تمر سنتان ونصف على مباشرة ولاية الجزائر في اكبر برنامج لها منذ الاستقلال، مُخصص للسكنات الاجتماعية من خلال مخطط لتطهير عاصمة البلاد من السكن الهش بما فيه القصدير والقضاء على بيوت الأسطح والأقبية، ناهيك عن العمارات الآيلة للسقوط، فمن أصل 84 ألف وحدة يضمها البرنامج تم ترحيل أكثر من 40 ألف عائلة منها ما يفوق 300 حي قصديري والعشرات من الأحياء الكبرى والإمبراطوريات التي ظلت نقطة سوداء في وجه العصرنة والتمدن، في وقت لايزال ما يقارب المائة من الأحياء تنتظر ساعة الفرج وهي الأحياء التي وصفها زوخ ب"القوفريط" لقلة عدد قاطنيها. أحياء قصديرية عديدة لاتزال تنتظر إنصافها وإدراجها ضمن عمليات الترحيل المتبقية، منهم ما دفعت بهم ظروفهم القاسية للخروج إلى الشارع من اجل "انتفاضة" الترحيل، وأخرى لتحديد الموعد في اقرب الآجال وحال لسانهم يقول "كلنا نسكن القصدير.. فمتى يأتي دورنا يا زوخ؟"، وقد تساءل كل من تحدثت إليهم "الشروق" عن سبب اختيار أحياء دون أخرى رغم أنهم يتقاسمون نفس المعاناة والأوضاع المعيشية، وهو ما حملناه من أحياء السحاولة، الشراقة، بئر خادم، الحمامات، بولوغين، المرسى، برج الكيفان، بئر مراد رايس.. وغيرها لا يسعنا أن نذكرها كلها.
12 حيا قصديريا بالسحاولة ينتظر سكانه "رحمة ربي" بلدية السحاولة التي تحصي حوالي 12 حيا قصديريا لاتزال عملية الترحيل فيها لم تشملها بعد رغم مرور على إطلاق برنامج الولاية أكثر من سنتين، حي "لافو" الذي يعتبر اكبر الأحياء فيه يتقاسم سكانه معاناة ليست أقل من سابقاتها بالأحياء التي تم ترحيل قاطنيها، حيث تؤكد كافة آهات السكان أنهم يعدون أيام فصل الشتاء خوفا من حوادث مميتة وهو الحي الذي يضم اكبر عدد من السكان، حيث تحصي البلدية فيه أكثر من 380 عائلة.
أحياء منسية بالخرايسية والدوار ضمن القائمة وببلدية الخرايسية تحدث إلينا سكان حي الدوار سيدي بوخريس القصديري عن معاناتهم التي لا تنتهي مع مشاكل الحياة البدائية، فكل الأنظار مشدودة هذه الأيام حول عمليات الترحيل المقبلة وإن كانوا من ضمن القائمة المعدة نظير ما يعيشه هؤلاء من مآس منذ سنوات تتطلب الإسراع لترحيلهم في اقرب وقت.
500 عائلة بوادي جيكان بالرغاية تهدد بالاحتجاج وبالرغاية شرق العاصمة تناشد أكثر من 500 عائلة تقطن بالحي القصديري وادي جيكان، الوالي زوخ من اجل إنصافها وإدراجها ضمن العمليات المقبلة، وقد هدد هؤلاء بالخروج إلى الشارع وقطع مسار السكة الحديدية من اجل إيصال آهاتهم إلى أعلى السلطات والتذكير بمعاناتهم التي تتضاعف من سنة لأخرى، حيث طالب هؤلاء مرارا وتكرارا بضرورة إدراجهم ضمن القوائم قبل حلول فصل الشتاء الذي يتحول بالنسبة إليهم جحيما.
5 أحياء فوضوية ببئر مراد رايس يتجرع سكانها المعاناة تحصي بلدية بئر مراد رايس ما يفوق 550 بيت قصديري موزعة على 5 احياء فوضوية انتشرت بشكل ملفت للانتباه خلال العشرية السوداء بعد ما لجأ العديد من المواطنين الفارين من أيادي البطش إلى العاصمة بحثا عن الأمن والاستقرار، ولعل من اكبر ما تطالب به العائلات تلك هو ترحيلها في اقرب وقت ممكن إلى سكنات لائقة حتى تضمن لنفسها معيشة كريمة، خاصة وأنهم عانوا طيلة أكثر من 15 سنة كل أنواع البؤس والشقاء بمأوى يفتقد لأدنى شروط الحياة، فلا راحة بال ولا ظروف مواتية، حيث يأمل سكان تلك الأحياء بإدماجهم في عملية الترحيل المبرمجة خلال المراحل القريبة، حتى تتمكن السلطات فيما بعد من استرجاع المساحات المبنية فوقها قصد انجاز مشاريع تنموية تهم المواطن.
بلدية الحمامات تنتظر حقها من الترحيل و"بال فوداغ" في المقدمة ناشد منتخبو بلدية الحمامات السلطات الولائية بضرورة إدراج البلدية ضمن عملية الترحيل المقبلة لاسيما وان البلدية لم تشملها أي عملية من المراحل السابقة، ما يتطلب ضرورة التوزيع العادل حتى يمكن أن تمتص تلك الأحياء بشكل متوازن.. 4 أحياء بمجموع يفوق 200 عائلة تنتظر بفارغ الصبر الالتفاتة لإخراجها من معاناتها التي طال أمدها لاسيما منهم سكان حي "بال فوداغ" الذي تقطنه 83 عائلة تم دراسة ملفاتها وأرسلت إلى اللجنة الولائية، في حين احتج قاطنوه أمام مقر البلدية للمطالبة بالترحيل من اجل تحرير الأرضية التي يفترض أن تكون موقعا لإنجاز مشروع سكني تساهمي خصص ل300 مسكن.
