خلال ستين مباراة لعبت في مونديال جنوب إفريقيا، لم تسلم واحدة منها من الأخطاء التحكيمية، الشيء الذي أثار الجدل وبعث الشك حول اختيارات الفيفا وقدرتها على حل مشكل التحكيم حلا نهائيا ومنذ أن لعبت أول بطولة عام 1930، لم تحدث أخطاء الحكام كل هذا اللغط، ولأول مرة تعترف الفيفا بأن الأخطاء كادت أن تساوي الأهداف في المونديال، وهو الأمر الذي خطف الأضواء من نجوم كأس العالم، حتى بات الحكام أهم من الجميع.والواقع أن ما عرفه المونديال من أخطاء تحكيمية جسيمة، ناتج قبل كل شيء عن الأهمية الكبرى التي باتت تكتسيها المباريات والضغط الكبير الذي يعانيه الحكام. وحتى وإن كان بعض الخاسرين قد علقوا هزائمهم على أكتاف الحكام كما فعلوا مع جابولاني المسكينة فإن الحقيقة هي أن الحكم يرتكب الخطأ مثله مثل اللاعب والمدرب والمسير والمتفرج كذلك. ويبدو من السهل الحديث عن أخطاء الحكام وإغفال المجهود الذي يبذلونه في كل مباراة. وإذا كان الحكم يتخذ قراره في أقل من ثانيتين، فإنه مطالب بقطع مسافة لا تقل عن 11 كلم، واتخاذ قرار في كل 27 ثانية، وتغيير اتجاه سيره 462 مرة في كل مباراة، فإن هذا يعني بكل تأكيد أن الحكم معرض للخطأ أكثر من غيره.ومهما يكن من أمر، فإن الحكام في المونديال أو غيره من المنافسات، لا يمكنهم أن يتجردوا من إنسانيتهم، حتى لو أرادوا، وسيفشل كل الذين يحاولون تحويلهم إلى آلات إنسانية لا تخطئ أبدا.وإذا كانت الفيفا قد راجعت موقفها من الموضوع، وفتحت النقاش حول إدخال وسائل جديدة لمساعدة الحكام، فإن ذلك لا يعني أبدا بأن الأخطاء التحكيمية ستختفي، فسيبقى الحكام ومساعدوهم يرفضون أهدافا صحيحة، ويحتسبون أخرى مشكوكا فيها، وسيبقى اللغط موجودا ما عاشت اللعبة، ولْيذهب المحتجون إلى الجحيم.وعلى هذا الأساس، فإنه من حق الإنجليز أن يحتجوا على هدفهم ضد ألمانيا، لكن عليهم أن يتذكروا أنهم نالوا كأس العالم ضد نفس المنتخب، بهدف يحوم حوله الشك منذ أزيد من أربع وأربعين سنة؛ لكن الكرة مبينة أساسا على الأخطاء، ولو لم توجد أخطاء، لما وجدت أهداف.. أساسُ وروح اللعبة الساحرة.