مسؤول العلاقات العربية في حزب الله اللبناني الشيخ حسن عز الدين الثورة الجزائرية نموذجا لكل من يواجه الاستعمار أكد مسؤول العلاقات العربية في حزب الله اللبناني الشيخ حسن عز الدين في هذا الحوار مع الشروق اليومي بالعاصمة أن الحزب بات يملك إستراتيجية جديدة سيستخدمها في أي مواجهة محتملة مع العدو الصهيوني... وقال إنها ستكون حربا شاملة تشمل البر والبحر، ولكنه استبعد إقدام العدو على أي مغامرة على لبنان على الأقل في المدى المنظور، وقال إن المناورات الجارية في تل أبيب هي مجرد استعراض قوة لطمأنة الجبهة الداخلية التي تعيش حالة رعب وهلع. وتحدث القيادي في حزب الله في هذا الحوار عن هزيمة مشروع التفاوض في مقابل ثبات وصمود مشروع المقاومة، بالإضافة إلى مختلف القضايا الإقليمية والدولية .. أعطى السيد نصر الله في خطابه الأخير مؤشرات ورسائل، هل يعني هذا أن المقاومة تمتلك إستراتيجية جديدة في أي مواجهة محتملة مع العدو؟ الخطاب الذي ألقاه سماحة السيد نصر الله أرسى قواعد جديدة تختلف عن الخطاب الذي سبق التحرير، فقد أصبحت هناك قاعدة لردع العدو في ممارسة تدمير البنى التحتية داخل لبنان، فإذا أقدم العدو على تدمير مطارنا ستدمر المقاومة مطاره، وإذا أقدم على تدمير مصانعنا وموانئنا سندمر مصانعه وموانئه .. هذا على المستوى البري. وكان العدو الذي يملك القدرة على محاصرة لبنان يمنع الملاحة والسفن وهذا ما مارسه خلال حرب تموز، حيث حاصر المطار ومنع دخول السفن وخروجها، لذلك اتسعت قاعدة الردع لدى المقاومة لتشمل المياه وسيكون لهذا التوسع تأثيرا في أي عدوان مقبل، وسيحسب العدو ألف حساب لهذا الأمر. وقد بتنا اليوم أمام معادلة جديدة، وإذا أراد العدو القيام بمغامرة ضد لبنان ستستخدم المقاومة كل ما تملكه من إمكانيات وقدرة وستكون هناك حرب شاملة، برا وبحرا من أجل حماية لبنان.. كيف أعاد حزب الله بناء قوته العسكرية بعد عدوان 2006؟ كما تعلمين فإن إستراتيجية المقاومة تبقى في حالة جهوزية دائمة وقادرة على أي مواجهة مع العدو. ومنذ اليوم الأول لوقف إطلاق النار في 2006 بدأت المقاومة في دراسة وتقييم مرحلة الحرب من أجل استخلاص النتائج، وبدأت تعمل على ترميم الثغرات التي واجهتها وتعمل على إعادة التأهيل والتدريب والتسلح. ونقول إنه لا يحق للولايات المتحدة ولا لإسرائيل ولا لأي طرف آخر أن يمنع حزب الله من تسليح نفسه، كما لا يحق لهم منع المقاومين سواء في العراق أو فلسطين أو لبنان من أن يفتشوا عن مصادر القوة بشتى الأوجه لأننا أمام عدو لا يوفر جهدا من أن يفعل ذلك، وأمريكا نفسها تقوم بتزويد إسرائيل بالأسلحة حتى المحرمة دوليا والتي استعملتها ضد الفلسطينيين.. هل صحيح أن سوريا زودت الحزب بصواريخ "سكود" كما تزعم إسرائيل؟ لا أنفي ولا أؤكد ذلك، لأن هذا الأمر من مكامن وعناصر القوة عند المقاومة، وبالتأكيد فإن العدو الصهيوني يملك أجهزة أمنية واستخباراتية، وقد يتمكن من معرفة جزء كبير من قدرات المقاومة وهو يعرفها، ولكن هناك جزءا ولو ضئيلا لا يعرف عنه شيء. ومن الخطأ المميت أن تكشف المقاومة عما تمتلك من سلاح ونوعية هذا السلاح وستبقي ذلك سرا لأنها تعتبره أحد عناصر المفاجآت مع العدو في أي مواجهة محتملة.. تجري إسرائيل هذه الأيام مناورات عسكرية، هل هو استعداد لحرب أخرى ضد لبنان؟ نحن هنا أمام أمرين، الأمر الأول وبغض النظر عن الوقائع والظروف والتهديدات، فإن المقاومة تعمل وكأن الحرب ستقع غدا، ولذلك فهي مستمرة في بناء قدراتها وإمكاناتها وتطوير مهاراتها في ابتكار الأساليب المناسبة للمرحلة المقبلة سواء على مستوى الفرد أو على مستوى المعارف والتقنيات.. والأمر الثاني وبغض النظر أيضا عن الواقع السياسي والإقليمي والدولي والإسرائيلي الداخلي، فتلك المناورات وهي ليست الأولى جاءت نتيجة الهزيمة الكبرى التي مني بها العدو. والجيش الصهيوني ما يزال يعمل على ترميم الأخطاء الكثيرة وعلى تجاوز الخلل والعقبات التي كان سببا فيها. وحتى هذه اللحظة لم يتمكن العدو من ترميم بنية الجيش وترميم حالته المعنوية ولم يتمكن أيضا من إعادة الثقة إلى الرأي العام الداخلي. ولا أتصور أن التهديدات والمناورات التي يقوم بها العدو الصهيوني تأتي من باب الجهوزية للبدء في عدوان جديد على الأقل في المدى المنظور. وإنما