يُروى، والعهدة على الراوي، أن مسؤولي بلدية بالعاصمة، وما أدراك ما العاصمة، اقترحوا على مواطنين رحّلوا حديثا إلى حيّ جديد، تجميد تدريس أبنائهم والتزامهم بسنة بيضاء إلى غاية العام المقبل، والسبب يا عباد الله هو أن هذا الحيّ لا يحتوي مدرسة لتدريس أبناء المرحّلين، فصدّقوا أو لا تصدّقوا! أكيد أننا وأنكم تصدقون أنه ليس هناك مدرسة، لكن الذي لا يصدقه عقل، هو هذا الطلب العجيب الملعون، الذي يقترح تعليق الدراسة إلى غاية بناء مؤسسة تربوية، فلا حول ولا قوّة إلاّ بالله العظيم.. وعزاؤنا أن ندعو الله الستر والعافية، ولا نسأله ردّ القضاء، وإنما نسأله اللطف فيه. من الطبيعي في ظل هذه المعطيات أن تنفجر قنابل شديدة المفعول، يُشعلها كبريت الفوضى والغضب. وهنا، لا أعتقد أن اللوم يعود على مدير مدرسة قديمة، لا يُمكنها أن تستوعب من التلاميذ إلا ما بوسعها، ويُمكنها أن تتحمل اكتظاظا رهيبا، لكن هل يُعقل أن يُفرغ برميل الماء في فنجان القهوة؟ إذا كان هذا هو الحاصل بالعاصمة، فماذا يحصل في بلديات الجزائر العميقة، والربوات المنسية؟.. إن هذه المهازل المبكية المضحكة، يتحمّل وزرها مسؤولون محليون، ومعهم وزراء بعض القطاعات، وولاة ورؤساء دوائر وأميار، لا يُجيدون في الأول والأخير سوى البهرجة وتدشين المدشّن! عدم مرافقة مشروع سكني من ألفي مسكن أو أكثر، بمؤسسات تربوية، يعني أن الساكنين الجُدد سيُضطرون إمّا إلى إبقاء أبنائهم في مدارسهم الأصلية، محلّ إقاماتهم القديمة، وإمّا إلى الانتقال إجباريا واضطرارا إلى أقرب مدرسة من الحيّ الجديد، وبما يسمح به التوزيع الإقليمي. وهنا تحدث الكارثة، فتتنامى المشاكل بين السكان القدماء والسكان الجدد! هو سوء التسيير وقصر النظر، يعيث في الأرض فسادا، وبعدها لن ينفع أيّ تبرير، ولن يكون أيّ حلّ وبديل مهما كان سريعا، شافيا وواقيا لبروز آفات اجتماعية ومشاكل يدفع ثمنها قطاعات وهيئات أخرى، لا ناقة لها ولا جمل في المشكل، ليبقى المتورطون الفعليون بعيدا عن "التمرميدة"! نعم، الحلّ في الصبر، لكن للصبر حدود، فشهادات المتألمين تؤكد أن بعض الأحياء الجديدة تفتقد المرافق العمومية، وأهمها المدارس، منذ أكثر من 5 سنوات بعد دخول مواطنيها، وهذه هي المصيبة التي عجز عن حلها أميار وولاة، يقولون ما لا يفعلون، ويتحدثون أكثر ممّا يسمعون، وهذه واحدة من أسباب الألغام التي تلغمنا هنا وهناك.. فهل من آذان مصغية؟ أم لا حياة لمن تنادي؟