في أوج معركة الجزائر، التي لعبت فيها المرأة المتحجبة الأدوار الأولى، لم يخطر على بال الحاكم المقيم حتى مجرد التفكير في إلزام الجزائريين بهويات تتخلى فيها المسلمة عن الجلباب، ويحمل فيها المسلم على حلق اللحية والعفو عن الشارب. * فهل كانت سلطة الاحتلال أعلم بالقاعدة الذهبية في التعامل مع الرعية المسلمة من وزير الداخلية في حكومة، دستورها يدعي أن الإسلام دين الدولة؟ أم أن الوزير بات يعتقد أنه قد ولي الأمر على عباد له وليس على عباد الله، فلا يخشى أن يسوقهم إلى مشارف فتنة في الدين بقرار، إن هم أطاعوه فيه فقد عصوا الله، وإن أطاعوا رب ولاة الأمر أخذوا بما يؤخذ به اليوم من يعصى ولي الأمر. * إعادة إحياء الجدل حول الحجاب واللحية على هامش مشروع العمل بالوثائق البيوميترية، فيه ما يدعو إلى الحيرة، ومعها العودة إلى مربع التشكيك والتساؤل عن الأهداف والغايات من إجراء، سبق للسلطة أن قاست بشأنه مدى استياء المواطن منه، لأنه في حكم "الأمر بما لا يستطاع" وعلى اعتبار أن ما يأمر به أولياء الأمر يكون في ما لم يمنعه نص شرعي، ولا يتعارض مع أحكام دستور البلاد الذي اتخذ من الإسلام دينا للدولة. * مفردات الجدل الجديد القديم، وردود الأفعال عند الأحزاب الإسلامية كانت متوقعة، حتى عند حزب إسلامي شريك في السلطة مثل حمس، كان يفترض منه أن يكون ناصحا للحكومة قبل أن يتورط وزير الداخلية في الجهر بقرار، لن يكون من السهل عليه وعلى الحكومة التراجع عنه، أو المضي في تنفيذه إلا بكلفة سياسية عالية لها تداعيات لا يتوقعها. وكان يفترض من حركة حمس الشريكة في الحكم أن تلفت انتباه الحكومة إلى قاعدة ذهبية، سارت عليها أغلبية نظم الحكم في تعاملها مع رعاياها المسلمين، بما في ذلك نظم الحكم الموصوفة عند المسلمين بالفاجرة أو المستبدة، ومعها حكومات الاستعمار القديم والحديث. وهي القاعدة ذاتها التي تحرص اليوم كثير من الحكومات الغربية على التعامل معها بقدر عال من الحذر، حين يتعلق الأمر بمعتقدات مواطنيها الدينية. * * جلابيب الحكمة لستر عورات الحكام * منذ أسبوعين كنت قد ذكرت بواحدة من مفردات هذه القاعدة، في ما ينبغي أن تكون عليه العلاقة في بلد مسلم بين "سياسة الناس في الناس" و"سياسة الله في الناس" ونبهت في المقال إلى وجوب العودة الآمنة لعلاقة حكمت المسلمين وحكامهم عبر العصور، ارتضى خلالها عامة المسلمين من حكامهم الامتناع عن تعطيل الشريعة، التي هي "سياسة الله في خلقه"، فلم ينازعوهم في الملك الذي هو "سياسة الناس في الناس" وأنه "حتى سقوط الخلافة الإسلامية مطلع القرن الماضي"، كانت النخبة العالمة من الفقهاء ترضى من الحاكم في الحد الأدنى ألا يعطل "سياسة الله في خلقه" وترجو ألا تكون "سياسة الناس في الناس" التي هي من شأن الملك في صدام مع "سياسة الله في خلقه". فامتثال الحاكم لإمضاء سياسة الله في خلقه يحقق مفهوم ''دولة للمسلمين'' أما متى وفق المسلمون في اختيار ولاة أمر يمضون أحكام "سياسة الله في خلقه" كما يستنبطها الفقهاء المجتهدون في جو من الحرية والاستقلال، ويجتهدون في "سياسة الناس في الناس" بما لا يتعارض مع "سياسة الله في خلقه" فذلك ما يحقق مفهوم "الدولة الإسلامية". * * طاعة الوزير في معصية ملك الملوك * واجب حسن الظن بوزير الداخلية وحكومة السيد أويحيى يميل بنا إلى الاعتقاد أن الوزير ومعه جانب من