يرى المخّ والمنتج أحمد راشدي أن الأفلام التي أنتجت عن الثورة التحريرية قليلة بالمقارنة مع حجم الأحداث والأبطال. وأشار مخرج "الأفيون والعصا" و"فجر المعذبين" إلا أن محطات تاريخية مهمة بحاجة لأفلام تخلّدها مثل "المنظمة الخاصة" و"مجموعة ال22" و"الحكومة المؤقتة". كما أكد المشارك في إنتاج الفيلم العالمي (زد) للمخرج كوستا غافراس رفضه التعاطي مع الأفلام المموّلة من الخارج. انتقلت الدولة من إنتاج أفلام بطولات الشعب إلى أفلام البطل الواحد.. هل قدّمنا أفلاما في مستوى الثورة التحريرية؟ الأفلام السينمائية التي أنتجت منذ الاستقلال إلى اليوم هي أفلام نقلت تضحيات الشعب الجزائري الذي ضحى بالنفس والنفيس في سبيل استرجاع السيادة الوطنية بداية من الشعب هو البطل وصولا إلى الأفلام الجديدة التي ركزت على الحدث. ولسنا الأوائل فلكل دولة رموزها وجسدت بطولاتها في أكثر من فيلم سينمائي ونابليون لوحده أنتج حول حياته 93 فيلما.
فتح فيلم "بن بولعيد" الباب لأفلام البطل الواحد ولكن –حسب بعض النقاد- غرق في تفاصيل السيرة الذاتية على حساب الأحداث التاريخية فيلم بن بولعيد نقلة في السينما الجزائرية حيث كان الشعب هو البطل الوحيد. وحتى الأفلام التي أنتجت بعده عن أبرز الشخصيات الثورية هي أفلام عن أحداث تاريخية أيضا تروى من خلال البطل ولكن أكيد يكون الشعب بكل فئاته حاضرا. الثورة التحريرية ستبقى مادة أولية للكثير من الأفلام السينمائية لأجيال أخرى قادمة. لم ننتج أفلاما بعد عن المجلس الأعلى للثورة أو المنظمة الخاصة أو أفلاما عن الحكومة المؤقتة أو مجموعة ال22 أو مجموعة الست. أتقبل الانتقادات بصدر رحب ولكن أيضا يقنعني بنجاح الفيلم الجمهور الذي يستوقفني أو يستوقف الممثل حسان كشاش في الشارع ويعبر عن إعجابه ويناقش السيناريو بكل ثقة وفضول. وحتى عندما عرض الفيلم في مختلف قاعات السينما بعدد من الولايات لاحظنا انبهار الشباب وتعطّشه للأفلام التاريخية.
هل يمكن أن نعتبر المذكّرات والشهادات مصدرا في كتابة السيناريو التاريخي؟ ولماذا تكون أفلام الدولة بعيدة عن الحقائق المثيرة للجدل من قبيل اغتيال عبان رمضان؟ بالعكس.. حرصنا على نقل الحقائق التاريخية كما استقيناها من المصدر واعتمادا على ما كتبه المؤرخون. في فيلم "كريم بلقاسم" مثلا تضمن العمل مشاهد توضح أن عبان رمضان كان ضحية صراعات ولكن ليس لدينا التفاصيل الكاملة. تنقلت شخصيا إلى مدينة تطوان بالمغرب وزرت المقبرة وسالت الحارس عن قبور الجزائريين ولكن لم نجد شيئا. أبطال الثورة التحريرية يستحقون أن تجسد حياتهم سينمائيا في أكثر من فيلم سينمائي ولكن للأسف الكتابة عنهم غير كافية. الشهيد بن بولعيد اعتمدنا على دراسات وبالنسبة للشهيدين كريم بلقاسم والعقيد لطفي وجدت كتبا ترجع إلى سبعينيات القرن الماضي. كما قلت الثورة التحريرية لا تزال وستبقى مادة سينمائية مهمة، فحتى اليوم لم ننتج إلا نحو 20 فيلما وهناك شخصيات تاريخية مهمة تستحق أن نتناول حياتها ومحطاتها النضالية.
لماذا لم يخض راشدي تجربة إخراج أفلام الإنتاج المشترك مع فرنسا مثلما فعل بوشارب مع أنك كنت طرفا في إنتاج فيلم "العصفور" ليوسف شاهين وأيضا "زد" لغافريس؟ تلقيت عروضا لإخراج عشرات الأفلام من هذا النوع ولكنني رفضت ولازلت ملتزما برأيي. مستحيل أن أتعامل مع أفلام عن تاريخنا تموّلها جهة فرنسية أو أي جهة أجنبية لأن الأكيد أنها مستفيدة من التمويل. وإلا ما فائدتها من دعم فيلم عن تاريخ الجزائر وعن الثورة التحريرية. من حقّ فرنسا أن تقدّم سينمائيا وجهة نظرها وأن تقدّم أفلاما بروايات أخرى ولكن شخصيا كمخرج جزائري لا تستهويني هذه الأعمال.
متى ستقدّم العرض الأول لأحدث أفلامك عن الثورة دائما؟ سنقدّم العرض الأول قريبا لفيلم "أسوار القلعة السبعة" في الأسابيع القليلة القادمة بعد تقديم النسخة للمنتج "وزارة الثقافة". مشاريع كثيرة أفكر فيها وفي مقدّمتها فيلم عن "معركة الجرف".