الطيار لطفي رايسي / تصوير بشير . ز الحكومة البريطانية تورطت مع جزائري حر لا يقبل الإهانة تعرضت لمحاولتي اغتيال من قبل سجناء مأجورين يقول الطيار لطفي رايسي الذي أصبحت قضيته مع وزير العدل البريطاني من أجل الاعتذار لاتهامه ظلما بتدريب طيار قام بتفجير مبنى البنتاغون الأمريكي عقب أحداث 11 سبتمبر 2001، من أبرز مواضيع الفضائيات البريطانية، أنه لن يقبل التنازل عن مبدأ الاعتذار علني يصرح به وزير العدل، مضيفا أن "أبناء الأمير عبد القادر والمقراني والعربي بن مهيدي لن يتنازلوا عن قضية قد تمس كرامتهم". * وأكد رايسي في حواره مع "الشروق" يوم قدومه للجزائر العاصمة، أن تجاوزات كبيرة في استعمال السلطة واختراق القانون مع استعراض للعضلات، وقعت فيها كل من شرطة سكوتنلديار لمكافحة الإرهاب برفقة النائب العام باتهامه بأنه درب مفجر مبنى وزارة الدفاع الأمريكية. * كيف كانت رحلة لطفي رايسي باتجاه الولايات المتحدة في بداية الأمر؟ * ذهبت لأمريكا وفق مبدأ الشعب المتعلم لا يجوع، لكني وقعت ضحية ما يسمونه مكافحة الإرهاب وقضيتي لا علاقة لها بالإرهاب لا من بعيد ولا من قريب، وعلى المواطن الجزائري أن يدافع عن نفسه من موقع تواجده وبما يسمح به القانون وأنا دافعت عن قضيتي من منطلق قضية مبدأ وشرف. * * كيف تعامل القضاء البريطاني مع قضيتك؟ * بعدما أوقفت، سجنت لمدة تقارب خمسة أشهر، والقاضي حكم بانتفاء وجه الدعوى، وليس حكم براءة "أركز على ذلك"، معناه أن قضيتي ليست لها أساس في الأصل بعد مرور 5 أشهر، بعدها دافعت عن نفسي في المحاكم وأسست محامين كبار على غرار المحاميين جوليكار وايديوارد فيدس جيرالد لرد الاعتبار، ودامت القضية 6 سنوات إلى غاية 2008، وانتصرت على الحكومة البريطانية بعدما أنصفني القضاة الذين أكدوا أن لا علاقة لي بالإرهاب، حيث أن الحكومة البريطانية أخطأت في حقي، خاصة وأن المحكمة وجدت تجاوزا من طرف شرطة سكوتلنديار ومن طرف النائب العام. * * كيف حصل التجاوز من قبل الشرطة البريطانية والنائب العام؟ * هناك تجاوزات كبيرة في استعمال السلطة واختراق القانون من قبل شرطة سكوتلنديار الفرع الخامس والسادس لمكافحة الإرهاب برفقة النائب العام بهدف تمديد المدة لبقائي في السجن أطول مدة، والأمريكان طلبوا فرض الرقابة على كل الطيارين والطيارين المدربين المقيمين بالمملكة البريطانية، غير أن الشرطة البريطانية بمساعدة النائب العام قامت باستعراض العضلات، وألقت علي القبض في بريطانيا، وبعدها طلبت السلطات الأمريكية من نظيرتها البريطانية ترحيلي، وانسحبوا من القضية وتركوا البريطانيين متورطين بعد ثبوت أنه لا علاقة لي بالإرهاب. * * ما هي الأدلة التي حاولت الشرطة البريطانية الاستدلال بها؟ * بعد طلب ترحيلي كنت أقدم لجلسات المحكمة كل أسبوع، ولم تُحضر النيابة العامة الأدلة، وعليه أطلق القاضي سراحي، بعد مرور قرابة 5 أشهر. * * .. معذرة على أي أساس تم توقيفك؟ * على أساس أنني طيار ومدرب للطيارين، جزائري، عربي ومسلم.. هذه هي الدوافع التي جعلتهم يقدمون على توقيفي، بصنع سيناريو لا أساس له. * * ماذا طلبت من القضاء؟ * المحكمة أقرت واجب مراجعة وزير العدل البريطاني لقراره وتقديم اعتذار علني مع التعويضات، وأنا أرى أنه يجب الاعتذار أولا علنيا قبل أي تعويض، لأن رايسي ليس له علاقة بالإرهاب، واليوم (الأحد) وأنت تحاورني بقي من مدة تقديم الاعتذار 26 يوما، وفي حال عدم صدور اعتذار من قبل وزير العدل فإنه سيخرق القانون ومعناه إهانة القضاة البريطانيين وجهاز العدالة، والقضاة ينتظرون ولن يسمحوا بذلك، حيث أن لديهم كل الأدلة التي تفيد أنه لا علاقة لي بالإرهاب، وأن شرطة مكافحة الإرهاب والنائب العام تعاملا مع قضيتي بتمييز وسفاهة "سباتثيك"، وأؤكد هنا أن هيئة القضاء المتكونة من القاضية لايدي سميث والقاضي لوردهوبر و"الماستر أوف ذو رولس" رئيس المحكمة العليا الحاضر في أطوار المحاكمة، اعتبرت، خلال النطق بانتفاء وجه الدعوى، سنة 2008، بأن هناك إهانة للقضاء إذا لم يُقدم الاعتذار، والقاضية لايدي سميث قالت "السيد رايسي لديه الحق ليغضب عن هذا التأخير في تقديم اعتذار"، وأن "رايسي تعرض لحالة من خرق في القانون البريطاني". * * قلت إن توقيفك تم بسيناريو، فهل ذُكر لك خلال المحاكمات الشخص السعودي الذي ادعى الأمريكان أنه متورط في تفجير مبنى البانتاغون (وزارة الدفاع الأمريكية)؟ * في الحقيقة كل ما لديهم أنهم قالوا بأنهم يمتلكون شريط فيديو أظهر فيه مع من فجر مبنى البانتاغون.. ولكن في واقع الأمر قدموا للعدالة صورة التقطت لي مع ابن عمي الجزائري بمنزلي ببريطانيا وهو شخص لا علاقة له بعالم الطيران أصلا، وادعوا بأنه هو الشخص السعودي الذي قام بالتفجير. * * هل هذا هو الدليل الوحيد المقدم للعدالة؟ * هذا فقط، أولا قالوا إنني دربت 20 طيارا، ثم 5 طيارين، ثم طيار واحد، ثم انتهوا بأنني صُوّرت مع طيار واحد وهو ابن عمي، ولكن المشكل أنني منذ 9 سنوات وأنا أدافع عن قضيتي أنا وعائلتي فقط، وللأسف الشديد فقد كنت في القائمة السوداء لمدة 9 سنوات في ميدان الطيران ولم أجد أحدا من يسأل عني من مسؤولي بلدي وقال كيف حالك... * * كيف قضيت الأشهر الخمسة بسجن "بال مارش"؟ * كادت مدة السجن أن تكون فرصة لبعض الجهات للتخلص مني، فقد تعرضت لمحاولة اغتيال في سجن "بال مارش" مرتين من قبل سجناء مبعوثين من جهات أخرى... * * من أين استمد لطفي رايسي قوته في الدفاع عن نفسه؟ * شرف كبير أن يطلب مواطن جزائري من وزير العدل البريطاني الاعتذار، وهو شيء عظيم، ولطفي رايسي يقول إن قوته استمدها من مقولة الرئيس الراحل هواري بومدين رحمه الله "الشعب المتعلم لن يجوع"، ولهذا ففي ذاكرة لطفي وصميم قلبه العلم، الذي دفعني للذهاب لأمريكا وبريطانيا للرجوع كطيار ولكن.. بدون تعليق.. فقد ظلمت. * المهم الآن أن الحكومة البريطانية ورطت نفسها في أمر تسبب لها في إشكال قانوني ما بين هيئاتها، واعترفت ضمنيا بأنها اصطدمت بجزائري لن يتسامح، وأقول إن أبناء الأمير عبد القادر والمقراني والعربي بن مهيدي وشهداء الثورة التحريرية لن يسمحوا بالنيل من كرامتهم. * وأطلب من الحكومة البريطانية أن تقدم اعتذارا آخر للشعب الجزائري علنيا، وأرى أن بريطانيا قلب أوروبا، معناه أن اعتذار بريطانيا سيقوي مطلب الشعب الجزائري لإلزام الحكومة الفرنسية على الاعتذار لجرائم فرنسا الاستعمارية بالجزائر. * * أتتوقع اعترافا من وزير العدل البريطاني؟ * ليس لديه خيار آخر.. عليه تقديم الاعتذار وإلا سيعد ذلك اختراقا للقانون البريطاني وإهانة للقضاة. * * ماهو حجم تعويضك المادي؟ * أعتقد أن قضيتي قضية مبدأ، والحق يعلو ولا يعلى عليه، فليحتفظوا بأموالهم لأني دافعت عن مبدإ وليس عن المال، وعليه يجب على الحكومة البريطانية أن تعتذر بعدما برأتني المحكمة من تهمة الإرهاب. * * هل امتهنت وظيفة في ميدان الطيران ببريطانيا عقب خروجك من السجن؟ * بعدما ألقي علي القبض سنة 2001، ورغم قرار انتفاء وجه الدعوى، طالبت بالتعويض والاعتذار لكن الحكومة البريطانية وضعتني في القائمة السوداء، حيث صرح السفير البريطاني في الجزائر سنة 2002 لقناة أجنبية أن رايسي ضمن القائمة السوداء، ولهذا لم أحصل على أي وظيفة، منذ 9 سنوات في ميدان الطيران، وللأسف يضعون الجزائريين جميعا في دائرة المشبوهين، رغم أن الشعب الجزائري هو من عانى حقيقة في سنوات التسعينيات من الإرهاب. * * وماذا عن مسارك كطيار؟ * ككل جزائري تشبعنا بمقولة الراحل بومدين "الشعب المتعلم لن يجوع"، ذلك ما دفعني ما بين سنتي 1994 و1995، للتوجه نحو أمريكا، وبعد حصولي على الشهادات كطيار في كل أنواع الطائرات وكمدرب للطيارين، عدت إلى بريطانيا لأني أردت أن أقيم بأوروبا، وقد دربت طيارين من أمريكا وأوروبا وافريقيا وهم يعملون حاليا في ميدان الطيران، يبلغ عددهم حوالي 50 طيارا. * * هل تقلدت وظيفة في ميدان الطيران؟ * كنت مقبلا على الالتحاق بشركات طيران أمريكية على غرار "يوناتيد أير لاينز" و"ساوث واست" قبل أن يلقى علي القبض. * * يقال إن زوجتك أجنبية؟ * غير صحيح.. زوجتي جزائرية وابنتي حنان التي تبلغ من العمر 7 أشهر جزائرية. * * ما مدى تأثر العائلة بما حصل لك؟ * ككل عائلة جزائرية تحمّلت هذا الابتلاء وتقبلته والحمد لله. * * كيف هي حياتك وهل تزور الجزائر باستمرار؟ * أقوم بزيارة بلدي باستمرار، فقد دخلت الجزائر مساء أمس فقط (السبت)، حيث أنني أنشأت شركة في مجال الطاقة ببريطانيا، وأعترف أنه لم تصادفني عقبات، حيث أزور الجزائر من أجل العمل بحكم امتداد النشاط. * * هل يفكر لطفي في العودة لمجال الطيران؟ * أقول لك إنني في القائمة السوداء، معناه أنه ليس لدي حق في التحليق أو التدريب. * * لكن إذا اعتذر وزير العدل البريطاني؟ * حتى ولو حذفوا اسمي من القائمة السوداء، لكنهم دمروا حلم الطيران لدي لأصبح طيارا مجددا، ولا أريد صراحة العودة إلى ميدان الطيران لأنني عانيت منه كثيرا. * * هل تعتقد أن يجد وزير العدل أي سبب كي لا يعتذر؟ * ليس لديه خيار بسبب المدة المحددة ب 28 يوما، لتقديم الاعتذار علنيا عن تلك الخروقات القانونية، التي قام بها الفرع الخامس والسادس لشرطة سكوتلنديار برفقة النائب العام. * * لديك أمل كبير في ربح الاعتذار؟ * ربحت القضية سنة 2008، لكن يجب الاعتذار، لأنه إذا لم يحدث هذا سيُخترق القانون علنيا، كما أنها إهانة في نفس الوقت للعدالة البريطانية. * * كلمة أخيرة.. * أشكر الشعب الجزائري الذي ساندني لمدة 9 سنوات، والذي لم يقبل هذه الحڤرة، وتأسفت كثيرا لعدم وقوف السلطات الجزائرية إلى جانبي، ولقد تأثرت كثيرا بوقفة "الشروق" ضد القنوات الفضائية المصرية عقب مباراة الجزائر ومصر، من خلال متابعتي لها عبر الانترنت من بريطانيا، حيث تصدت لمن أرادوا إهانة ثوابت الأمة *