ما الذي ينتظر أشبال سعدان بعد مونديال جنوب إفريقيا؟ يبدو أنّ ما حدث، في ما أطلق عليه موقعتي القاهرة المصرية وأم درمان السودانية، والتداعيات التي أثارتها الأحداث التي ما تزال حديث العام والخاص إلى اليوم، لم تلهم الشباب المتعطّش لسحر الكرة المستديرة فقط، بل دفعت بعض الكتاب والمهتمّين، إلى النظر في هذه الأحداث التي كادت أن تدفع إلى أزمة دبلوماسية حقيقية بين الجزائر ومصر على خلفية الجميع يعرف تفاصيلها المملّة، ولكن للكاتب كلمته النقدية هذه المرّة. * في كتاب حمل عنوان "كرة القدم الجزائرية...إنجازات وإخفاقات" للمؤلف سلامنية بن داود صدر بفرنسا عن دار "إيدي ليفر" منتصف شهر مارس، وسيصدر في الجزائر بداية ماي الداخل عن دار المعرفة، يتناول المؤلف في دراسة اجتماعية، كرة القدم كظاهرة أصبحت تصنع الأحداث وتؤثر فيها، من خلال تتبّع ما حدث بين الجزائر ومصر، كما يتناول صاحب هذا الكتاب سعدان كظاهرة، على حسب ما ذهب إليه المؤلف، والعودة القوية للفريق الوطني، مع تركيز واضح على مكوّنات المنتخب الوطني الذي تشكّل في معظمه من أبناء الجالية الجزائرية المقيمة في أوربا. وحسب ما يذهب إليه سلامنية بن داود، فإنّ هذه التشكيلة تبيّن بوضوح مدى فقر البطولة الوطنية الجزائرية، إلى درجة أصبحت معها عاجزة عن إنجاب أحد عشر لاعبا يمكن الاعتماد عليهم في تكوين منتخب يمثّل الألوان الوطنية، ويدافع عنها في التظاهرات الدولية، ولا يعزل المؤلف هذه الحالة التي تعرفها الكرة المستديرة، بل يربطها بالوضعية الاقتصادية التي تعرفها الجزائر، والتي تعتمد بالأساس على آبار حاسي مسعود دون أن تكون للجزائر قيم مضافة تفرزها باقي القطاعات الاقتصادية. * ويعود الكاتب بالتحليل لأحداث الجزائر- مصر، فيخلص إلى أنّ مصر "أم الدنيا" لم تستطع، بدافع نوع من الترفّع، ابتلاع مجرد هزيمة في كرة القدم، متناسية بذلك المثل القائل"في الرسوب نعرف قيمتنا". ويردّ ذلك إلى نوع من الأبوة لدى المصريين، تجعلهم يرفضون دائما النزول عن برجهم العاجي للّعب معنا كمنافسين، بعيدا عن نظرات التعالي التي ظلّت تغلّف وجهة النظر المصرية لمّا يتعلق الأمر بالجزائر ومنتخبها الوطني. من جهة أخرى يحاول المؤلف تفكيك الأحداث عندما يعتبر أنّ الدولة على الجانبين الجزائري والمصري، هي التي أصبحت تلعب كرة القدم، حيث يرى بأنّ انعدام برنامج واضح للتكفل بانشغالات الشباب في الجزائر، دفع السياسة الجزائرية إلى المراهنة على كرة القدم، في حين يحاول النظام السياسي المصري، التسويق لتوريث الحكم من خلال ما تصنعه أقدام أحد عشر لاعبا من أبناء الفراعنة على مدى تسعين دقيقة. أمّا عن الملاحظة التي ربما تشكّل جوهر الكتاب، فركّز الكاتب فيها على مستقبل المنتخب الوطني الجزائري بعد مونديال جنوب إفريقيا، ومفادها أنّ الكرة الجزائرية ستنزل إلى الأسفل، لأنّ المشكل عميق، بحسب المؤلف، ويرتبط بعوامل كثيرة، على رأسها تحفيز اللاعبين بداية من البطولة الوطنية الهزيلة لتكوين منتخب قادر على حمل الألوان الوطنية، ويشبّه الكاتب هذه الوضعية بتعليق اختصر فيه كلّ ما تعيشه الكرة الجزائرية، مفاده أنّنا نلبس بذلة جديدة، ولكنّ خياطتها لم تتمّ في الجزائر، وبمجرد أن تبلى، سنكون أمام معضلة حقيقية وهي أن نجد أنفسنا عراة..وتلك هي المشكلة أمام حضورنا الكروي.