تأتي من أجل الضغط على لبنان وسوريا وبتحريض من الدول الكبرى لمنع تسلح حزب الله وتطوير كفاءاته وقدراته.. ومن جهة أخرى يقوم العدو الصهيوني بتلك المناورات لابتزاز الدول الكبرى الحليفة له من أجل تقديم المساعدات المالية له، وهو ما فعله الكونغرس الأمريكي مؤخرا باقراه مساعدة لهذا العدو. والخلاصة أن هذه الأساليب الإسرائيلية عكست المشهد السياسي، حيث زادت في تلاحم الشعب اللبناني مع المقاومة بينما أصبح هذا الكيان الغاصب يعيش حالة من الخوف والقلق وظهرت عوامل تبشر بانهيار جبهته الداخلية. اللقاء الثلاثي الذي عقد منذ شهور في دمشق عزز تحالف سوريا وحزب الله وإيران، هل يفهم منه أنه سيكون هناك دفاعا مشتركا في حال حدوث عدوان على أحد الأطراف؟ أنا أعتقد أن لقاء دمشق الثلاثي كان واضحا في رسائله الموجهة للإدارة الأمريكية وإسرائيل ومفادها أننا لا نريد الحرب لأننا لا نخشى منها، وثانيا أن الاعتداء على لبنان سيكون معناه الاعتداء على سوريا والعكس صحيح . والأمر الثالث أن قوى المقاومة ودول المواجهة والممانعة أمام عدو واحد وتجد نفسها في خندق واحد على مستوى المسار والمصير وبالتالي فهم يلتقون في الرؤية الإستراتيجية وهذا يشكل عامل قوة يحسب له العدو ألف حساب، وبدل أن ينضم بعض النظام الرسمي العربي لهذا الحلف الذي يريد أن يقف بعزة وكرامة، انخرط في عملية التسوية التي وصلت إلى طريق مسدود. ولو تخرج الأنظمة العربية من قممها بموقف سياسي متشدد لعمل لها الآخرون ألف حساب. ما هو موقف حزبكم من انتشار ظاهرة التشيع التي حذر منها حتى بعض العلماء المعروفين؟ في الحقيقة فإن الحديث عن التشيع هو نوع من الأوهام، لأن حزب الله قدم نفسه أمام الأمة العربية كأحد القوى السياسية التي تبنت القضية الفلسطينية، ونحن نؤمن إيمانا جازما ونعتقد أن هذا الكيان هو غدة جرثومية ولن نعترف به حتى لو اعترف به كل العالم، وعندما انخرطنا في العالم العربي انخرطنا من خلال فلسطين وأخذنا هذه الشرعية من خلال فلسطين. ولا أعتقد أن في العالم هناك من يريد تشييع الناس، لان ذلك يتطلب وقتا طويلا وجهدا، وفي إحدى خطبه قال سماحة السيد حسن نصر الله إنه إذا كانت المسألة تتعلق بزيادة عدد الشيعة فسأطلب من المجاهدين أن يزيدوا من وتيرة الإنجاب، وسيكون ذلك أقل كلفة وأكثر بكثير من حيث العدد. فموضوع الشيعة هو أحد الأدوات التي يستعملها العدو. ولكن الآن على امتداد الوطن العربي هناك من يؤمن بهذه المقاومة وبهذا النموذج الذي أصبح هواه السياسي والمقاوم، ومثلا أنا لم آت إلى الجزائر لأتحدث عن حزب الله ليصبح الشعب الجزائري يحب المقاومة لأنه بمجرد أن هذا الخيار شق طريقه وانتصر على الاحتلال وجدنا الشعب الجزائري والمصري والمغربي والعراقي وكل الناس حتى أحرار العالم يشعرون بالانتماء إلى هذه المقاومة، وهذا الانتماء ليس إسلاميا أو شيعيا وإنما هو انتماء سياسي. هؤلاء يخلطون في هذا المجال وهناك أجهزة مخابرات سواء من أنظمة عربية أومن الأمريكيين أومن إسرائيل يعملون لبث التفرقة بين السنة والشيعة تحت هذه العناوين، وحزب الله بدوره حريص على علاقته الايجابية بالعالم العربي وعلى أي شيء يساعد على تحقيق وحدة المسلمين ألا تعتقدون أن مفاهيم المقاومة اختلطت بدليل ما يحدث في العراق؟ موضوع العراق مختلف، وعلينا أن نميز بين أمرين، بين المقاومة الحقيقية التي تقاتل الاحتلال الأمريكي والتي نحن أعلنا موقفنا من أن نؤيد أي مقاومة تستهدف هذا الاحتلال. أما الالتباس الحاصل بين بعض الأطراف وبعض من هم يعملون بالمقاومة يقومون بعمليات تفجير تستهدف الأبرياء أو المناطق المقدسة أو المؤسسات العامة، فنحن نعتبر أن هذا ليس من عمل المقاومة، والمقاومة براء منه، وهذا مدان بكل المقاييس الشرعية والدينية والقانونية، ولا يستفيد من ذلك سوى الاحتلال نفسه، ولعل البعض يشكل أدوات لهذا الأمر.. كيف استفاد حزب الله من الثورة الجزائرية؟ بالتأكيد أن تراث الثورة الجزائرية هو في وجدان كل عربي، وقد انتصرت هذه الثورة من خلال التضحيات والإرادة والإيمان، وكما أعرف فقد كان شعار الثورة الجزائرية هو الله أكبر، وبالتالي هذه التجربة بالتأكيد انعكست وتنعكس بشكل دائم باعتبارها ثورة رائدة ونموذجا لكل من تحتل أرضه، وكل من يريد أن يواجه الاستعمار يستلهم منها.