قال الدبلوماسي والكاتب الفلسطيني حسان فتحي البلعاوي إنّ الجزائر تدعم فلسطين على كافة الأصعدة، والعلاقة بين البلدين قديمة جدا تعود إلى الأمير عبد القادر عندما أرادت فرنسا الاستعمارية نفيه اختار مدينة عكّة التاريخية، كما أنّ الأرض التي قام عليها المسجد الأقصى هي وقف جزائري قام الإسرائيليون بانتهاكه والسيطرة عليه. وأشار البلعاوي في لقاء مع "الشروق" على هامش تنشيطه محاضرة ضمن "منصات" صالون الكتاب في طبعته ال22 وحديثه عن كتابه الجديد، أنّ الدبلوماسي الفلسطيني أحمد الشقيري طرح القضية الجزائرية في الأممالمتحدة وطلب منها الاعتراف بالحكومة الجزائرية.
قدمت مؤلفك الجديد "غزة والحركة الوطنية الفلسطينية" الصادر باللغتين العربية والفرنسية على هامش محاضرتك في منصات سيلا 22.. ماذا يتناول العمل؟ المؤلف يظهر الأهمية التاريخية لقطاع غزة في الحركة الوطنية الفلسطينية منذ احتلال فلسطين عام 1948، ويبرز أنّها المحطة الأساسية للمشروع الوطني الفلسطيني ومختلف الحراك الوطني الفلسطيني من تأسيس السلطة الوطنية إلى الثورة الفلسطينية في الانتفاضة الأولى وتأسيس السلطة الفلسطينية عام 1994. كما يظهر الدور الكبير الذي مرت به غزة نتيجة الحروب الإسرائيلية عليها وكذلك يكشف الأهمية التاريخية لهذه المنطقة التاريخية وللدور الهام الذي تلعبه "غزة" في الحركة الوطنية الفلسطينية وفي تأسيس دولة فلسطين على المستوى السياسي والاقتصادي.
تحدثت خلال اللقاء أنّ الدبلوماسي والسياسي الفلسطيني أحمد الشقيري طرح القضية الجزائرية في الأممالمتحدة سنوات الخمسينيات من القرن الماضي وطلب منها الاعتراف بحكومتها وأنّ التجربة الجزائرية في الكفاح كانت حاضرة لدى مؤسسي حركة فتح الأوائل.. برأيك كيف بدأت متانة العلاقة بين الجزائروفلسطين على مختلف الأصعدة؟ يمكن القول إنّ العلاقة قديمة بين الشعبين الجزائريوالفلسطيني وبين الدولتين أيضا، تبدأ من فترة الأمير عبد القادر الجزائري، بحيث عندما أرادت السلطات الإستعمارية الفرنسية نفيه من الجزائر، اختار أن يذهب إلى مدينة عكّة.
لماذا طلب الأمير عبد القادر أن ينقل إلى عكة بدل مدينة أخرى أو بلد آخر؟ عكة هي التي هزمت الجنرال الفرنسي نابليون بونابرت عندما غزا المنطقة العربية وبالتالي اختار الأمير أن يكون في عكّة، لكن فرنسا المستعمرة أدركت رمزية عكّة وقامت بنفيه إلى دمشق، ووقتها طلب الأمير عبد القادر الجزائري من أعوانه وأقربائه الذهاب إلى فلسطين، فذهبوا إلى فلسطين، وهناك قرى في فلسطين وفي شمالها وهناك عائلات ما تزال موجودة حتّى الآن (عائلات فلسطينية من أصل جزائري)، لذلك أقول إنّ العلاقة قديمة جدا، بالإضافة إلى أنّ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي شاركت في سنوات العشرينيات في المؤتمر الإسلامي الدولي الذي عقد في فلسطين وكان دعما قويا من العلماء الجزائريين لقضية فلسطين واعتبروها قضية مقدسة، وأيضا للجزائر أوقاف وأراض في القدس.
ما هي هذه الأوقاف؟ الأرض التي شيد عليها المسجد الأقصى وما يسمى بحي المغاربة هي بالأساس وقف جزائري وأرض جزائرية، قام الإسرائيليون بانتهاكها والسيطرة عليها، ما يعكس أنّ العلاقة بين الجزائروفلسطين قديمة جدا. وفي الصدد عندما كانت الجزائر محتلة من قبل فرنسا كان هناك دعم ونصرة الشعب الفلسطيني ودولته للثورة الجزائرية بحيث كان هناك في مخيّمات اللاجئين دعم للجزائر تحت عنوان "قرش من أجل الجزائر"، وبدورها الجزائر عندما انتزعت استقلالها بقي دعمها ثابتا لفلسطين، من الأمثلة الرئيس الراحل بومدين استقبل بدايات الستينيات حركة فتح، والجزائر دربت أول مجموعة عسكرية في مدرسة شرشال، والثورة الجزائرية عبر قيادة جبهة التحرير الوطني فهمت تماما وعرفت أنّ الفلسطينيين يمرون بنفس الظروف التي مرت بها الثورة الجزائرية وبالتالي كان الدعم عسكريا وسياسيا ودبلوماسيا وتعليميا.. وفي مختلف المجالات منذ تلك الفترة إلى غاية يومنا هذا.