لم يظهر أثر لمدير الديوان برئاسة الجمهورية والأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، أحمد أويحيى، منذ تنشيطه الحملة الانتخابية لحزبه في الانتخابات التشريعية الأخيرة، في سابقة خلفت تساؤلات، لا سيما وأن "التجمع" حقق أرقاما معتبرة في الاستحقاق الأخير لم يكن أحد يتوقعها. فمنذ ما يقارب الشهر، لم يوقع أويحيى سوى بيان واحد أعقب اجتماعه بنواب حزبه الجدد، السبت المنصرم، أبلغهم فيه بدعم مرشح حزب جبهة التحرير الوطني، السعيد بوحجة، لرئاسة المجلس الشعبي الوطني، فضلا عن توجيهات خصت هياكل حزبه ودعم الحزب لبرنامج الرئيس بوتفليقة. وعلى عكس غريمه في حزب جبهة التحرير الوطني، جمال ولد عباس، وبقية الأحزاب الكبرى التي خاضت سباق التشريعيات، لم ينشط أويحيى ندوة صحفية يلتقي فيها مع رجال الإعلام ويقيم من خلالها حصيلة حزبه في الانتخابات الأخيرة، التي تبقى بحاجة إلى توضيحات من قبله. وكل ما نقل لحد الآن عن الأمين العام للقوة السياسية الثانية في البلاد، كانت معلومات مسربة من داخل هياكل حزبه ومن مقربين منه، تحدثت عن وقوع عمليات تزوير استهدفت حزبه في بعض الولايات، وهو الأمر الذي كان قد حذر منه خلال الحملة الانتخابية، عندما دعا الإدارة إلى البقاء على مسافة واحدة من جميع الأحزاب. وعلاوة على ذلك، فقد تحدثت تسريبات عن وجود مدير الديوان بالرئاسة في حالة من الغضب، جسدها رفضه تلبية الدعوة التي وجهها إليه الوزير الأول السابق، عبد المالك سلال، في إطار المشاورات التي أطلقها عقب ظهور نتائج الانتخابات التشريعية، بغرض تشكيل الحكومة الجديدة، بحيث اضطر سلال إلى التنقل إلى مكتبه الكائن بقصر المرادية، حيث يؤدي مهامه على مستوى الرئاسة. ويؤكد مطلعون أن أويحيى لم يعد راضيا تماما عن وضعه، فمستقبله كمدير للديوان برئاسة الجمهورية بات يقلقه كثيرا، كما أن خسارته الرهان على منصب الوزارة الأولى زاد من إرباكه، وهو الذي اعتاد عدم البقاء بعيدا عن الأضواء لمدة طويلة، كالتي يعيشها اليوم. ولم يُخفَ على أحد رغبة أمين عام "الأرندي" في العودة إلى عرينه في قصر الدكتور سعدان، الذي تردد عليه في مرات عديدة، وتجلى ذلك من خلال الانتقادات التي ساقها لخليفته الوزير الأول السابق، عبد المالك سلال، خلال الحملة الانتخابية الأخيرة وقبلها، وهي الإشارات التي التقطها البعض واعتبرت، حسب متابعين، عرض خدمات على صناع القرار للاعتماد عليه في إدارة دفة الدولة في مثل هذا الوضع، الذي سبق له وأن عاشه كرئيس حكومة. وبقي أويحيى هذه المرة لمدة خمس سنوات بعيدا عن الوزارة الأولى، وهو الذي اعتاد التردد عليها في فترات وجيزة منذ أن قفز للواجهة في عهد الرئيس السابق، اليمين زروال، أما مدير الديوان بالرئاسة فلا يبدو أنه يستهويه لكون هذا المنصب لا يعتبر الفضاء المناسب لشخصية بوزن الرجل، المعروف بطموحه الرامي إلى تفادي عثرات الماضي التي واجهته وهو على طريق مشروعه إلى تسيّد قصر المرادية.