بعد أن اتضحت هويات رؤوس قوائم المترشحين للانتخابات التشريعية المقبلة، وخاصة رأس قائمة العاصمة بالنسبة لحزب جبهة التحرير الوطني، انتقل الاهتمام إلى من سيخلف محمد العربي ولد خليفة في رئاسة المجلس الشعبي الوطني، المنتمي للحزب ذاته. ومباشرة بعد اختيار وزير الفلاحة والتنمية الريفية السابق، سيد أحمد فروخي، لترؤس قائمة العاصمة التي قدمها الحزب العتيد، ذهبت مقاربات إلى ربط هذا الاختيار برئاسة الغرفة السفلى للبرلمان، غير أن هذه القراءة استبعدها الأمين العام للحزب، جمال ولد عباس، في تصريح ل "الشروق" على هامش الندوة الصحفية التي عقدها بقصر المؤتمرات. هذه القراءة عززتها تجارب سابقة، والإشارة هنا إلى رئيس المجلس الأسبق، عبد العزيز زياري، الذي ترأس قائمة العاصمة في تشريعيات 2007، ومن بعده الرئيس المنتهية عهدته، محمد العربي ولد خليفة، الذي ترأس بدوره قائمة العاصمة في تشريعيات 2012، في مفاجأة كانت يومها من العيار الثقيل في ظل وجود شخصيات أكثر وزنا وحضورا منه. ولد عباس جزم بأن ترؤس سيد احمد فروخي لقائمة العاصمة لا يعني بالضرورة أنه تم تكليفه مسبقا بخلافة محمد العربي ولد خليفة بل لا علاقة لذلك بالرهان على رئاسة الغرفة السفلى للبرلمان، كما قال، واستدل على ما قال بحالتي كل من كريم يونس، الذي انتخب عن ولاية بجاية، وخليفته عمار سعداني الذي انتخب عن ولاية الوادي، ومع ذلك ترأس كلاهما الغرفة السفلى للبرلمان في عهد الرئيس بوتفليقة. وإن كان ولد عباس "لا دور له" في اختيار رئيس المجلس المقبل، حتى ولو كان أمينا عاما لحزب ينتظر أن يحصل على غالبية المقاعد في الغرفة السفلى القادمة، إلا أن ذلك يحيل المتابع للشأن البرلماني إلى التساؤل حول هوية الرجل أو المرأة الذي سيتربع على رابع أعلى منصب سياسي في البلاد. وعلى عكس منصب رئيس الجمهورية الذي عادة ما يعرف قبل انطلاق سباق الانتخابات، تؤكد التجارب السابقة أن عامل المفاجأة ظل هو السيد عندما يتعلق الأمر بالمناصب التي دونه، ومنها منصب رئاسة الغرفة السفلى، التي تبقى على قدر كبير من الأهمية، حتى في ظل طبيعة النظام السياسي الرئاسي الذي يهيمن فيه القاضي الأول على مصادر صناع القرار في الدولة. وللاقتراب أكثر من مواصفات الشخصية التي ستخلف ولد خليفة، يمكن التوقف عند الوجوه التي تقدمت لسباق التشريعيات، وخاصة المعروفة منها لتلمس إمكانية توليها هذا المنصب.. فمن الوزراء يوجد وزير النقل والأشغال العمومية، بوجمعة طلعي متصدر قائمة عنابة، ووزير التعليم العالي والبحث العلمي، الطاهر حجّار متصدر قائمة تيارت، وغنية الداليا وزيرة العلاقات مع البرلمان ومتصدرة قائمة البليدة، فضلا عن وجوه أخرى غير مستوزرة يمكن الدفع بها لرئاسة المجلس. وفي هذا الصدد، بدأت بعض الأسماء تتسرب كخلفاء محتملين لولد خليفة، على غرار وزير التعليم العالي، الطاهر حجار، غير أن اسم غنية الداليا يتداول أكثر من غيره، لأن صناع القرار يريدون تمكين المرأة من منصب سام كرئيس الغرفة السفلى للبرلمان تماشيا مع إرادة ترقية المشاركة السياسية للمرأة، علما أن هذا المنصب الذي لم يسبق لأي امرأة أن تقلدته.