في كتابه "الجنوب، عاصمة المستقبل الواعد" يقدم الكاتب والباحث سلامنية بن داود مجموعة كبيرة من الحقائق والمعطيات المتعلقة بمستقبلنا الاقتصادي والغذائي والسياحي لجزائر الغد، لما يزخر به الجنوب الجزائري من إمكانات واعدة قادرة على النهوض بمختلف مناحي الحياة. الكتاب الذي أصدرته دار المعرفة في وقت سابق، يتوزع على 168 صفحة من الحجم المتوسط، ويضم أكثر من 14 محورا، ينطلق فيها المؤلف، الدارس لعلم الإجتماع من قراءة تاريخية للنظام الاقتصادي والسياسي منذ السنوات الأولى للاستقلال ويحلل مختلف القطاعات الحساسة كالصناعة، الفلاحة وقطاع الخدمات، كما يتطرق أيضا وبالتحليل إلى معالم الأزمة التي تعرضت لها الجزائر من خلال هذه القطاعات الحساسة. ويعرج على مختلف القدرات والإمكانات في الميدان الصناعي الذي أهمل، وأيضا إلى البرنامج الخاص بالدعم الفلاحي وعدم فاعليته ونقائصه، وصولا عند القطاع التجاري غير المؤطر مع استفحال ظاهرة التجارة الموازية... ليخلص في الأخير ويقدم قراءة للقدرات السياحية غير المستغلة والمهمشة رغم أهميتها البالغة لثراء وتنوع التضاريس والمناخ في الجزائر. المؤلف بن داود الذي استند في كتابة هذا إلى مجموعة كبيرة من المراجع والإحصائيات، يخصص المحور الثاني والثالث لتحليل مختلف السياسات والخطط المنتهجة في القطاعات الاستراتيجية، ليصل إلى نقطة هامة تتعلق بنقل عاصمة البلاد إلى المنطقة الداخلية من الجزائر كوسيلة للتنمية وعامل للتوازن الجهوي بين مختلف جهات الوطن، كما يحلل آثار "عاصمة الجزائر" والمشاكل والمعوقات المتعلقة بموقعها الجغرافي بالنسبة للخريطة المستقبلية لاقتصاد الجزائر. كما يقترح المؤلف إنشاء عاصمة جديدة تتوافق مع المعايير المعمارية الحديثة والمعاصرة والقادرة على استيعاب مختلف القطاعات والعوامل الديمغرافية المقبلة، مشددا في الآن ذاته على أهمية هذه العاصمة - الجديدة - في التوازن والتناسق مع مختلف جهات البلاد. يتطرق المؤلف سلامنية بن داود في هذا الصدد إلى مسألة إعادة الإعمار والإسكان في المناطق الجنوبية - الصحراوية - من البلاد، وأيضا في الهضاب العليا، والحاجة الماسة لتطوير هذه المناطق خاصة منها المتاخمة للحدود. وفي الأخير، يتطرق الكاتب إلى المشاريع الكبرى: واصفا إيّاها بالأولوية الملحة لبناء اقتصاد قوي ومتجانس، مشددا في الآن ذاته على تطوير القطاع الفلاحي والطاقات المتجددة لتجاوز ارتباط الجزائر بالمحروقات كمصدر للثروة، وأيضا من أجل خلق وتحقيق توازن جهوي دائم. كتاب "الجنوب، عاصمة المستقبل الواعد" الذي أصدر في إطار سلسلة كتب أطلق عليها: "الجزائر آفاق 2050" يدعو فيه المؤلف في الأخير إلى ضرورة وضع خطة مستعجلة لتشجيع المواطنين والقدرات المختلفة على الاستقرار في المناطق الجنوبية للبلاد من أجل تطويرها في مختلف المجالات وخاصة منها الحيوية كالفلاحة، السياحة والصناعة... ويقدم سلامنية بن داود في الأخير مجموعة من المعطيات والمقارنات بالأرقام لبلدان شقيقة تمكنت من تجاوز عجزها الاقتصادي من خلال الاستثمار الحقيقي في القطاعات الاستراتيجية والدائمة كالفلاحة والسياحة والصناعات المتوسطة.