تأسّف الأئمة ل"تغوٌّل" بعض المٌخالفين في المرجعية رغم أنهم أقلية، وزيادة نفوذهم بتغلغلهم في مناصب رسميّة بوزارة الشؤون الدينيّة، فأخرجوا "انحرافهم" علنا وصاروا يعتدون نفسيا وجسديا على أئمّة المساجد، في ظل سكوت الوصاية. وبينما ثمّن ضيوف ندوة "الشروق" تعليمة وزير الداخلية، هدّدوا بإجراءات تصعيدية اذا بقي القرار حبرا على ورق. فيما سرد بعض الضيوف وبكل حسرة، وقائع الإعتداء عليهم، والتي يبرأ كل مرة فاعلها بحٌجة أنه "مجنون". استهلّ المنسق الوطني للأئمة وموظفي الشؤون الدينية، جلول حجيمي، مداخلته بالتأكيد على أن الجزائرييّن، من أكثر الشعوب التفافا وتقديسا للإمام بما فيهم الأشخاص المنحرفون. كما أن رجال الدين شاركوا في المقاومة المسلحة ابان الاحتلال الفرنسي، وتصدّوا للإرهابيين في العشرية السوداء، ولم يغلقوا المساجد، وشاركوا في مختلف التظاهرات السياسيّة وساهموا في تسوية خلافات طائفية حفاظا على استقرار الوطن، وجميع هذه الظروف جعلت من الإمام "حلقة متينة وقوية في ظل وجود أكثر من 26 ألف مسجد عبر الوطن". وما يجمع الأئمة، يقول حجيمي "هو انصهارنا في مرجعية واحدة، وبعد وطني". وفند المنسق الوطني للأئمة، أن تكون وقفاتهم الاحتجاجية "فوضوية"، وحسب تأكيده "خرجنا بعد حصولنا على ترخيص من السلطات المخولة بذلك، فنحن لسنا مجرد أفراد فقط، بل نقابة منضوية تحت لواء الاتحاد العام للعمال الجزائريين، وأثبتنا وجودنا في أكثر من مناسبة".
إمام أم البواقي قٌتل بالمحراب على يد من صفح عنه وبالعودة إلى موضوع الاعتداءات، تأسف حجيمي، لما وصفه بالاعتداءات غير المعقولة التي تعرض لها عدد من الأئمة عبر مختلف ربوع الوطن، فقال "الشيخ محمد من أم البواقي وصفه أحدهم بالشيخ الضال واعتدى عليه، وعند وقوف الضحية مع المتهم بمكتب وكيل الجمهورية، صفح الشيخ عن ظالمه، والنتيجة تعرض الشيخ للقتل وفي محراب المسجد على يد الشخص نفسه بعد أيام، وفي المسيلة إمام يٌطعن بالسكين من شخص قالوا عنه يتعاطى المهلوسات، وفي تيارت أحرق منزل إمام فجرا، وبعد التحريات قالوا أن المعتدي مشرد مجنون، والسؤال كيف للمجنون أن يحضر البنزين؟؟ وبوهران ضرب إمام بحجر التيمم، وإمام من غليزان أصبح مدمن مهدئات من كثرة ما تعرض له من ضغوط، وإمام يحضر لشهادة الدكتوراه بجامعة السوربون تعرض للضرب أثناء الصلاة ولثلاث مرات متوالية على يد الشخص نفسه، وبولاية المدية شخص يشق رأس إمام خيط ب15 غرزة..."، وهذه الاعتداءات وكثير غيرها، تعيشها يوميا مساجد الوطن، والمتهم فيها حسب حجيمي "بعض الجمعيات الدينية التابعة للمسجد والمشغولة بولاءاتها لعدة أطراف". ووصف محدثنا ما يجري ب"الفوضى والأمر المخطط له والذي لم نكن نسمع به قبلا"، مؤكدا أن تنسيقية الأئمة جمعت صفوفها منذ ما يقارب 5 أشهر، قائلا "نحن لم ننتفض من عدم، بل أخرجنا إحساسنا بالظلم... لكن وزارة الشؤون الدينية حاولت تشتيتنا بعدة أساليب، ولم تنجح". وبالحديث عن الجهات المتورطة في أعمال العنف، ردّ المتحدث "بعض من يخالفونا في المرجعية متورطون"، موضحا "نحن لا نضطهد بقية الطوائف، ولكن نقول لهم احترموا مرجعيتنا الدينية، لأنها الأغلبية، فكيف تفرضون علينا مذهبكم وبالعنف وأنتم أقلية؟". وحول تأثير ما بات يعرف بالسلفية المدخلية على عمل الأئمة، أوضح حجيمي "كل من يخالفنا في المرجعية لا نريده أن يتدخل في المسجد ويحرض، فالبعض يسب في مؤسسة المسجد والدولة، وهو ممول منها. ما يهم الأئمة هو محاسبة المتورطين في الاعتداء عليهم مهما كان توجههم، فنحن لم نكره أحدا على مرجعيّتنا". كما دعا المخالفين في المرجعية، إلى التوجه بالشكوى أمام الإدارة، بدل "سبّ وضرب الإمام أمام الآلاف داخل المسجد"، ومتأسفا، لأن المخالفين في المرجعية باتت لهم يد بطريقة أو بأخرى، معلقا "في الجزائر فقط يضرب الإمام ويهان".
