رغم بعد جنوب إفريقيا ورغم اختلاف الثقافات والأمل الضعيف في تألق الخضر إلا أن التواجد القوي للجمهور الجزائري في المونديال شكلّ ما يشبه ظاهرة عالمية تسمى "الجمهور الجزائري" الذي حيّر العالم في اللقاءين الأخيرين التحضيريين في إيرلندا وفي ألمانيا عندما ملأ الملعبين عن آخرهما، وحيّر العالم بطريقة تشجيعه وشغفه بالكرة من خلال الثلاث مباريات التي لعبها الخضر في المونديال.. وكما قال مناصر هولندي .. "لو وصل المنتخب الجزائري إلى الدور النهائي لما تمكن المنافسون من الفوز بمقعد واحد في الملعب .." الشروق اليومي تقدمت من مشاهير المشجعين في العالم وسألتهم عن رأيهم في ظاهرة الجمهور الجزائري الذي لعب لوحده مونديالا من نوع خاص، ولكنه تأهل إلى أدوار متقدمة .. بل إنه كان أنجح بكثير من المنتخب الوطني، فأشعل الشماريخ وصعد إلى أعلى القمم وأجبر أهل الزولو وحتى جماهير المنافس على ارتداء الراية الجزائرية وعلّم الأنصار الصيحة الشهيرة "وان تو ثري فيفا لالجيري". المشجع الإسباني مونولو: "صيحاتكم أقوى من طبلتي" يعتبر مونولو صاحب الطبلة أو الطونبور الإسباني أشهر مشجعي العالم .. فمنذ أن استضافت إسبانيا كأس العالم عام 1982 وهو يحضر المونديالات حتى أصبح لاعبا مثل لاعبي منتخب إسبانيا .. الشروق اليومي إلتقته على هامش مباراة رفقاء كاسياس أمام سويسرا وسألته عن رأيه في المناصرين الجزائريين الذي تابع طريقة تشجيعهم فاستحسن الحديث عنهم .. "أولا أنا مشهور باسم مونولو واسمي الحقيقي هو مانيال كاسيراس آرتيسيرو وعمري 59 عاما، كثيرون انتقدوني وقالوا أنني نحس على المنتخب الإسباني، لكن مالا تعلمونه أن لاعبي إسبانيا هم من يشترطوا وجودي في المدرجات، لقد سافرت معهم إلى المكسيك وإيطاليا وأمريكا وفرنسا واليابان وألمانيا، والآن أنا في جنوب إفريقيا، وأذكر أن إسبانيا واجهت الجزائر في المكسيك وتفوّقنا عليكم بثلاثية .. ما أذكره أننا كنا مدعمين بالجمهور المكسيكي، ومع ذلك فإن كمشة من الجزائريين في الملعب كادت تبطل مفعول دوي الطبلة التي قرعتها .. وعندما سألناه إن كان قد زار الجزائر ورأيه في المناصرين قال .. "أنصاركم نار حقيقية تشتعل بقوة وأتمنى حضور تظاهرة كروية في الجزائر، ولو يصل منتخبكم إلى أدوار متقدمة في مونديال البرازيل سأنضم لمناصري منتخبكم لأنه يسعدني أن أتواجد مع مناصرين لا يتعبون .. فقد تابعت أداءهم في السودان من خلال التلفاز، وكان يحيّرني صعودهم على الأعمدة الكهربائية وأشعر بالرغبة في التطبيل وسط أهازيجهم الكبرى." مونولو الذي أسكت أصوات الفوفوزيلا التي عمّت ملعب موسيس مابيدا في ديربان اعترف بأنه قد يفقد مفعوله وسط حماس الجزائيين وقال "مع إسبانيا مونولو واحد أما أنتم فكلكم مونولو".. وفي آخر حديثه ذكر مونولو بكثير من الأسف ما كتب عنه صحفي إسباني يدعى خوان مورينو الذي طلب منه الاعتزال واعتبره شؤم على المنتخب الإسباني لأنه كلما حضر مونديالا خرجت إسبانيا، وعندما غاب عن كأس أوربا السابقة حصلت إسبانيا على اللقب.. مونولو هو حاليا من مشاهير إسبانيا ومداخيله من الإشهار تكاد تنافس مداخيل كريستيانو رونالدو. "لو كان لكم منتخب بحجم البرازيل لزلزلتم العالم" تقول روسر رودينيك وهي عميدة المشجعات السويسريات للشروق اليومي أنها تتمتع بالأنصار الجزائريين .."