أخلط قرار منع رخص الاستيراد الخاصة بمادة الخشب أوراق الجزائريين وأدخل العاملين في القطاع في أزمة حقيقية، فالأسعار التهبت والمصانع أغلقت ونجّارون أفلسوا، فيما أحيل مئات العمال على البطالة. يعيش سوق بيع الأثاث وورشات النجارة أزمة حقيقية منذ أشهر على إثر منع استيراد الخشب، لا سيما مع انقضاء المادة الأولية التي كانت في مخزن الأغلبية وانعدام الإنتاج الوطني للخشب. هذه الأزمة أحدثت حالة طوارئ وسط المقبلين على الزواج الذين بات اقتناء غرفة النوم وتأثيث بيت الزوجية بالنسبة إليهم هاجسا حقيقيا في ظل تضاعف الأسعار التي ارتفعت بنسبة 100 بالمائة. وقفز سعر غرفة النوم من 15 مليون إلى 30 مليون سنتيم ومن 20 إلى 40 مليونا، كما ارتفع ثمن بيع الخشب من النوع الرفيع من 8 ملايين إلى 16 مليونا. وتفاجأ الكثير لدى ارتيادهم الأقطاب الرئيسة الثلاثة لبيع الأثاث في منطقة الوسط وهي "سحاولة، البليدة والقليعة" بالغلاء الفاحش لمختلف الأثاث، حيث أرجع البائعون الأمر إلى قلة العرض وارتفاع الطلب. وبحسب شهادة العديد من مالكي ورشات النجارة، فإن نشاطهم تقلص بشكل كبير إلى درجة أنهم اضطروا إلى تسريح بعض العمال تخفيفا للأعباء المالية، فيما أكّد البعض الآخر توقفهم عن النشاط وتصفية عملهم نظرا إلى العراقيل التي أصبحوا يواجهونها بشكل يومي. وأكّد ناشطون في مجال تجارة الأثاث وكذا حرفيون في النجارة أنّهم مع قرار منع استيراد الأثاث الجاهز نظرا إلى سوء بعض النوعيات وغلائها وتأثيره على الاقتصاد الوطني، إلا أنهم تمسّكوا بالإبقاء على باب استيراد المادة الأولية مفتوحا لضمان استمرار هذا النشاط، لاسيما في ظل الإقبال عليه في قطاع التكوين المهني من قبل الراسبين في المسار الدراسي. ويتخوّف ما تبقى من هؤلاء على نشاطهم المهدد بالإفلاس في غضون أيام قليلة قالوا إنها لن تتعدى شهر نوفمبر. واستغرب هؤلاء الإعلان عن فتح مجال الاستيراد لثلاث مواد هي السيراميك والسيارات ومواد التجميل شهر جانفي المقبل، متحفّظين بشكل شديد على الإفراج عن رخص استيراد مواد التجميل التي تعد كمالية مقارنة مع الأثاث. وذهب هؤلاء أبعد من ذلك عندما لفتوا الانتباه إلى تأثر العديد من مشاريع البناء التي تحتاج في مجملها إلى الخشب لإتمام الأشغال بها، لاسيما ما تعلّق بالنوافذ والأبواب. وبحسب شريف بعزيز، رئيس اللجنة الوطنية لقطاع الأثاث، فإن العديد من المصانع أغلقت حاليا بسبب نقص المادة الأوّلية كما أنّ ورشات كثيرة توقفت وباع أصحابها معداتهم بعد توقف نشاطهم منذ 3 أشهر بسبب الأعباء الكثيرة منها الكراء ومستحقات العمال والضرائب وغيرها. وأشار المتحدث إلى فقدان أكثر من 1500 عامل في مجال الاستيراد لمناصب عملهم. وعدّد بعزيز، في حديثه إلى "الشروق"، مختلف أنواع الخشب المفقودة مثل الخشب الأحمر و"الآتر". وكشف المتحدث عن مراسلة اللجنة لوزارة التجارة من أجل توفير المادة الأولية والإبقاء على بعض المنتوجات إلى غاية إنشاء المدينة الصناعية بالإضافة إلى العمل على ضبط قائمة الممنوعات من الاستيراد وتوسيعها بالنسبة إلى بعض الأثاث المنتج محليا.