أثارت قرصنة موقع "الشروق أون لاين" الكثير من التساؤلات عن السر وراء اللجوء إلى ضرب الموقع العربي الأول المتخصص في الإعلام، حسب آخر تقارير موقع "أليكسا" العالمي، وكذا توقيت هذه الضربة النوعية التي حاولت من خلالها جهات مصرية مشبوهة القضاء على صوت الشروق التي صارت تمثل إحراجا للنظام المصري، لأنها واجهته بغير ما ألف أن تواجهه به عادة الصحف العربية. * ورغم أن محاولات القرصنة المصرية قد بدأت بشكل لافت منذ شهر أكتوبر الماضي، إلا أن الطريقة التي عمد إليها القراصنة هذه المرة تختلف اختلافا كبيرا عن محاولات الاختراق الكلاسيكية، وأدت تقنياتهم الحديثة إلى اختراق المؤسسة الأمريكية المسؤولة عن تأمين اسم نطاق الجريدة، ثم الاتصال بالشركة التي ترعى خوادم الشروق "السيرفرات" وعرض شرائها، وهي التي تُقدّر بمئات الآلاف من الدولارات (الخوادم لوحدها تقدر ب120 ألف دولار دون احتساب المادة الإعلامية)، وهذه المعطيات وردت من الشركة الراعية نفسها التي رفضت عرض الشراء، رغم حرص القراصنة في رسالة لاحقة نشروها على موقع "الشروق" على نفي هذه المعلومة، وهو أحد التناقضات التي وقع فيها القراصنة الذين غطوا على جريمتهم بدعاوى عريضة من بينها التأكيد على العروبة ورفض الفتنة بين البلدين وهي أشياء لطالما كتبت حولها الشروق ودافعت عنها قبل أن يحولوا الموقع لأيام إلى واجهة إعلانية تدر الأموال على أصحابها! * وبعد الفتنة الكروية وما حدث في مباراة الجزائر ومصر، لم تجد بعض الفضائيات المصرية التي يعد برامجها "الكباتن" سوى تعليق الفشل الإعلامي الذريع الذي مُنيوا به والفضيحة التي كشفها الملايين عبر العالم بالصوت والصورة، على مشجب "الشروق" التي تحولت إلى العدو رقم 1 للإعلام المصري المُنحاز وغير المُحايد، وكأن "الشروق" هي التي قذفت المنتخب الجزائري بالحجارة أو هي التي واجهت الأنصار الجزائريين في القاهرة بالعصي و"المطاوي"، وكأنها هي كل سبب للبلاء في مصر الشقيقة التي نحرص على التأكيد أن لا علاقة لشعبها بالنظام الذي يقتات على الخيبة العربية والمآسي الفلسطينية. * ظهور نجم الشروق قبل وبعد مباراة القاهرة، ثم أم درمان جعلها تحتل رقما متقدما في وسائل الإعلام المكتوبة التي يطّلع عليها المصريون أنفسهم، فترتيب أليكسا جعلها في المرتبة 60 مصريا، وهو رقم متقدم يفوق في الترتيب جريدة الأهرام المصرية، على اعتبار أن ترتيب المواقع يأخذ في عين الاعتبار كل المواقع التي يتصفحها المصريون، وفي مقدمتها موقع غوغل وياهو باقي المواقع التي تقدم خدمات البحث والبريد. * هذا التقدم جعل ولو بشكل يُناقض رغبات دكاكين الفتنة المصرية الشارع المصري يستقي كثيرا من الأخبار عبر الشروق التي بدأ يُخشى من تحولها إلى مصدر للخبر داخل مصر، لاسيما بعد ما وقفت سدا منيعا أمام حملات الدعاية الإعلامية المُغرضة التي بدأت بالدعاء على كل الجزائريين، وانتهت بسب الشهداء والتعدي على رموز الجزائر وتاريخها وثوابتها بعد تأهل الجزائر إلى المونديال وافتعال أزمة متوهمة في أم درمان ظهر أنها كانت زوبعة في فنجان سرعان ما افتضحت أمام وسائل الإعلام العالمية. * وموازاة مع الأزمة المصرية التي تمخضت عن فشل مصر في التأهل إلى المونديال، وعلى رأسها مشروع توريث جمال مبارك، طفت على السطح فضائح كثيرة أولاها فضيحة جدار العار الفولاذي الذي حاصر به النظام المصري سكان غزة وقدم به خدمة للنظام الصهيوني بعيدا عن كل الاعتبارات الإنسانية والأخلاقية، وكذا قضية تدوير منصب الأمين العام للجامعة العربية التي تصر مصر على كونه ماركة مصرية مسجلة، لاسيما بعد صعود الجدل بشأنه عشية انعقاد القمة العربية بليبيا في 29 مارس الجاري. إضافة إلى الأزمة التي يجد فيها النظام المصري نفسه عقب مرض الرئيس مبارك، موازاة مع تشويه سمعة كل من يمكن له مواجهة جمال مبارك في المعركة الانتخابية الحاسمة التي قد تمدد رهن مصر لعقود إضافية. * أمام هذه الأزمات المعقدة، بدا جليا أن الإعلام الذي يفضح ممارسات النظام المصري يمثل العدو الأول له، وهو ما يجعله موضع استهداف بدأ بمحاولات اختراق بسيطة إلى محاولات معقدة انتهت بالسطو على موقع الشروق قبل استرجاعه، وهل كان هذا السطو منظما وتحت رعاية "سامية"، أم أنه كان بواسطة طابور خامس يقدم خدماته للنظام المصري ويطمس الحقيقة بالبحث عن مشجب جديد يُحمّل أخطاء نظام في تسيير أزماته، هذا ما ستكشف عنه الأيام.