الأمين العام للتنسيقية الوطنية للأئمة الشيخ جلول حجيمي يكشف: محمد عيسى عيّن مخالفين في مناصب بوزارته لاحتوائهم فاحتووه لن نتخلى عن المنابر وسنتابع تطبيق قرارات الداخلية وصف الأمين العام للتنسيقية الوطنية للأئمة وموظفي الشؤون الدينية والأوقاف، الشيخ جلول حجيمي، المعتدين على الأئمة بالمخالفين للمرجعية الوطنية، وهم يخالفون المنتمين لطوائف مختلفة، وقال إن غالبية الأئمة ضحايا هذه الاعتداءات هم من الكفاءات الدينية والفكرية وحماة المرجعية الوطنية ومدافعين عنها. وأبدى المتحدث تقبل الأئمة للمخالفين باللسان، الفكر، الحوار، أما استعمال العنف والاعتداءات اللفظية والجسدية فالأمر مرفوض تماما، ولنا خير مثال عن التّصالح وتقبل الآخرين في الرسول "صلى الله عليه وسلم" الذي حمى أهل الذمة بالرّغم من مخالفتهم للدين الإسلامي، مضيفا الاعتداء بالعنف أمر مكروه لا يمت للأسلوب الشرعي ولا للقاعدة الدينية بصلة، فهذا اعتداء صريح على المواطنة.
ضحايا الاعتداءات مالكيون من حماة المرجعية تساءل الشيخ حجيمي ماذا كان سيحدث لو تم الاعتداء على قاض في المحكمة لكان الأمر سيأخذ أبعادا خطيرة وسيعاقب الفاعل بالسجن، لكن عندما يتعلق الأمر بالإمام فلا أحد يحرك ساكنا، مستطردا بأن هناك جهات اتهمتهم بمحاولة استغلال الوضع والاعتداءات الأخيرة على الأئمة، وهو أمر عار تماما من الصحة، خاصة وأنهم جاءوا بالأئمة المعتدى عليهم أمام الناس، فهم حاليا في وضع استثنائي ولابد لهم من مخرج سليم يرضي الجميع.
