أوقف بنك البركة الجزائر جميع تعاملاته مع شركة سويسرية متخصصة في التصدير والاستيراد بعد أن تلقى البنك معلومات مفادها أن شركة "نوبل" التي مقرها جنيف قد تكون على صلة بعمليات تبييض أموال لصالح جهات لم يتمكن بنك الجزائر من تحديدها بعد، حيث تقوم هذه الجهات بتوفير حوالي 500 ألف أورو كل أسبوع من مصادر مجهولة لتمويل عمليات استيراد لبعض السلع الموجهة نحو الجزائر. وكشف مصدر مالي رفيع أن بنك البركة قام بإخطار خلية الاستعلام المالي المكلف بمكافحة عمليات غسيل الأموال بعد تلقيه لوثائق محاسبية تؤكد لجوء الشركة السويسرية لإعادة فوترة نفس العملية مرة ثانية بجنيف حتى تتمكن من رفع قيمة معاملاتها المالية المقدرة بحوالي 3 ملايين أورو شهريا من خلال توطين عدة عمليات استيراد في الشهر للمواد التي يتم توزيعها في السوق الجزائرية بسرعة وبدون فواتير، حيث يتم الدفع نقدا ودون صكوك من طرف المضاربين في السوق السوداء التي تسيطر على قطاعات حساسة ومنها الحديد والإسمنت وبعض المواد الغذائية، مستغلة ارتفاع الطلب على هذه المواد في السوق المحلية ولجوء الحكومة إلى السوق الدولية لتغطية العجز المسجل في هذه المواد. وتقوم الشركة السويسرية بتضخيم فواتير شراء الإسمنت من ايطاليا بعد إعادة فوترتها مرة ثانية لدى بنك مقره جنيف بفارق يصل إلى 20 دولارا للطن بالمقارنة مع أسعار السوق، ويتم بيع الطن من المادة بالجزائر مقابل 1100 دج للقنطار على مستوى ميناء "جنجن" الذي تم إختياره من طرف الشركة السويسرية بسبب العلاقة الجيدة التي تربط مسؤوليها مع إدارة الميناء الذي يعرف حاليا انتشارا واسعا لظاهرة المضاربين بالإسمنت وتجار الجملة، أمام مدخله الرئيسي، أين يقوم ممثل عن الشركة السويسرية بتوزيع وصولات لبيع الإسمنت للموزعين الخواص وتجار الجملة من ولاية جيجل وبعض الولايات المجاورة، حيث يتم بيع وصولات مقابل 22 مليون سنتيم للوصل الواحد لكل 20 طنا من الإسمنت وهو ما يسمح للمضاربين بتحقيق ربح صاف لا يقل عن 10 ملايين سنتيم عن كل وصل وهو ما يفسر ارتفاع سعر الكيس من الإسمنت إلى 750 دج في بعض المناطق الداخلية على الرغم من اتخاذ الوزير الأول احمد أويحيى لجملة من الإجراءات، ومنها تنحية بعض رؤساء مصانع الإسمنت العمومية ومتابعتهم قضائيا وإصداره لمرسوم في جويلية الماضي يحدد من خلاله هوامش الربح لتجار الجملة والتجزئة لمادة الإسمنت ب 40 دج و60 دج على التوالي، إلا أن هذا المرسوم بقي حبرا على ورق لاستحالة تطبيقه في الميدان بسبب العجز الواضح لمصالح التجارة في مراقبة سوق مواد البناء على الرغم من طلبها لمساعدات من فرق الدرك الوطني التي تقوم بين الحين والآخر بمداهمة بعض المخازن والمستودعات غير القانونية وإحالة أصحابها على العدالة.