نسمع كثيرا عن ثقافة التسوّق عبر الشاشة، أو بيع بعض المنتوجات والدعاية لها من خلال بعض الفضائيات المختصة في مجال الإشهار، خاصة ما تعلق بمواد وأدوات التجميل، ووجود وكلاء حصريين لها في الجزائر، الشروق طرقت بعضا من أبوابهم لتنقل جزءا من أسرارهم .. نصب واحتيال، شراء وشفاء وداء، ولبنان ترفض أن تتخلى عن الريادة.. يلاحظ المتفرج لبعض تلك القنوات أرقام هواتف جزائرية تظهر على تلك الفضائيات في كل المنتوجات، أرقام متشابهة في مجملها، وخاصة كلها بالعاصمة الجزائر، لم يعد مشكل الحروق والندبات التي تتركها مهما كان عمقها عائقا حتى لدى عارضات الأزياء الشهيرات، ولم يعد تمني المعري بعودة الشباب مجديا أو ضروريا، كما لم يعد بكاء المسنين على الأطلال ظاهرة سليمة، فكل شيء ممكن حسب ما تشاهده من عروض دعائية لتلك المنتوجات، ولو "أردت تجديد الشباب ما عليك إلا التوجه لأحد فروعنا في بلدك" هي عبارة مشتركة لدى مقدمة أي منتوج عبر تلك الفضائيات.. وعملا بنصيحتها توّجهنا لبعض الوكلاء، بعدما تكلمنا معهم هاتفيا، واستفسرنا عن عناوينهم في العاصمة، وحاولنا الدخول لهذه المملكة المليئة بالأسرار والمفاجآت.. وكلاء يشرحون ويقدمون أفضل ما لديهم، زبائن يشترون ويجربون دون الخوف من الآثار والمضاعفات التي قد تنجم عن هذا المنتوج أو ذاك، عمليات نصب، تقليد المنتوجات الأصلية، قاعات الحفلات والمنازل مسرحا لها، إقبال واسع وكبير من قبل الزبائن والزوار، نكت وطرائف وأسرار يبوحون بها للشروق لأول مرة.. "أمناكار زين الأتات"، أول وكيل في الجزائر أكثر من 80 منتوجا ولن تشتري إلا بعد مرورك على طبيب مختص يعتبر "أمناكار" أو ما يسمى "زين الأتات" أول وكيل حصري لكبريات الشركات المختصة في مواد وأدوات التجميل في العالم، في الجزائر، وهو محل يمتلكه لبناني وفتح أبوابه للزبائن منذ أكثر من 9 سنوات، والكل يعرف عنوانه الذي يتوسط مدينة شراقة بالعاصمة، بأكثر من 80 منتوجا، و18 وكيلا فرعيا منتشرا عبر 18 ولاية، على غرار سطيف، ورڤلة، الأغواط، شلف، بسكرة، أم البواقي، قسنطينة، إضافة إلى العاصمة، وهو الوكيل الحصري للعديد من المنتوجات، والجديد الذي وجدناه في هذا الوكيل ويميزه عن قرنائه هو أنك لا تستطيع شراء أي منتوج قبل أن يراه طبيب مختص يكلمك ويشرح لك كل ما يتعلق به، خاصة فوائده، وآثاره الغير مرغوب فيها، وإن كان المنتوج المطلوب قد يشكل آثارا كبيرة لا يعطى لك هذا المطلب إلا بعد إجرائك فحصا مجانيا طبعا عند هذا الطبيب، مثلما أكد أحد الباعة الذي صادفناه في هذا المحل، والذي يشهد إقبالا كبيرا للزبائن ومن مختلف الفئات العمرية، قائلا إن أي منتوج يخضع لتشخيص هذا الطبيب الجزائري الذي درس طب التجميل في لبنان، مضيفا أن كل المنتوجات تخضع لتفتيش من قبل وزارة الصحة، كما يمتلك هذا المحل ترخيصا من هذه الأخيرة حول استيراد مواد التجميل والتنظيف البدني، وكذا التسويق في السوق الوطنية، أما عن مبيعاته فالمحل كونه صاحب الأقدمية في الجزائر فقد أكد محدثنا أن زبائنه كثر ودائمين، حيث يتابعون كل جديده، وهو فعلا ما وقفنا عليه ونحن نتكلم معه، حيث لاحظنا عددا كبيرا من الزبائن عجّ بهم هذا المحل، كما لاحظنا التنوع الكبير في المنتوجات التي يبيعها منها ما هو مخصص للنحافة ومنها ما هو مخصص لجمال ورونق البشرة، وآخر ضد تقصف الشعر، فيما كان "حب الشباب" و"تساقط الشعر" هاجس الجزائريين الأول ظاهرة تخفيف الوزن تنتشر.. وغلاء السعر ليس عائقا توجهنا بسؤال كنا نظن أننا نعرف إجابته مسبقا، وفقط من أجل تأكيدها من الوكلاء المختصين، حول أكثر