ستحرم الشروط التي فرضتها البنوك مقابل منح قروض عقارية لكل من يسعى لشراء مسكن جديد حوالي 35 في المائة من الطبقة الشغيلة، ويشكل هؤلاء العمال المتعاقدين، وكذا العمال الذين لا تزيد رواتبهم عن 30 ألف دج شهريا، وأعمارهم تفوق 40 عاما، مما يمنعهم من الحصول على قرض ملائم لاقتناء مسكن يحمل كافة المواصفات والشروط، ويصف المحللون الاقتصاديون هذه الشريحة "بنخبة الخبرة والفقر". ويبلغ عدد العمال المتقاعدين في قطاع الوظيف العمومي وحده ما يزيد عن 283 ألف عامل، حسب إحصائيات سنة 2009، وهم يمثلون نسبة 17 في المائة من مجموع العمال الدائمين في القطاع ذاته، والمقدر تعدادهم بأزيد من مليون ونصف مليون عامل، إلى جانب العمال المتعاقدين الذين يشتغلون في القطاع الاقتصادي ويقدر عددهم بأزيد من 150 ألف عامل، ويضاف إلى كل هؤلاء العمال الذين يتقاضون رواتب لا تزيد عن 30 ألف دج جزائري، في حين تجاوزت أعمارهم الأربعين عاما. ويتوزع العمال الذين ستحرمهم شروط الحصول على قروض عقارية على قطاعات عدة، من ضمنها التعليم والصحة والبلديات، وكذا الإدارة يضاف إليها القطاعات الاقتصادية، وذلك بسبب الأجور الزهيدة التي يتقاضونها، والتي كانت السبب الرئيسي وراء سلسلة الإضرابات التي مست هذه القطاعات وتسبب في شلها لأسابيع عدة. ويقصد "بشريحة الخبرة والفقر" كافة العمال الذين لديهم الخبرة ويحتلون مناصب عمل وتعتمد عليهم الدولة، غير أنهم يتقاضون أجوارا متواضعة، لأنهم فضلوا الانتساب إلى قطاعات معينة، بدل ممارسة النشاطات الحرة التي تذر على أصحابها أرباحا وفيرة. ولا يمكن لهذه الفئات الاستجابة للشروط التي حددتها البنوك للحصول على قرض عقاري، من بينها السن والمدخول الشهري، إذ كلما ارتفع الراتب الشهري وانخفض سن الشخص تزيد حظوظه في الحصول على قرض عقاري قد يفوق بكثير مليار سنتيم، وهو مبلغ يمكن صاحبه من شراء مسكن في مكان لائق، تتوفر فيه كافة المواصفات، من بينها احترام الشروط البيئية والنظافة وسلامة المحيط والأمن والنقل والحراسة وغيرها. في حين لا تسمح القروض الضئيلة سوى باقتناء المساكن التي تقوم الدولة بتشييدها، وتتراوح أسعارها ما بين 280 مليون سنتيم و800 مليون سنتيم، وهي لا تتوفر في كثير من الأحيان على المواصفات الموجودة في السكنات باهضة الثمن، الموجهة في الحقيقة لأصحاب الرواتب المرتفعة أو ما يعرف بالإطارات. وتظهر القروض العقارية من خلال الشروط التي تنظمها وكأنها موجهة خصيصا لفئة الشباب، غير أنه بمجرد التدقيق في الإحصائيات المتعلقة بنسبة البطالة التي تقدرها الدولة بحوالي 10 في المائة، فإن حوالي 70 في المائة من هؤلاء يمثلون فئة الشباب، مما يعني أن القوى العاملة في الجزائر يزيد سنها عن 35 عاما. ويتخوّف خبراء اقتصاديون من بينهم الخبير مالك سراي من أن تؤدي القروض العقارية في صيغتها الجديدة إلى استحداث شريحة جديدة، وهي تلك التي تقطن في الأحياء الراقية، مقابل شريحة أخرى تعيش في ظروف غير لائقة، بسبب التباين في قيمة القروض العقارية التي ستستفيد منها كل فئة، لذلك فهم يقترحون بأن تتدخل الدولة بشكل مباشر لتمكين الجميع من الحصول على حقه في السكن.