نحن لدينا سواح ومتفرجين وأنتم لكم مشجعين وفقط".. وكانت العجوز التي تبلغ من العمر 72 سنة قد قررت السفر إلى جنوب إفريقيا من أجل تشجيع منتخب بلادها وملاقاة الناس من كل الأقطار وأذهلها حماس الجزائريين الذين التقت بهم، واعتبرتهم ظاهرة حقيقية، واعترفت بصريح العبارة "يكفي أن يدخل الملعب بضع مئات ليحوّلوه إلى بركان ثائر أما عندنا في سويسرا فيجب حضور 50 ألف متفرج لأجل نقل الثورة إلى الملعب من المدرجات .. وتقول مجموعة من المشجعات السويسريات "تواجد المونديال في بلاد شاسعة الأرجاء مثل جنوب إفريقيا أو البرازيل يجعل من حضور بقية المباريات من المستحيلات" لأجل ذلك تعذر عليهن حضور مباريات الخضر ومعايشة هذه الهتافات الملتهبة التي استمعن إليها من الجزائريين في شوارع المدن الجنوب إفريقية. ويقول مناصر هولندي يدعى فرانك إزيوكونكوف وكان رفقة زوجته وابنيه التوأم "لقد التقيت بمجموعة من مناصري الجزائر في مطار جوهنسبورغ وأذهلوني بحماسهم حتى خلت نفسي في الملعب وليس في المطار، هؤلاء الذين حوّلوا المطار إلى ملعب أكيد أنهم يحوّلون الملعب إلى نار .. وتابع فرانك عن قرب الجمهور الجزائري أمام سلوفينيا ولاحظ كم هو صعب الصمود أمام هذا الكم والنوعية من الجماهير .. "للأسف لم نلتق أبدا في مباراة دولية، وإلا كنا تبادلنا طريقة التشجيع".. أما المناصرين المكسيكيين رودريغاز وزوجته آنا فهما يعتبران مستوى المشجعين الجزائريين أقوى من مستوى الخضر وتقول آنا »للأسف هذا الجمهور الحماسي مكانه في ماراكانا أو بيرنابيو".. ولا يختلف أنصار أستراليا ونيجيريا على القول بأن الجمهور الجزائري هو ظاهرة حماس غير موجودة حتى لدى مشجعي أمريكا اللاتينية؟ بلدان تفكر في استيراد التجربة الجزائرية خلال الرحلة الجوية التي قادتنا من الدوحة إلى جوهنسبورغ تحدثنا مع ضيف قطري كان ضمن المدعوين لمتابعة مباريات كأس العالم حول إمكانية تنظيم قطر للمونديال وماذا ينقص هذا البلد العربي المسلم لأجل إنجاح أكبر تظاهرة كروية في العالم فقال .. "أنا متأكد أن قطر ستجد الدعم الكامل لاستضافة المونديال من كل دول العالم من دون استثناء، لأنه البلد الوحيد الذي سيجعل المناصرين يتواجدون في منطقة صغيرة وكأنهم في بيت واحد، وهنا ستدعوا قطر الله ليل نهار لأجل حضور التوابل الجزائرية، لأن الأنصار الجزائريين لهم طريقة تشجيع قوية وحتى وان تو ثري فيفا لالجيري نُحس من خلالها بأن مناصري الجزائر يسافرون إلى كل البلدان لأن الصيحة مكونة من عدة لغات وهي صيحة وأيضا لحنها بسيط ومفهوم لدى كل الشعوب.. ويبتسم ويقول "في المونديال الذي تحتضنه قطر قد نكون مجبرين على طلب المساعدة من المناصرين الجزائريين لأجل إنجاح المونديال ومن أجل أن تبلغ قطر أدوارا متقدمة، ومن يدري ربما من أجل انتزاع كأس العالم التي هي حلم العرب وتحقيقها في حاجة إلى جمهور من ذهب مثل الجمهور الجزائري". مشجعون من زيلندا الجديدة وسلوفينيا وسلوفاكيا وكوريا وحتى من الدانمارك قالوا بأنه لو كان استيراد المشجعين ممكنا لاستوردوا مشجعي الخضر الذين بإمكانهم الفوز لوحدهم بالمقابلة دون حاجة إلى نجوم الكرة، وهذا ما قاله إيفسن الدانماركي "لقد تابعت مباراة تحضيرية للخضر في ألمانيا ولم أفهم كيف حوّلتم مدينة ألمانية إلى مستعمرة جزائرية في لقاء تحضيري عادي كل ألمانيا لم تسمع عنه.. الجزائريون في جنوب إفريقيا بعد إقصائهم من الدور الأول تركوا بصمتين الحارس مبولحي والجمهور الجزائري."