الحكومة، لم يكونوا على علم أن ارتداء الجلباب بالنسبة للمواطنة المسلمة هو فرض من فروض العبادات محكوم بنص قرآني، وليس محض اجتهاد أو تقليد في الملبس، وأن الأمر بتعطيله بأي شكل من الأشكال، وتحت أية ذريعة، هو تعطيل لحكم شرعي من الأحكام التي لا تحل معها طاعة ولي الأمر بموجب القاعدة الفقهية "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" وأنه جاء في نصوص قرآنية قاطعة، وأحاديث صحاح لم تترك للمسلمة الخيرة. * فأما النصوص القرآنية، فمن سورة الأحزاب الآية (59): "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا" ومن سورة النور الآية ((31: "وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ". * * تحكم العباد بالباطل في أحكام العبادات * ومن السنة في الصحيحين أكثر من حديث يأمر المسلمات بالجلباب في كل الأحوال. ففي صحيح البخاري، عنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ:"أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ الْحُيَّضَ يَوْمَ الْعِيدَيْنِ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ فَيَشْهَدْنَ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَدَعْوَتَهُمْ وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ عَنْ مُصَلَّاهُنَّ، قَالَتْ امْرَأَةٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِحْدَانَا لَيْسَ لَهَا جِلْبَابٌ قَالَ لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا" وفي صحيح مسلم:عن أم عطية: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُخْرِجَهُنَّ فِي الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى الْعَوَاتِقَ وَالْحُيَّضَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلَاةَ وَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِحْدَانَا لَا يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ قَالَ لِتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا" * وليس ثمة خلاف بين الفقهاء المسلمين أن "الجلاليب، جمع جلباب، هو ثوب أكبر من الخمار. وروى عن ابن عباس وابن مسعود أنه الرداء. وبهذا المعنى كانت الآية من سورة الأحزاب آمرة لجميع بنات ونساء المسلمين بستر أجسادهن، وإذا ضمت إليها آية سورة النور كان هذا الستر من قمة الرأس إلى أخمص القدمين فيما عدا الوجه والكفين، وعلى ألا تصف الملابس الجسد أو تبدى تفاصيله. * * لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق * والحال، من أين يأتي وزير الداخلية برخصة تبيح له حمل المسلمات على عصيان أمر شرعي قطعي لا ترخيص فيه، لا للمأمور ولا لولي الأمر، محكوم بقاعدة "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق"؟ فالحجة الأمنية، حتى لو كانت ثابتة، لا تبطل الحكم الشرعي. ومثله القول بالامتثال لإجراءات المنظمة الدولية للطيران، والقوانين التي سنتها الكثير من الدول بشأن إجراءات عبور الحدود والموانئ والمطارات، فهي لن تقوى على تعطيل حركة الأفراد مع أكثر من خمسين دولة مسلمة، تربطها بها علاقات ومصالح لا تحصى، وقادرة على أن تتعامل مع العالم بمبدأ المعاملة بالمثل، كما نجح الزعيم الليبي في فرضه على الأوروبيين مؤخرا. وحتى لو لم يكن ذلك ممكنا، وأصر الغرب على منع المسلمات المحجبات من دخول أراضيه، فإن من