يتوقع البعض أن يكون صيف هذه السنة ساخنا على المستوى السياسي، مثلما كان دوما في البلاد التي لم تهدأ في كل فصولها وليس في فصل الصيف خلال السنوات الأخيرة. * علما أنه كان يمكن لكلام رئيس الحكومة عن تعديل وزاري جديد وأيضا الحديث عن إمكانية تعديل الدستور مع نهاية الصيف، أن يكون حدثا يجترّ الخلق حوله ويختصمون، لكن رئيس الحكومة قال كلاما كبيرا في اجتماع حزبي ضيّق منع الصحافة من تغطيته، ما عدا تلك الناطقة باسمه، ثم عاد وزير الاتصال لينفي كل ما قيل ويؤكد أن الرئيس وحده من يحدّد تواريخ التعديل، سواء كان وزاريا أو دستوريا، وبين القولين والتصريحين مسافة قصيرة زمنيا لا تعدو أن تكون بضعة ساعات! * يشير البعض من المتابعين بحماسة لملف العهدة الثالثة أنّ مسألة التعديل تدحرجت إلى مراتب خلفية، عكس ما كان متوقعا، إلى درجة طرح فيها البعض الفرضية التي كانت محرّمة وممنوعة قبل فترة، وتتعلق بإمكانية تراجع الرئيس عن البقاء في الحكم، كما جفّت جميع بيانات المساندة وخفّت أصوات التطبيل والتزمير، وأصبح الحديث الأكثر جاذبية للناس هذه الأيام ذلك المتعلق باتحاد المتوسط وأعضائه، وأيضا التهويل الإعلامي ومحاسبة الصحفيين لأخطائهم المهنية، وصولا إلى الجرائم المروّعة المرتكبة قتلا وتنكيلا أو في الطرقات التي ما تزال تحصد العشرات أسبوعيا! * لا أحد يعرف لماذا يصمت الرئيس حتى الآن عن الكلام المباح سياسيا في قضايا هامة وخطيرة كتلك المرتبطة ببقائه في الحكم من عدمه أو بتولية أحد من رجال الثقة لديه منصب النائب أو حتى الكلام عن تعديل الدستور حتى لا نقول أننا نطلب الكلام في مسائل أخرى، ونحن نعلم أن بعض البلدان يُخصِّص فيها الرئيس خطابا أسبوعيا للشعب مثل الولاياتالمتحدة، كما أن رؤساء آخرين كليبيا وفنزويلا لا يكتفيان بالخطابات الدورية والمناسباتية، بل يصل مستوى اتصالهما بالشعب إلى حدّ إعطاء الدروس بالقلم والمسطرة. نحن لا نبحث عن تكرار السيناريو في الجزائر لعلمنا تماما أن لكل بلد خصوصياته السياسية وتجاربه الديمقراطية، لكننا نعتقد أن مسائل هامة وجوهرية تحتاج من الرئيس أن يتكلم عنها ويعطي رأيه مباشرة للشعب فيها، وليس فقط عبر الاجتماعات المغلقة أو عبر تعاليق اليتيمة في "ثامنة" لا يراها كل الجزائريين! * إن اختزال الحراك الرسمي على مستوى رفيع في القاعدة ومشتقاتها الأمنية من التهويل إلى التهوين هو اختزال يضر بسمعة الرئيس وشعبية النظام، ذلك أن الناس بحاجة ماسة إلى من يكلمهم في قضايا الأجور، واستيراد اللحوم وإصلاحات البكالوريا واختطاف الأطفال، وصولا إلى مهازل الكرة المستديرة، وقضايا أخرى يظنها البعض هامشية لكنها في حقيقة الأمر أكبر من كل كلام!