المنتوجات التجميلية اقتناء من قبل الزبون الجزائري، حيث ولوقت طويل نسمع على أن اهتمام الجزائريين وشغلهم الشاغل هو البحث عن مضادات لحب الشباب وتساقط الشعر، خاصة من العنصر الأنثوي، لكن فوجئنا بانتشار ظاهرة البحث عن النحافة، واقتناء الأجهزة والمنتوجات المساعدة على تخفيف الوزن، وهي ليست حكرا على النساء بل مطلبها من الجنسين، رغم غلاء سعرها خاصة ما تعلق بشراء بعض الآلات والتي يصل ثمنها في بعض الأحيان إلى 50 ألف دينار. حيث أكدت إحدى البائعات لهذه الآلات أن الطلب على كل ما له علاقة بالنحافة يزداد يوما بعد يوما، ومعظم المكالمات الهاتفية التي ترد لهؤلاء الوكلاء تكون خاصة بهذا الشأن، مضيفة أن هذا الموضوع كان مطلبا للنساء فقط، لكن في الآونة الأخيرة انتشر بشكل كبير وشمل النساء والرجال، هذا بالرغم من غلاء أسعارها. إضافة إلى مختلف المراهم المساعدة على إنقاص الوزن، تليها بعد ذلك آلات التخلص من الشعر الزائد، ومواد خاصة للقضاء على التجاعيد، ثم الآلات المنزلية المختلفة الاستعمالات، وكذا مراهم للحماية من أشعة الشمس والتي يكثر عليها الطلب في هذه الفترة، مواد ضد تساقط الشعر، وأخرى للمعانه وجاذبيته، تضاف لمنتوجات تفتيح البشرة وأخرى لتنقيتها، وكذا بعض الآلات المنزلية خاصة ما تعلق بالمطبخ كأدوات تقطيع الخضر والفواكه، وآلات التنظيف والغسيل، من بين أولويات الزبون الجزائري والتي تشهد إقبالا واسعا.. احتيال المقلد على الوكيل واحتيال الوكيل على الوكيل لو سمعت أن تاجرا بسيطا احتال على الزبون متخفيا وراء لباس ثوب الوكيل الحصري لكان الأمر عاديا، لكن أن يحتال وكيل بضاعة ما على وكيل سلعة أخرى فهذا هو غير عادي، حيث في جولتنا الاستطلاعية التي قادتنا لبعض الوكلاء كشفوا لنا عن وجود احتيالات غريبة وطريفة في الوقت نفسه، فمن احتيال بعض الباعة المجهولي المحلات، بعد تقليدهم للمنتوج الأصلي وبيعه على أساس أنه المنتوج الذي يظهر على شاشة القنوات، إلى احتيال آخر يبدو أنه جديدا على الساحة التجارية، خاصة ما تعلق بتجارة المواد التجميلية، حيث أكد معظم الوكلاء الذين تحدثنا إليهم أن بعض وكلاء المنتوجات التي لا تمتلك دعاية إعلامية كبيرة، تستغل شهرة بعض الشركات لتسوق لمنتوجها، مدعية أنه من منتوجات تلك الشركة، خاصة وأن معظم الزبائن لا يطلب دليلا على ذلك كتأكده من علامة الشركة مثلا، ويكفيه كلاما من الوكيل المحتال الذي يخبره أنه ممثلا لتلك الشركة المشهورة، وهنا طبعا يبقى الأمر موقوف على ثقافة الزبون وفطنته في اكتشاف هذا النوع من النصب. ..والفتيات تتصدرن الريادة في عمليتي النصب والاحتيال تحترفن فن المبيعات وبجدارة، تنتشرن في المنازل والحمامات والأعراس والأماكن العمومية، تتقمصن دور بائعات الوكلاء الحصريين لمختلف المنتوجات التجميلية، ومهمتهن إيصال السلعة إلى المنازل لتقديم خدماتهن أفضل بتقربهن من الزبون، هن فتيات تتاجر بهم جهات مجهولة، يقومون ببيع المنتوجات المقلدة داخل المنازل أو قاعات الحفلات وخاصة في الحمامات النسائية، حيث تبعن منتوجات مقلدة ومصنوعة في الجزائر على أساس أنها تلك المنتوجات التي تشاهدها عبر الفضائيات الدعائية لهذه المواد، وأنها مصنوعة من قبل الشركة الفلانية التي اشتهرت بكذا وكذا، وتتمادين في تعظيم وتأكيد فعالية هذا المستحضر أو ذاك، وهذا كله لتبعنه بثمن باهظ يضاهي ثمن المنتوج الأصلي، وطبعا من جربت هذه المادة التجميلية ولم تلاحظ جديدا أو تطورا تظن أن المنتوج غير فعال، لكن الحسرة تكون أكبر حين يتسبب لها في آثار بعد ذلك. النصب لا يتوقف عند هذا الحد بل ولتأكيد