واجب حكومات الدول المسلمة أن تترك حرية الاختيار للمسلمات. فقد تختار الأغلبية منهن مقاطعة زيارة الدول التي تفرض عليهن الامتثال لأمر خلع الحجاب عند المخافر الأمنية، على اعتبار أن المسلم لا يضره أن تسن حكومته أو أي حكومة قانونا يتعارض مع شريعة الله ما دام لا يلزمه شخصيا بمعصية الله. فمعظم الدول الإسلامية تبيح اليوم تجارة الخمور ومقارعتها، ولا تحرم الربا بل تشجع عليه، ولا تحد الزاني، وتجتهد لتعطيل إقامة الحدود، فهل يحل للمسلم وقتها شرب الخمر، والتعامل بالربا، والاقتراب من الزنا بحجة أن سلطة بلده لا تحرمها؟!. * * المتشابه عند الحكام في تعطيل المحكم من الأحكام * ثمة بالتأكيد وهم عند وزير الداخلية، وعند أمثاله في حكومات الدول الإسلامية بين أمور ثلاثة: امتناع الحكومة عن العمل بحكم شرعي، مثل إباحة التعامل بالربا، أو إباحة شرب الخمر والمتاجرة بها، وما إلى ذلك من القوانين الوضعية في باب المعاملات، وبين تشريع قوانين تلزم المسلم بالدخول في معصية أمر شرعي كمنعه من أداء الصلاة، وبين التشريع وفق ما تقتضيه الضرورة والحاجة في منطقة الفراغ حيث لا يوجد نص شرعي يحرم أو يحلل، كما فعل الخليفة عمر في أمور نوردها لاحقا. * فقد أُمر المؤمنون بطاعة الله ورسوله وأولي الأمر بنص الآية 59 من سورة النساء. وقد فهم جمهور الفقهاء أن إقامة الحكام وولاة الأمر من فروض الدين، فقال ابن تيمية: "إن ولاية الناس من أعظم واجبات الدين، ولا قيام للدين إلا بها، فإن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع، ولا بد لهم عند اجتماعهم من رأس، وهذا أمر يكاد يكون متفقا عليه بين الأمة الإسلامية جميعا" وجاء في "الفصل في الملل والنحل" لابن حزم "إذا كانت إقامة أولياء الأمور من الواجبات التي لا تستقيم الحياة والنظام إلا بها، كانت طاعتهم واجبة شرعا فيما لا معصية فيه، امتثالا لأمر الله في تلك الآية الكريمة، وتحقيقا لمعنى الولاية، حتى لا تتفرق كلمة المسلمين، وضمانا لانتظام أمور الدولة" وجاء في الحديث الشريف: "لا طاعة لبشر في معصية الله". * * عندما يمنع عمر الطيب من بهيمة الأنعام.. * لهذا قال العلماء: إنه يشترط لطاعة ولي الأمر، ألا يكون أمره بمعصية متيقنة، وهذا يتناول المسائل المباحة التي لم يرد فيها نص صريح، وكانت بهذا موضع الاجتهاد، فالامتثال في المباح أمرا أو نهيا لا يترتب عليه معصية، فتجب طاعة ولي الأمر إذا أمر بفعل المباح أو بتركه. * وقد سبق لعمر بن الخطاب رضي الله عنه في ما رواه أبو الفرج الجوزي، أنه تعرض لتحريم المباح في بعض الصور. ومن ذلك أن أكل اللحوم المشروعة مباح بنص القرآن الكريم "أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم" المائدة: 1، و"كلوا من طيبات ما رزقناكم" البقرة: 172، وقد جاءت هذه الإباحة من غير تقييد ببعض الأيام دون بعض، ودرج المسلمون على ذلك منذ عهد النبوة، ولما كانت خلافة عمر رأى أن يمنع الناس من أكل اللحم يومين متواليين أسبوعيا، فكان يأتي مجزرة الزبير ابن العوام بالبقيع، ولم يكن بالمدينة غيرها، فإذا رأى رجلا اشترى لحما يومين متتابعين ضربه بالدرة وقال: "ألا طويت بطنك يومين". وقد كان هذا اجتهاد من الخليفة الثاني أداه إلى حظر تناول اللحم يومين متتاليين، حتى يكون هناك مجال لتداوله بين الناس، وقد كان اللحم مباحا طوال جميع الأيام على ما يقتضيه