في الوقت الذي يدور فيه الحديث عن حتمية إيجاد بديل فعال ودائم للذهب الأسود الذي لا تزال أسعاره في تقهقر مستمر بالأسواق العالمية، وفي الوقت الذي راهنت فيه بعض الجهات على السياحة كبديل للبترول، لا تزال جل بلديات ولاية بجاية تعاني من الانتشار العشوائي للمفارغ العمومية، الأمر الذي أثر سلبا على الصحة العامة وشوّه منظرها الجمالي بحكم أن هذه البلديات من جهة تتميز بالمناظر الخلابة. ومن جهة أخرى، تواجد هذه المفارغ العشوائية في مداخلها ومخارجها وبالتالي فهي في هذه الحالة تستقبل المواطنين والزوار بهذا الوجه، والأكثر من ذلك فإن معظم هذه البلديات ذات صيغة سياحية ساحلية، بحيث تتوفر على الشواطئ التي يقصدها المصطافون للاستجمام أو أنها مناطق عبور نحو هذه الشواطئ من خلال شبكة الطرقات المؤدية إليها، وتشوّه المفارغ العشوائية معظم الطرقات الوطنية التي يسلكها السائح قبل الوصول إلى شواطئ بجاية، إذ لا تزال في هذا الصدد أطراف الطريق الوطني رقم 26 الرابط بين بجاية والعاصمة، زيادة على الاكتظاظ المروري الرهيب الذي يلازمه منذ سنوات، تغرق في أكوام من القمامة مثله مثل الطريق الوطني رقم 24 الذي يربط بجاية بولاية تيزي وزو عبر الشريط الساحلي، أين تقابل زوار الولاية مفرغة بوليماط التي عادت إلى الوجود أشهر قليلة من غلقها، بسبب العيوب التي طفت على السطح بمجرد فتح مركز الردم التقني للنفايات، الوحيد على مستوى تراب الولاية. وإذا عرجنا نحو الجهة الشرقية للولاية فإن الأمور تتعقد هناك أكثر فأكثر وكأنه لا وجود لأي قطاع يحمي البيئة والمحيط بهذه الولاية، والدليل تواجد إحدى هذه المفارغ على شاطئ البحر بمنطقة أوقاس، دون الحديث عن مفرغة سوق الاثنين التي تتواجد على حافة واد أڤريون الذي يصب كما يعرف الجميع في البحر، وحتى الطريق الوطني رقم 9 الرابط بين بجاية وسطيف لم ينجو هو الآخر من هذه المظاهر السلبية التي تشوّه سمعة الولاية، كون أغلب المفارغ البلدية متواجدة على حافة هذا الطريق على غرار مفرغة درڤينة، والغريب في الأمر أن معظم هذه المفارغ، التي تبقى وصمة عار على مسؤولي الولاية، يتم حرقها مما يتسبب في تشكل سحابة ضخمة من الدخان تحجب الرؤية حتى على السواق الذين يجدون صعوبات جمة لرؤية الطريق في هذه الأماكن دون الحديث عن الاختناق الذي تشكله الغازات التي تندلع من هذه المفارغ وروائحها الكريهة خاصة في هذه الفترة. هو واقع تقشعر له الأبدان ويندى له الجبين، بعدما غرقت الولاية في نفاياتها لتفقد بذلك لقب أنظف ولاية على المستوى الوطني، الذي تحصلت عليه سنوات الثمانينات، ورغم أن بجاية تضم شواطئ ساحرة تستقطب أعدادا كبيرة من المصطافين كل موسم اصطياف من خلال شهرتها التي وصل مداها إلى خارج الوطن، غير أن ذلك لم يشفع لها العمل على القضاء على المفارغ العشوائية ووضع بدلها مفارغ وفق المعايير المعمول بها، باعتبار أن عددا من المفارغ العشوائية تضم نفايات سامة وخطيرة والناتجة عن بعض النشاطات الاقتصادية، وعلى هذا الأساس وجب القضاء على المفارغ العشوائية وتفادي وضع العمومية في المناطق السياحية وتلك التي تتوفر على تجمعات سكانية، كون النفايات عدو السياحة ومن أراد استقطاب السياح عليه بتنظيف منزله- يقول الملقب ب"العصفور" أحد فلاسفة أوقاس.