بوسكول والمحجرة وباسكال ثلاثي البؤس ببوزريعة وببلدية بوزريعة التي تضم عديد الأحياء الفوضوية، قد نالت مؤخرا نصيبا من عملية الترحيل عن طريق القضاء على حي بوسماحة الذي يعد أكبرها، في حين يبقى كل من حي بوسكول الذي يضم حوالي 300 عائلة وباسكال المحاذي للوادي، بالإضافة إلى حي المحجرة بنحو 90 عائلة تنتظر موعد الترحيل بفارغ الصبر، خاصة وان معاناتهم تزداد سوءا كلما حل فصل الشتاء.
قاطنو أعالي حي جايس ببولوغين متذمرون 5 أحياء قصديرية ببلدية بولوغين تنتظر هي الأخرى تجسيد وعود السلطات من اجل تخليصها من معاناة طال أمدها، ويتعلق الأمر بكل من حي الثكنة، ديار الخلوة، جايس.. هذا الأخير الذي يقطن سكانه في مرتفعات جبلية عرف العديد من حوادث انهيار التربة أدت إلى حالات وفيات وبتكرر حوادث مماثلة كلما حل فصل الشتاء، يتطلع هؤلاء إلى كسب "رحمة" السلطات من اجل إدراجها ضمن المراحل المقبلة من الترحيل.
..وبلدية الأبيار تتطلع لنصيبها من الترحيل بلدية الأبيار التي يرى فيها البعض أنها من أرقى البلديات، تخفي وراءها عددا معتبرا من المنازل القصديرية، وإن كان فندق الاوراسي يخفي بعضها إلا أن التغلغل بحي طقارة يظهر لنا معاناة أكثر من 200 عائلة تقطن حي "جبل ابو ليلى" الذي تم إنشاءه في منحدر منذ حوالي 60 سنة، يروي سكانه مشاكل لا نهاية لها داخل ما يشبه إسطبلات بنيت منذ الحقبة الاستعمارية شهدت انهيارات متفرقة خلال الاضطرابات الجوية الماضية أسفرت عن حوادث مؤلمة، فرغم موقعه في منطقة حساسة قرب وزارة الدفاع الوطني ومتحف عسكري وفندق دولي، إلا أن ذلك لم يشفع بإدراجه ضمن عمليات الترحيل السابقة.. أحياء قصديرية أخرى لم يسعنا ذكرها كلها اليوم أو نسينا بعضها، فهناك آهات أخرى تنتظر حقها من السكن في اقرب الآجال.
420 عائلة بالمرسى تتطلع أن تُرحل خلال المرحلة ال22 وبشرق العاصمة التي تعتبر من بين المناطق التي عرفت حظا أكثر من المرحلين مقارنة بالجهة الغربية على حد تعبير المواطنين، فإن بلدية المرسى لوحدها تحصي 3 أحياء فوضوية بمجموع 420 عائلة تنتظر الترحيل ويتعلق الأمر بحي درموش المقسم على 4 أحياء بمجموع 210 بيت، حي مزرعة علي مقران ب50 عائلة وحي المحجر الذي يضم لوحده 182 عائلة، هذا الأخير الذي طالب بشأنه رئيس جمعيته من السلطات، وعلى رأسها والي العاصمة إدراجهم ضمن العملية 22 من الترحيل نظرا لتواجدهم بالقرب من منطقة حساسة وهي عبارة عن ثكنة يصدر منها يوميا صوت الرصاص الذي أصبح أمرا مزعجا حسب السكان.. برج البحري هي الأخرى تنتظر ترحيل 300 عائلة من حي ليزاموندين والعائلات المتبقية من الحميز.
زوخ ل"الشروق": بعد الرملي لا حديث إلا على بقايا القصدير أجاب والي العاصمة عبد القادر زوخ عن سؤال "الشروق"على هامش الندوة التي نظمتها وزارة الداخلية الأسبوع الفارط حول تحضير المنتخبات للتشريعيات المقبلة، بخصوص تاريخ القضاء النهائي على الأحياء القصديرية التي كان قد حددها قبل نهاية السنة الجارية، أن عمليات الترحيل متواصلة ولن تتوقف لتشمل 22، 23، 24.. مشيرا أن القصدير في طريقه للمحو وما تبقى منه ما هو إلا بقايا فقط وسيتم القضاء على كل الأحياء المتبقية في غضون الأيام اللاحقة أو كما قال في اقرب وقت ممكن، وأضاف انه وبعد القضاء على اكبر حي وهو الرملي لا حديث بعده عن القصدير والأحياء التي كان قد وصفها زوخ خلال تصريحاته السابقة ب"القوفريط" لقلة أعداد قاطنيها مقارنة بأكبر الأحياء الأخرى كما قال أن عمليات الترحيل التي انطلقت منذ جوان 2014 استهلكت حوالي 45 بالمائة من أصل 84 ألف مسكن اجتماعي مبرمج لولاية الجزائر، حيث قال يومها "كاين الخير.. وكل من يملك حقا سيأخذه حين يحين وقته".