يكتب السيناريو بالضوء، وينحت أجمل كادرات التصوير، نادر في عالم السينما بالجزائر، اشتغل رفقة كبار المخرجين في العالم من فرنسا وإيطاليا..إلخ، حطّ الرحال ببلدان عربية وأجنبية، رصّع السينما الجزائرية بأفلام عديدة منها "نهلة"، و"القلعة" وأخرها "البئر"..إنّه مدير التصوير السينمائي علال يحياوي، التقته "الشروق" على هامش"أيام الفيلم الملتزم". عندما أذكر لك "نهلة"، "القلعة"، "حسان النية".. ماذا يعني لك؟ جميل أنّك بدأت سؤالك ب"نهلة"..هو أولّ فيلم كمدير تصوير، من خلاله حققت الشهرة في عالم السينما، الفيلم نال إعجاب الجمهور وصورته سحرتهم، وبفضله أصبحت أتلقى العروض من قبل المخرجين سواء جزائريين أو أجانب، كما أنجزت عديد الأفلام الأخرى مع عدة مخرجين منها فيلم "حسان النية" مع غوتي بن ددوش، و"القلعة"، و"يوسف"، و"دوار النساء" و"الأندلسي" مع محمد شويخ وأعمالا أخرى. ما هي أبرز المحطات التي مررت بها خلال مسيرتك السينمائية التي بدأت في ستينيات القرن الماضي؟ بالعودة إلى مشواري السينمائي، أقول إنني مررت بمرحلتين مهمتين بدأت الأولى في الستينيات إلى التسعينيات، والثانية انطلقت من التسعينيات إلى الوقت الراهن الذي يبدو مختلفا عن الستينيات والتسعينيات، كما لي تجارب عديدة في عدة بلدان منها في تونس والنيجر ومدغشقر والسينغال والمغرب وليبيا. أي من أفلام ولد خلال هذه المسيرة الطويلة ولم تنساه؟ أجمل هذه التجارب هي التي كللت بفيلم "نهلة" الذي أعتبره مولودي الأول كمدير تصوير، فهذا الفيلم لن أنساه أبدا، فمعه سطعت نجوميتي، واشتهرت في الوسط السينمائي الجزائري والعربي والعالمي، حيث ما زلت أذكر أيضا سنة 1978 حينما جاءني بولوفة وأخبرني أنّه سيصور فيلما في لبنان بعنوان "نهلة"...حيث كنت مدير تصويره. كيف يتعامل مدير التصوير مع سيناريو أي فيلم؟ وتعلمت مع مرور التجربة أنه ليكون لديك فيلما ناجحا يجب أن يكون هناك سيناريو جيد، مخرج جيد ومدير تصوير جيد أيضا، فإدارة الصورة من خلال تجربتي تعتمد على قراءة السيناريو بمختلف معطياته الفنية أو بمعنى آخر "أجوائه"، فإذا كان السيناريو يكتب بالقلم فإن مدير التصوير يعيد كتابته بواسطة الضوء، يمكنني القول إنّ مجال التصوير سهل وفي متناول من يحب ذلك، لكن شريطة أن يراعي تقنيات السيناريو ( جو السيناريو). كيف ذلك؟ أعطيك مثالا بسيطا، تصوير فيلم في العاصمة يختلف عن تصويره في منطقة القبائل لأنّ الضوء الموجود في العاصمة سواء في الهواء الطلق أو داخل البيوت ليس مثله كما في منطقة القبائل، وأقصد الريف. أنت مدير تصوير نادر في الجزائر ولا نملك قامات كبيرة في هذا التخصص.. لماذا برأيك؟ في وقتنا الراهن هناك الكثير من مديري التصوير، لكن المختصين في المجال السينمائي قليلون جدا، أذكر يوم بدأت في هذا المجال كان عمري 20 سنة، حيث كنت أتعلم السينما، ومررت عبر مركز السمعي البصري ودرست به لسنة كاملة، وبعدها اشتغلت كمتربص في فيلمين، ثمّ عملت كمساعد ثاني في خمسة أفلام، ثمّ اشتغلت كمساعد أولّ وتوجت المسيرة ب8 أفلام، إلى جانب اشتغالي في أعمال وثائقية ومجلات وأفلام قصيرة، وعندما أتحدث إلى بعض السينمائيين الشباب وأخبرهم أني قضيت 7 سنوات من عمري المهني أشتغل كمساعد فقط، لا يعيرون ذلك اهتماما لأنّهم يبحثون عن المال فقط بعيدا عن التربصات الكثيرة، لكن بعدها عملت إلى جانب مدراء تصوير كبار، فكانت البداية مع فرنسيين منهم أندري دوماتر في (ريح الأوراس)، ومع الإيطالي ماريو برنادرو، ثم مررت بالمهرجان الثقافي الإفريقي مع بيار لون، وأسماء أخرى، وكان همنّا الوحيد هو تعلّم المهنة وأبجدياتها ولتحقيق ذلك لا بد من حب المهنة أي حب السينما، لأنّها تبادلك الحب كما المرأة تحبها تبادلك الحب ذاته، وإذا دخلك الغرور لا تنجح أبدا، فالسينما تتطلب التضحيات والمال يأتي من بعد. لماذا يبحث المخرجون في الجزائر عن مديري تصوير أجانب.. ولا يلتفتون إليكم؟ لا أفهم لماذا بعض المخرجين الجزائريين يقومون بجلب مديري تصوير سينما من الخارج، ويدفعون لهم أكثر من الجزائريين، لكن أشير أنّه من هؤلاء القادمين من الخارج من يأتي إليّ ويستشيرني في بعض الأمور السينمائية المتعلقة بالتصوير! بالمقابل هناك من رفضوا عروضا احتراما لي بما أنني كنت مدير تصوير وهم كانوا مساعدين لي، وكنت عندما أنتقي بعضهم أشترط أن أدفع له كما المبلغ الذي يأخذه الجزائري، وأشترط أيضا أن يساعده جزائريان ليتعلما. ما هي أخر المشاريع التي تحضر لها ؟ كان أخر أعمالي فيلم "البئر" للمخرج لطفي بوشوشي الذي لم ينتقيني كمدير تصوير، لكن كمستشار تقني وفني... وأتذكر ما قاله لي: "أنت تجلس معي لك الحق في النظرة".. هذا شرفني كثيرا، ثم تنقلت إلى ليون الفرنسية، حيث أنجزنا فيلما تلفزيونيا يجرى تصويره بين الجزائروفرنسا. وعن أخر الأفلام، لدي فيلم جديد مع أحد المخرجين الجزائريين الذي عملت معه سابقا سيشرع تصويره في جانفي القادم 2017، ولا يمكنني ذكر المزيد من التفاصيل بما أّنّ المخرج لم يصرّح حوله.. وهذا مبدأ احترام. كيف ترى حظوظ "البئر" في مسابقة "الأوسكار"؟ أخر خبر تلقيته أنّ فيلم "البئر" سيعرض في الولاياتالمتحدةالأمريكية وهذا لابد من حدوثه، لكن أشير إلى ضرورة وجود موزع، وعندما تعقد ندوة صحفية يجب عليك أن تدعو الصحافة للحضور، وأتمنى أن نحقق الهدف، وسيكون شرف كبير للجزائر وللمخرج بوشوشي الذي أحبه كثير، فهناك عديد الأشخاص لا يعلمون أنّ بوشوشي كان مخرج مساعد في عديد الأفلام، وبدأ السينما وهو صغير.. ودرس السينما في فرنسا.. وبعدها أخرج أفلام قصيرة إلى أن جاء "البئر" ولو لم يكن يملك هذه الخبرة لما أخرج فيلما جميلا كما "البئر".