تؤشر استقالة أحمد بطاطاش، السكريتير السابق لحزب جبهة القوى الاشتراكية "الأفافاس"، وما سبقها من إقصاء لعضو الهيئة الرئاسية رشيد حاليت، على أن حزب "الدا الحسين" يعيش ظروفا غير طبيعية هذه الأيام، حتى بعد نفي مسؤول الحزب، عبد المالك بوشافة، وجود مشاكل تنظيمية. فبعد يومين من إعلان الحزب مشاركته في الانتخابات التشريعية المرتقبة ربيع العام المقبل، رمى بطاطاش المنشفة، وهو الذي يعتبر واحدا من الوجوه الكاريزماتية المعروفة بهدوئها واتزانها منذ أن برز إلى واجهة المشهد. ولم يؤكد بطاطاش أو ينف إلى حد الآن خبر استقالته، غير أن تزامنها مع التململ الذي خلفه قرار إقصاء حاليت من قبل لجنة الانضباط، يؤشر على أن النائب عن ولاية البويرة، يكون قد انضم إلى قافلة الشخصيات التي طلقت أقدم حزب معارض في البلاد، التي بدأت في السنوات القليلة الأخيرة بالسكريتير الأول الأسبق، كريم طابو، والنائب المستقيل من المجلس الشعبي الوطني، مصطفى بوشاشي. وإن قللت قيادة الحزب من هذه التطورات ونفت وجود أي توجه للذهاب نحو مؤتمر استثنائي لتثبيت شرعية القرارات الأخيرة، كما قال بوشافة، إلا أن أقدم حزب معارض في البلاد، بحسب مصادر عليمة، يشهد مخاضا عسيرا، يطبعه انتقال من موقع إلى آخر. ويذكر مصدر تحفظ على الكشف عن هويته في حديث إلى "الشروق"، أن القيادة الحالية شرعت في وضع "الرتوشات" الأخيرة على توجه جديد، قوامه إقامة قطيعة مع مواقف "الأفافاس" القديمة من السلطة، وهذه المرحلة تتطلب رجالا يؤمنون بالتوجه الجديد ويدافعون عنه. ويقوم هذا التوجه على مد جسور مع السلطة بعدما كان ذلك من المحرمات في وقت مضى، غير أن هذه المرحلة لم تبدأ اليوم، وإنما تعود إلى عام 2011، وهي الفترة التي وقف خلالها الجزائريون على مواقف غير معهودة لهذا الحزب، بخصوص العديد من القضايا الوطنية، تكللت بحصول الحزب على 26 مقعدا في تشريعيات عام 2012. ويعتبر تأكيد قيادة الحزب أن قرار المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة كان بالإجماع، تطورا لافتا في الممارسة السياسية ل "الأفافاس". موقف وصفته مصادر عليمة بخبايا هذا الحزب، بالسابقة، لأن القرارات في الأفافاس لم تتخذ بالإجماع حتى في عهد آيت أحمد، الذي يعتبر بمثابة الأب الروحي لأبناء الأفافاس، الذي لا تناقش قراراته. وقد استغرب الجزائريون غياب أي موقف ل "الأفافاس" من الكثير من القضايا الوطنية، وفي مقدمتها العهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة (لم يؤيدها ولم يعارضها)، وهو الذي اعتاد ألا يغيب عن محطات من هذا القبيل، فالمؤسس التاريخي لهذا الحزب، خاض في العهدات الثلاث التي سبقتها وكان معارضا لها. ومع هذه التطورات، بدأ المتابعون يترقبون ما سيحدث خلال الانتخابات التشريعية المقبلة، وماذا سيكون موقف الحزب من دعوة محتملة إلى المشاركة في حكومة ما بعد تلك التشريعيات.. لقد سرت شائعات في وقت سابق عن مشاركة محتملة لهذه الحزب في الحكومة، غير أن الأيام كذبت تلك التوقعات، فهل سيكون عام 2017 محطة تتجسد فيها هذه القراءات؟