أصلية المنتوج وفاعليته تعد هاته الفتيات ضحايهن بأنه إذا لم يسعفهم الحظ في هذا النوع أو لم يساعد مطلبهم ما عليهم سوى الاتصال بأحد الأرقام التي نقلنها من القنوات الدعائية، على أساس أنها رقم الوكيل الذي يعملن لصالحه، وطبعا يتوجه الزبون الضحية وكله أمل في استرجاع أمواله أو على الأقل لإفراغ شحنات غضبه ليكتشف أنه وقع ضحية نصب واحتيال.. لأن الوكيل هو المخوّل الوحيد بمعرفة الرقم السري للمنتوج اكتشاف الزبون المتأخر، يجعله حقل تجارب بامتياز وقفنا في جولتنا الاستطلاعية التي قادتنا لبعض هذه المحلات الواقعة في العاصمة والمختصة في بيع مواد التجميل، وبعض الآلات الخاصة بإنقاص الوزن وشفط الدهون، أو الرياضة التجميلية، على إجابات بعض الأسئلة التي ذهبنا محملين بها، يتقدمها البحث عن معرفة الطريقة التي يتسنى للزبون التأكد بفضلها من أن المنتوج الذي يقتنينه غير مقلد، إلا أننا اصطدمنا بحقيقة صعوبة الأمر، فللأسف لن يتمكن الزبون العادي من الوصول إلى معرفة المنتوج الأصلي من المقلد، خاصة وأنه ظاهريا يبدو المنتوجان متطابقين، وهو مما يقف حائلا دون التمييز بينهما، ولأن السعر لم يعد هو المقياس المناسب للكشف عن نوعية المنتوج ومصدره الأصلي، وكذا فاعليته، إضافة إلى التطابق الكبير بين المنتجات الأصلية والمقلدة، حيث يصعب التفريق بين المنتوجين، ويصبح تجريب منتوج ما، هو الحل الوحيد، وحينها يتفاجأ الزبون أنه كان عرضة للاحتيال، ويا ليت الأمر يتوقف عند وقوفه على خيبة دفعه ثمنا باهظا لاقتناء هذا المنتوج المقلد بنية أنه أصلي، لكن المشكل يتعقد حين يخّلف المنتوج آثارا سلبية على مستعمله أو بالأحرى مستعملته، لأن معظم الزبائن وبشهادة كل الوكلاء هم نساء، وتأتي في مقدمة هذه المشاكل التي تنجر على المنتوج المقلد بعض الأمراض الجلدية التي تتطور فيما بعد وتتضاعف آثارها لتصل لمراتب صعبة ويصعب حتى شفائها، مما تتسبب في أمراض عضوية أخرى وكذا نفسية، ناهيك عن عدم وجود آثار سواء سلبية أو إيجابية وهو أفضل شيء للزبون في معظم الأحيان. مكالمات "تمسخير"، الاحتيال، التفتيش، صعوبات تؤرق الوكلاء من بين أهم الصعوبات التي تشكل هاجسا لدى الوكلاء، وتؤرقهم وحسب تصريحات معظمهم للشروق، هي المشاكل الناجمة عن عمليات النصب والاحتيال وما ينجر عنهما، خاصة حين يتم إعلام الزبائن بأنهم ليسوا من باعوا له هذا المنتوج، وأنه وقع ضحية لمحتالة وطبعا لن يصدق الأمر ويأتي مباشرة بالشرطة، مما يجبر الوكيل إلى التنقل لمقرات الشرطة وتوضيح الأمر بإعطائهم الرمز السري لمنتوجاتهم، وتعتبر هذه الحالات كثيرة جدا حسبهم، يليها المكالمات التي تتهاطل على أرقام الوكيل من كل الولايات للسؤال عن نوعية المنتوج وفاعليته، خاصة سعره وهل هو فعلا المنتوج الذي شوهد في القناة الفلانية أم لا، وحسبهم فإنه لو كان معظم المتكلمين فعلا يتصلون بنية الشراء لما استطاع الوكيل تلبية الرغبات، كما أكدت سهام بائعة في إحدى الوكالات بالأبيار، والتي قالت إنها تتقلى آلاف المكالمات يوميا لكن نادرا ما يشتري من عندها شخص سبق وأن تكلم معها هاتفيا، وهي فقط مكالمات »تمسخير« على حد قولها، غير أن هذا لا ينطبق مع بعض الزبائن الذين لا يسكنون في العاصمة، والتي أكدت أنهم يشترون فعلا عن طريق الهاتف بعدما يأخذون الشروحات هاتفيا ثم ترسل لهم الطلبية عبر البريد السريع. كما كشف باعة آخرون أن المفتشين الذين ترسلهم وزارة الصحة والتي تأتي مباغتة تجعلهم يعيشون دائما في فترات خوف وشك، خاصة وأن هؤلاء المفتشين يأتون بصفة زبون عادي ويخاف الباعة من الخطأ معه بأي شكل.