادهم، وهم كل من (تونسي زكرياء، تونسي جمال وقرناني محمد) كلهم في العقد الثالث من العمر. غير أن جميع المحاولات باءت بالفشل، وظل بهم الحال على ما هم عليه، من حيرة وقلق إلى أن وصلتهم معلومات تؤكد بأن أبناءهم قاموا بالحرقة نحو الأراضي الأوربية، ومعلومات أخرى متداخلة ومتناقضة زادت من حدة قلقهم وتوجساتهم، آخرها خبر يفيد بأنهم متواجدون بالأراضي التونسية، وتحديدا في ولاية جندوبة، بعد أن ألقى عليهم حراس السواحل التونسية القبض، وتم إيداعهم سجن بلاريجا المدني هناك، فأخذ أولياؤهم يتنقلون إلى الأراضي التونسية ويقومون برحلة مسح، طافوا من خلالها عبر المناطق القريبة من الحدود الجزائرية، مثل جندوبة وعين دراهم وطبرقة وملولة ونفزة وسجنان وبنزرت، واقتربوا من المصالح الأمنية والسجون الموجودة هناك، لكنهم عادوا بخفي حنين، ولم يستطيعوا كشف مكانهم، ومع هذه المشقة والمعاناة التي تجشموها مدة طويلة، وأفسدت عليهم أيامهم الرمضانية، لم يجدوا إلا التحرك مجددا، والقيام بحركة احتجاجية سلمية قاموا بها، عشية أول أمس، ما بين وقتي المغرب والعشاء، حيث توافد العشرات من أقارب وأصدقاء المختفين وجيرانهم، وأعداد أخرى من المتضامنين الذين روجوا لحركتهم، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حاملين لافتات كتبوا عليها عبارات مختلفة مثل: "الضحايا ليسوا متطرفين، والقانون الدولي لا يعتبر المهاجرين بطرق غير شرعية مجرمين"، ولافتات أخرى متنوعة ناشدوا من خلالها رئاسة الجمهورىة الجزائرية، ونظيرتها التونسية أن تتدخلا وتعملا معا على كشف مصير أبنائهم. كما طالبوا السلطات الولائية والمحلية والأمنية بالبلدية أن يتوسطوا وينسقوا مع نظرائهم التونسيين لأخذ القضية مأخذ المتابعة والتحري، ومعرفة وضعية مصير أبنائهم الذين تأكدوا بأنهم في تونس، أحياء أم أموات.