الوزير أراد احتواء المخالفين وهناك معاهد يتخرج منها أئمة ثعابين أكد الأمين العام بأن من 80 إلى 90 بالمائة من الأئمة المعتدى عليهم هم مالكيون، ليفصل في وضعيتهم وظروفهم فهم غالبية مقهورة مظلومة يأتي بأشخاص مخالفين للمرجعية وينصبون كمسئولين عليهم ليتحكموا بهم، ليستطرد الشيخ قائلا: نحن نرضى ونقبل التنوع لكن ما حدث أن وزير الشؤون الدينية كان يريد إجراء مقاربة أو موازنة بين مختلف المرجعيات من خلال منحهم مناصب هامة في الوزارة، فالوزير أراد أن يحتويهم فاحتووه. وأشار الشيخ حجيمي لمعاهد يتخرج منها سنويا أئمة وصفهم ب"الثعابين" فهم يحملون أفكار مخالفة مثل "معهد سيدي عقبة" بولاية بسكرة، يتخرج منه أئمة مخالفين للمرجعية يوظفون في وزارة الشؤون الدينية ويزاولون عملهم بشكل عادي، ولكن يفترض عليهم حتى ولو كانوا مخالفين الالتزام أثناء تأدية مهامهم الوظيفية. استنكر الأمين العام غياب قانون توجيهي فلا يتوافر لديهم منهاج ولا ضوابط بعضهم يدرس فتاوى ما أنزل الله بها من سلطان، وهو أمر يتوجب التدخل لتنظيمه وضبطه فلا يسمح للمفتي أن يشذ عن الآخرين ويخوض في قضايا مغايرة للمرجعية. ليبرر المتحدث ما حصل في السنوات الماضية، من جرائم قاتل كانت نتيجة تخلي الأئمة عن المنابر لكن هذه المرة يستحيل عليهم التخلي عن المساجد بقوله: "لن نترك المساجد لهؤلاء". وثمن الشيخ حجيمي تحرك وزير الداخلية لكون الحوادث مست بالأئمة وهم مواطنون أيضا فالحركة الاحتجاجية التي دعوا إليها كانت تدعو لمقاطعة درس الجمعة وليس الخطبة، فمستحيل أن تمس الصلاة شرعا وهي ثابتة بالضرورة وعندما نقاطع درس الجمعة المواطنين سيتساءلون عن الأمر، واقترح الشيخ تنظيم خطب في الأيام القادمة حول دور الإمام ومكانته في المجتمع لتحسيس الجميع بخطورة إهانة العالم والفقيه، ليواصل المتحدث نمتلك جميع الأدوات لتحريك المجتمع لكن تهمتنا الوحيدة أننا وطنيون بامتياز. وشدد المتحدث على أهمية الإجراء الذي أعلنت عنه وزارة الداخلية فهي خطوة في الطريق الصحيح على حد قوله لكن لابد من مرافقتها بخطوات أخرى على مستوى وزارة العدل وهم سيعملون على متابعة ما يحدث في جميع الولايات، فإذا لم يتم الالتزام به فلديهم أساليب وطرق أخرى. واعتبر الأمين العام لنقابة الأئمة شريحتهم بالمهمشين من قبل وزارة الوصية والتي التزمت الصمت في الأزمة ليتحرك وزير الداخلية ويهتم بشأنهم.
إمام بالبليدة الشيخ نور الدين بوخيط: مخالفو المرجعية هم من يراقبوننا ويفرضون عقوبات علينا كشف الشيخ نور الدين بوخيط، إمام مدرس بولاية البليدة، تخبطهم في مشاكل جمة فليست الاعتداءات بالضرب وحدها بل السب والشتم المباشر وغير المباشر فبالرغم من أنهم صمام الأمان، هم من أخمدوا نيران الفتن ما ظهر منها وما بطن، يدفعون الثمن ولا ينظر إليهم أي أحد. فراتبهم الشهري متدن ويعانون من التعسف الإداري للمفتشين، فبعضهم مخالف للمرجعية لا يستعمل عصا خلال خطبة الجمعة ولا يقرأ دعاء القنوت، يتولى مهمة مراقبة الأئمة ووضع علامات لهم ويحرم بعض الموظفين من منحة المردودية. وتحدث الشيخ عن أحد الموظفين وهو ليس إماما بل كان يعوضه فيستأجر سيارة ليتوجه للمسجد ليقوم بعدها المفتش بحرمانه من منحة المردودية، وبالرغم من مراسلتهم الوزارة لكن بدون جدوى. ومن أبرز المشاكل ومعاناتهم مع التهميش حرمانهم وهم نقابة معتمدة تنشط منذ 3 سنوات وبلغ عدد المنخرطين بها 350 من مكتب خاص بهم على مستوى الولاية، وهو ما يمكن تسميته بالإقصاء الممنهج كي لا يلتقوا.
