سيحاول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وضع حدٍ للتكهنات المثارة حول أهليته العقلية والجسدية للرئاسة الأسبوع القادم عبر الخضوع لفحص طبي رسمي، وفق ما نقل موقع "هاف بوست عربي"، مساء الاثنين. ومن المقرر أن يخضع ترامب للفحص على يد الطبيب نفسه الذي كان يفحص سلفه الرئيس السابق باراك أوباما، ومن المنتظر أن يُنشر ملخص نتائج الفحص. وقال خبراء طبيون، إن الفحص الجسدي سيستغرق نحو ساعتين، وسيشمل تحاليل للدم والبول وفحص القلب، وسيشمل حتى طرح أسئلة عن عادات النوم والحياة الجنسية، حسب ما ذكرت صحيفة تلغراف البريطانية. ومن المنتظر إجراء الفحص، الجمعة 12 جانفي 2017، في مركز والتر ريد الوطني الطبي العسكري الذي يقع على مشارف العاصمة واشنطن، ويُعد أكبر مستشفى عسكري في البلاد. ويأمل ترامب وضع حدٍ للمزاعم التي أُثيرت الأسبوع الجاري حول سلامة قواه العقلية بالخضوع لأول فحص طبي رسمي منذ دخوله البيت الأبيض. جدير بالذكر أن كتاباً جديداً مثيراً للجدل، ألّفه الصحفي الأمريكي مايكل وولف، زَعَم أن ترامب لا يستطيع التعرف على أصدقائه القدامى، وكثيراً ما يكرر سرد القصص "باستخدام الكلمات نفسها". ووصف البيت الأبيض التساؤلات المثارة عن صلاحية ترامب العقلية للمنصب بأنها "شائنة". لكن أولئك الذين يأملون في كشف الفحص الطبي عن كل شيء قد يصابون بخيبة أمل في نهاية المطاف، وذلك كما يقول آرثر كابلان، الرئيس المؤسس لقسم الأخلاقيات الطبية في كلية نيويورك للطب. إذ قال كابلان لصحيفة التلغراف البريطانية: "يحظى الرئيس بحقوق الحفاظ على خصوصية معلوماته الطبية كأي مواطن آخر في الولاياتالمتحدة. ولم تكن هناك قط قوانين تطالبه بفعل شيء غير ذلك". فالفحص مجرد عُرف صار سائداً بالنسبة للرؤساء في السنوات الأخيرة وليس مطلباً دستورياً أو برلمانياً. الحالة الصحية لأوباما بيد أن أوباما رفع سقف التوقعات إلى حدٍ كبير في ما يتعلق بنشر تفاصيل حالته الصحية. إذ تطرق ملخص نتائج فحصه الطبي المكون من صفحتين، والذي نشر في مارس من عام 2016، إلى تفاصيل استثنائية. وتضمن الملخص طول أوباما بالضبط (73.5 بوصة أو 186 سم)، ووزنه (175 رطلاً أو 78.5 كلغم)، ومؤشر كتلة الجسم (22.8 كلغم/م2)، ومعدل ضربات قلبه عند الراحة (56 نبضة في الدقيقة)، وضغط دمه (110/78 مم زئبق). وشمل الإعلان الرسمي كل شيء، بدءاً من عادات شرب الكحول - التي كانت تتم "من حين لآخر وباعتدال" - وحتى معدل استهلاكه لعلك النيكوتين ومستويات الكوليسترول. رفع هذا التفصيل سقف الآمال حول إمكانية كشف بعض الغموض المحيط بترامب أخيراً. على سبيل المثال، هل يبلغ طوله حقاً 6 أقدام وثلاث بوصات (190.5 سم) كما ادعى مع أن الأدلة تُشير إلى عكس ذلك؟ وهل يترك نظام غذائي معروف بالميل نحو شطائر البرغر بالجبن ودجاج كنتاكي أي تأثير على الحالة النفسية لترامب، الذي يعد أكبر مرشح أمريكي فاز في انتخابات الرئاسة سناً؟. لكن بإمكان الرئيس إخفاء أي تفاصيل يريدها كما فعل أوباما الذي بالكاد تضمن سجله الصحي النظيف نقطة سلبية واحدة. لن تكون هذه هي المرة الأولى التي ينشر فيها ترامب، البالغ من العمر 71 عاماً، سجلاً طبياً. ففي ظل الدعوات إلى الشفافية التي أُثيرت في انتخابات الرئاسة عام 2016، أصدر الطبيب الشخصي لترامب بياناً آنذاك. وجاء في تقرير هارولد بورنشتاين، طبيب ترامب الشخصي الحاصل على دكتوراه في الطب: "لم يُصب ترامب بأي نوع من السرطان، ولم يخضع لأي جراحة تعويضية في الورك أو الركبة أو الكتف، أو أي عمليات أخرى من عمليات جراحة العظام". وأضاف: "في حال انتخاب ترامب، أستطيع القول بلا شك إنه سيكون أفضل شخص من الناحية الصحية على الإطلاق يفوز في انتخابات الرئاسة". لكن بعض التقارير التي نشرتها قناة NBC News الأمريكية عن كيفية إعداد هذا التقرير الإيجابي المتوهج - إذ كتبه الطبيب في 5 دقائق حين كانت بانتظاره سيارة ليموزين أرسلها ترامب - أثرت في صدقيته. ورفض الطبيب بورنشتاين التعليق على الفحص الطبي المنتظر إجراؤه الأسبوع المقبل حين اتصلت به صحيفة التلغراف البريطانية. جدير بالذكر أن تاريخ الولاياتالمتحدة يعج برؤساء سابقين كانوا يخفون مرضهم. إذ تحجج الرئيس الأمريكي الأسبق غروفر كليفلاند بالذهاب في رحلة صيد للتستر على إجراء جراحة سرية لعلاج السرطان على متن أحد اليخوت عام 1893 خوفاً من التأثير الذي تتركه إذاعة هذه الأخبار على الأسواق. وقيل إن الرئيس الأمريكي الأسبق فرانكلين روزفلت كان يُخفي حقيقة أنّه على "أعتاب الموت" حين سعى لإعادة انتخابه في نوفمبر من عام 1944. يذكر أنه فاز في الانتخابات آنذاك، لكنه توفي في غضون 6 أشهر. ولم تتضح التفاصيل الكاملة حول المشكلات الصحية العديدة التي كان يعانيها الرئيس الأمريكي الأسبق جون كينيدي، ومسكنات الألم التي كان يستخدمها، إلا مؤخراً. وأسفر عدم وجود قوانين تطالب الرؤساء بنشر نتائج الفحوصات الطبية عن ظهور دعوات إلى تحويل هذا العُرف إلى قانون. إذ قالت باربرا بيري، مديرة الدراسات الرئاسية في مركز ميلر في جامعة فيرجينيا: "نظراً إلى أنني عاصرت فضيحة ووترغيت، فأنا حريصة جداً على الشفافية في الشؤون الرئاسية". وأضافت: "مثلما أريد معرفة مدى أهلية الطيار الذي يقود طائرتي جسدياً وعقلياً للخدمة، فمن حق الشعب الأمريكي معرفة حالة مرشحيه ورؤسائه". ويوم الجمعة، من المنتظر أن يحذو ترامب حذو مجموعة كبيرة من أسلافه الرؤساء في غرفة الفحص، وسيراقب النقاد والمؤيدون على حدٍ سواء النتائج بعناية.