نص القرآن الكريم. * * .. والمباح من صحبة الكتابيات * ومنع عمر كبار الصحابة من التزوج بالكتابيات، وقال: "أنا لا أحرمه ولكني أخشى الإعراض عن الزواج بالمسلمات" وفرق بين كل من طلحة وحذيفة زوجتيهما الكتابيتين، فالزواج بالكتابية مباح عند من فعله من المسلمين بنص القرآن الكريم، ومع ذلك اجتهد عمر، وهو ولي أمر المسلمين، ورأى المصلحة في منعه وإن كان لا يحرمه، ولقد ابتنى على هذا ما قال به الفقهاء من سلطة ولي الأمر في تغيير المباح إلى الوجوب أو التحريم، بما لا يختلف مع أصول الشريعة، أو يناقضها، وأن عليه أن يتحرى مصلحة الناس في نطاق أحكام الشرع، وما جرى به العرف والعادة الصحيحان. * وبمثل هذا جاءت كثير من الآراء الفقهية عند السلف، وفي فتاوى معاصرة من الأزهر الشريف ومن غيره. ومنه أنه، وجوب طاعة ما يأمر به أولياء الأمر في ما لم يمنعه نص شرعي، بل أوجب القرآن طاعة أولي الأمر ما دام أن ما يأمرون به لا يدخل في دائرة المعاصي، بمعنى أنهم لم يأمروا بفعل ما حرم الله، ولم ينهوا عن فعل ما ألزم الله به عباده، وما عدا هذا فيجوز أن يضع له ولي الأمر من الأنظمة، ما يرى فيه مصلحة للناس ولكيان الحكم، إتباعا لما فعل عمر بن الخطاب في المثالين السابقين مع أن كلا منهما مباح بنص القرآن. * * حراسة أهل النهي لحكومة تشرع بالهوى * كنت آمل لو أن مشاركة الأحزاب الإسلامية، إما في الحكومة أو حتى في البرلمان، ينتج عنها في الحد الأدنى حراسة الحكومة من الوقوع في المحظور الشرعي، وأن تكون المؤانسة هنا مدعاة لتثقيف من بيده الأمر بما هو مقبول من حاكم مسلم، حتى حين لا يكون قد حصل عنده قناعة بإدارة أمر المسلمين وفق أحكام الشريعة، على أن يمتنع عن حشرهم في زاوية يخيرون فيها بين طاعة الله ورسوله، وطاعة ولي الأمر، لأنه يكون وقتها قد أمر بما لا يستطاع، ودفع بالمحكومين إلى العصيان، إما معصية الله أو معصية ولي الأمر. * وقبل أن نصل إلى مثل هذه المواجهة، يكون لزاما على الأحزاب الإسلامية، وعلى أطراف شريكة في الائتلاف الحكومي، وعلى مؤسسات دستورية ملزمة بالدفاع عن الدستور قبل أن تكون ملزمة بالدفاع عن العقيدة، يكون لزاما عليها أن تراجع الوزير والحكومة، وتدعوهما إلى تجنيب البلاد في الحد الأدنى نشوء جدل قد يستفرد به الغلاة، ويتداعى إليه المتطرفون من الجانبين، وفي الأحد الأقصى نشوء فتنة نحن في غنى عنها، لا نأتمن أن تكون كما قال الحارث بن خَزَاز: "إن الفتنة تُقْبِلُ بشُبْهة وتُدْبر ببَيَان". * وإذا ما أصر الوزير على القرار، تكون العودة للمجلس الدستوري للطعن في القرار، بوصفه مخالفا لأحكام الدستور، الذي يقر أن الإسلام دين الدولة. * * عظة من داوود النبي إلى زرهوني الوزير * وإلى أن ينتقل المحتجون من ساحة الاحتجاج والشجب على المنابر إلى الاعتراض بما يتيحه الدستور وتسمح به القوانين، لا نملك سوى واجب النصح لوزير الداخلية، ونذكره بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم". فلم يوجب ما لا يستطاع، ولم يحرم ما يضطر إليه، إذا كانت الضرورة بغير معصية من العبد. أو ربما يكون الوزير والحكومة بحاجة لمن يذكرهم بذلك الموقف من نبي الله داوود، إذ قال له ربه ورب العالمين: "يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق" فأذن للناس كافة وقال: "فإن الله لم يولنا أمر عبادنا، إنما ولانا أمر عباده".