عامر زواوي إمام بتيبازة: أئمة يحولون ظلما من مساجدهم بطبق "شخشوخة" وصف عامر زواوي، إمام أستاذ بولاية تيبازة، القطاع بالمتخبط في عدة مشاكل والنقاط التي أثيرت وتم الحديث عنها هي القطرة التي أفاضت الكأس، فالاعتداءات على الأئمة قديمة لكن الإعلام الخاص سلط الضوء عليها وكشف الحقيقة والمعاناة أمام الجميع، ضاربا مثلا بالمسجد الذي يعمل فيه فقد حاول لص سرقة صندوق الزكاة وقبض عليه الإمام متلبسا فأخذه وسلمه للعدالة، والإمام كان طرفا في القضية ليتم تأجيلها مرتين وثلاثة، وفي جلسة المحاكمة سأله القاضي عن مطلبه، ليرد الإمام بأن المسجد ليس ملكا له حتى يطلب، والأدهى من هذا الجيران امتنعوا عن الحديث مع الإمام لأن السارق ابن حيهم. وكشف الشيخ زواوي ما يحدث في قطاع الشؤون الدينية بالخطير جدا، فبعض الأئمة يحولون من مساجدهم بأكلة فطبق "شخشوخة" كفيل بتحويل الإمام للمسجد الذي يرغب به، فمرة أحد الأئمة تم تحويله رد على المفتش بالعبارة التالية "على بالي وين فطرت البارح باش حولوني اليوم". وقص الشيخ حادثة تحويله لمسجد آخر والتي كانت خيارا اضطراريا بعدما درس القضية من كل جانب فليس لهم الحماية الكاملة حتى كنقابة يكسرونهم .
عبد النور توتسي امام بولاية البليدة: أكد المنسق الولائي للأئمة بولاية البليدة، عبد النور توتسي أن ظاهرة الأعتداء على الئمة سواء بالسب والشتم، أو عن طريق الضرب موجودة بالولاية، وحسب تأكيده " تعرض امام بمنطقة مفتاح للضرب داخل المسجد، وشكواه لمصالح الدرك الوطني لم تأت بنتيجة، فاضطر لطلب تحويل من الولاية، وامام من بلدية العفرون اعتدي عليه داخل مقصورة المسجد".
ميلود ناصري، إمام مسجد بولاية الجزائر: تأسف أستاذ التعليم القرآني، ميلود ناصري، كون بعض من مفتشي الشؤون الدينية "مخالفين للمرجعية الدينية"، ضاربا مثالا عن ما حدث له، فالإمام تحدث في موضوع معين لم يستسغه المفتش، وما كان من الأخير إلا أن قال له "اذهب الى ولايتك ". وحتى منح المردودية صارت تمنح ب "المعريفة والمحسوبية والجهوية " حسب قول ناصري، موضحا "بعض الأئمة يتحصلون على نقطة 18 دون قيامهم بأدنى مجهود، والمجتهدون ينالون نقطة 15".
محمد عرابي، مدرس وإمام مسجد بالبويرة: أكد الأمام، بوجود اعتداءات متكررة على الائمة، معلقا بالقول "سئمنا الوضع". وحسبه تعرض الجمعة السابقة إمام للإهانة والإنزال من المنبر أثناء خطبته، ما تسبب في تعطيل الصلاة، وجعل المصلين يقومون بوقفة احتجاجية مطالبين بفتح تحقيق عاجل.
أحمد بلحاج، إمام ومدرس بالبويرة: أكد أحمد بلحاج، أن الائمة صاروا يتعرضون لإهانات يومية، فبدل تركيزهم على مهامهم المسجدية والرسمية، وتفرغهم للبحث والتكوين، صاروا منشغلين بتحسين مستواهم المعيشي ورفع الظلم عنهم. وتساءل المعني وباستغراب "كيف وأنا طالب ماستر في علوم الشريعة، يٌقيم أدائي شخص لا يحسن حتى تأدية الصلاة، ولكنه عضو باللجنة الدينية، بل ويتحكم فيّ أكثر من الوصاية..؟؟ّ ، وكما أنه تعرض للظلم من عضو لجنة دينية، ورغم اقرار الأخير بظلمه أمام المحكمة وأمام مدير الشؤون الدينية، لم يتّخذ في حقه أي اجراء.