مُؤلف للكاتب سلامنية بن داود يبدو اسم الكاتب سلامنية بن داود غير مألوف لدى الكثير من القرّاء الجزائريين، والسبب يعود لكون هذا الكاتب الخمسيني الذي ينحدر من ولاية عين الدفلى، لم ينشر سوى كتابا واحدا بالجزائر صدر عن دار المعرفة تحت عنوان "الجنوب عاصمة الغد الواعد". ولهذا الكتاب قصّة، أدّت إلى تفتّق موهبة صاحبه سنة 2008، حيث أرسل المؤلف مساهمة لإحدى الصحف الناطقة بالفرنسية، لكنّ الصحيفة لم تنشر المساهمة، ففكّر بن داود في تحويلها إلى كتاب، وهو ما حدث فعلا في 53 يوما المفارقة الثانية في قصة هذا المؤلف مع الكتابة والنشر، تمّت عندما أودع لدى دار النشر التي تكفّلت بطبع كتابه الأول المذكور سالفا، كتابا آخر عن ظاهرة الحرقة ألّفه في 23 يوما، فاعتذر الناشر بحجة أنّه لا يملك الإمكانات لطبع كتابين في وقت واحد، الأمر الذي أدّى بالكاتب سلامنية بن داود إلى التوجّه إلى دور النشر الفرنسية لمواصلة المشوار فكان أن طبع 7 كتب، ومن هنا بدأت القصة. في لقاء جمعنا مع المؤلف أكّد أنّه اتّصل في سبتمبر 2008 بدار "أرماتون" الفرنسية، وقبلت طبع كتابين من خمسة كتب قدّمها، في حين قبلت دار "إيدي ليفر" أن تتكفّل بنشر خمسة عناوين، اشتغل فيها على مواضيع تحمل هموما اجتماعية في أغلبها، كموضوع المهاجرين الذي ألّف فيه كتابا بعنوان "عودة المهاجرين الجزائريين"، إضافة إلى مواضيع أخرى "حراقة هؤلاء المبهمون الأبديون"، "مليانة.. مجدها أصبح نقمة عليها"،"كرة القدم الجزائرية.. أمجاد وإخفاقات"، أما في مجال الأدب فكتب دراسة بعنوان "محمد مولسهول..ياسمينة خضرا الآخر"، وللكاتب مشاريع كتب أهمها "ألبير المغترب..كامو الجزائري"، "على الرصيف" رواية تتناول موضوع صراع الأجيال، "فجر الكتابة عند مقتبل الشيخوخة" عبارة عن سيرة ذاتية، وكتاب أخير حول موضوع العنوسة في الجزائر. ولا يخفي سلامنية بن داود، أنّه يكتب بسرعة ال "تي جي في"، وهو نوع من القطارات فائقة السرعة، ودليله في ذلك أنّه ألّف أكثر من سبعة كتب في أقل من عامين، ومثلما يؤلّف بسرعة فائقة، فإنّ الفكرة لا تعجزه، حيث أكّد أنّ بعض الكتب التي نشرها، انطلقت من جملة أو فكرة شاردة، التقطها وحوّلها إلى كتاب في أيام معدودة. أمّا عن مسألة النشر في الجزائر فيقول بن داود "الناشر الجزائري غير جاد، والعقد الذي يربطه بالكاتب صوري، كما أنّ أحسن الناشرين لا يطبع من العنوان سوى 1500 نسخة لا يتمّ توزيعها إلا في حالات نادرة". ويؤكد بن داود أنّ ما يحدث في فرنسا هو العكس تماما "اتّصلت بأحد الناشرين الفرنسيين عن طريق الأنترنت، وأرسلت له نسخة عن الكتب، وأبدى موافقة على نشرها، وهناك من الناشرين من لا يقبل إلا بالنسخة المخطوطة، وفي شهرين جاءني الرد بالإيجاب، ثم إنّ الناشر الفرنسي يعمل على الترويج للكتاب بشتى الطرق، فكتبي متوفرة على الأنترنت، وهذا كلّه يساعد الكاتب على الانتشار، الذي يشكّل الطموح الطبيعي لأيّ كاتب يبحث عن الشهرة، إضافة إلى هذا فإنّ الناشر الفرنسي يمنح الكاتب 10 بالمائة من مبيعات الكتاب، وفي شفافية تامة، يرسل إليه بتقرير مفصّل عن ذلك، الأمر الذي نفتقده عند الناشر الجزائري". آخر ما صدر للمؤلف سلامنية بن داود في فرنسا دراسة أدبية حول ياسمينة خضرا ضمّنها وجهة نظره حول أعمال محمد مولسهول، ولا أحد يمكنه التنبؤ بالمحطة المقبلة التي سيستقر بها "تي جي في" بن داود، هذا المؤلف الذي يستحق فعلا وقفة مطوّلة تتناول ظروف تفجّر موهبته بعد سنّ الخمسين.