إذا كان عيد الأضحى المبارك يضفى البهجة والسعادة بين الجزائريين، موازاة مع حرص الكبار على القيام بالشعائر الدينية من تغافر وزيارة الأهل والأقارب، وفرحة الصغار بأجواء نحر الأضاحي، إلا أن ذلك لم يمنع الكثير من الاستياء من الممارسات السلبية المرتكبة، وفي مقدمة ذلك غياب النظافة وانتشار الأوساخ، ناهيك عن الرياء والتفاخر والتركيز على الشكليات والماديات على حساب جوهر العقيد من الناحية الدينية والعقائدية. أجمع الكثير من المتتبعين على حجم الأخطاء والتجاوزات التي يقع فيها الجزائريون خلال أداء شعائر عيد الأضحى المبارك، وفي مقدمة ذلك انتشار الأوساخ التي تخلفها عملية نحر الأضاحي في الشوارع والأحياء في مختلف المدن، وهو ما يخلف مظاهر بئيسة لا تعكس أخلاق المسلمين، ناهيك عن إبقاء الأضاحي التي لم تنحر تتفرج في مظاهر الذبح والسلخ دون مراعاة الضوابط الشرعية في هذا الجانب، في الوقت الذي لم يفهم الكثير مظاهر التفاخر والرياء التي باتت تعشش وسط الجزائريين والرسميين وعلى الخصوص، وفق منطق "دير الخير واتصور معاه"، على غرار ما قام به العام المنصرم أحد رؤساء البلديات الذي التقط 20 صورة لكبش تصدق به خصيصا لدار العجزة. يرى الأستاذ وليد بنونة من المدية بأن الجدل يثار في كل عام حول مسالة الأخلاقيات التي تصاحب عملية نحر أضاحي العيد، وكذا بقية الأمور الشرعية، مثل مسألة صلاة الناحر واستقباله القبلة، وكذا الدعاء والالتزام بالأخلاقيات بأبعاد الأضحية عن أختها، وغير ذلك، واقتنع وليد بنونة بأن المجتمع الجزائري لا يزال ضعيف بخصوص التزامه بأخلاقيات وشريعة عيد الأضحى المبارك. وفي السياق ذاته يؤكد كمال نوار من سطيف ل"الشروق"، وهو أستاذ مادة الشريعة بالطور الثانوي، بأن هناك العديد من الأخطاء المرتبكة في عيد الأضحى، بسبب الجهل أو التقصير أو الاستهانة بالأمور، وفي مقدمة ذلك الاكتفاء بتهنئة الأقارب بالهاتف أو بالرسائل القصيرة، دون القيام بواجب الزيارة، والانصراف من المسجد مباشرة بعد خطبة العيد دون الانتظار للتغافر مع جموع المصلين، ناهيك عن ظاهرة الإكثار من الأكل، ما يتسبب في متاعب صحية، فتمتلئ قاعات الاستعجالات بالمرضى، وكذا مظاهر التفاخر والتباهي أمام الناس بشراء الأضحية بسعر أعلى أو اقتناء ألبسة فاخرة أمام مرأى الفقراء من الناس، كما انتقد كمال نوار عدم تعلم الكثير من أرباب الأسر كيفيات الذبح والسلخ وتقطيع اللحم، ولم يستحسن مسألة الذهاب إلى المقابر للزيارة، من منطلق أن هذا يوم فرح وبهجة. على صعيد آخر، عدّد فوزي لعور من باتنة السلبيات المسجلة في عيد الأضحى المبارك في شراء جزرة واجدة بدل ذبح الأضحية، وظاهرة التباهي والتفاخر بسعر الأضحية وحجمها، لأنها عبادة، والعبادة تكون حسب محدثنا خالصة لله عز وجل، وانتقد مسألة شراء الأضحية تكلفا من أجل غير الله أساسا، مثل شرائها "مكرة في العديان"، أو تحت مبرر إسعاد الأولاد، أو إرضاء للوالدين، معطيا مثالا عن عائلات تشتري أضحية بحسب عدد أفرادها، فالعائلة المتكونة من فردين تشتري أضحية صغيرة السن أو الحجم، ويقول لك "قدرنا"، ومن المفروض حسب فوزي لعور أن الأضحية تقدم تقربا إلى الله عز وجل، وفقا لنص الآية الكريمة "فصلّ لربك وانحر"، متسائلا بالقول "فهل نتقرب إلى الله بشيء رديء؟!".