ولعل الخطأ التحكيمي الدي لا يزال تتحدث عنه الصحافة العالمية بإسهاب والذي اعتبرته " خطأ القرن" هوذلك الذي حدث سهرة الأربعاء الماضي بمناسبة مباراة الإياب الفاصلة الخاصة بمنطقة أوروبا بين المنتخب الفرنسي ونظيره الإيرلندي ، حيث ارتكب فيه المهاجم الفرنسي تيري هنري خطأ فادحا بتمريره للكرة لزميله بيده وسجل هذا الأخير هدف التعادل المرادف لتأهل فرنسا لكأس العالم باعتبارها فازت في لقاء الدهاب بدبلن بهدف دون رد، والغريب في الأمر أن حكم تلك المباراة لم يشاهد اللقطة واحتسب الهدف وهوما دفع بالإيرلنديين إلى تقديم شكوى لدى الفيفا طالبين منها بضرورة إعادة المباراة، وهنا وقعت هيئة بلاتير في ورطة حقيقية، إذ أنها اعترفت بخطإ الحكم لكنها لم تجد بدا من ترسيم تأهل فرنسا نظرا لوجود فراغ قانوني في هدا المجال من شأنه أن يحدد الصيغة التي يتم بها رد الحقوق للمنتخبات والأندية المظلومة من طرف الحكام رغم انتهاء المباراة، حيث أن القوانين الموجودة لا تسمح بأي حال من الأحوال إعادة المباراة. حيث تقول المادة المتعلقة بهدا الموضوع ضمن القوانين العامة للفيفا " لا يمكن للحكم أن يعدل عن قرار اتخذه إلا في حال اكتشاف أنه أخطأ في تقديره بعد استشارة الحكم المساعد أوالحكم الرابع وهذا قبل استئناف اللعب وقبل انتهاء المواجهة أيضا"، وبناء على هذه المادة فإن الفيفا تمنح كل الصلاحيات للحكم ولا تعطي أي فرصة للمنتخبات التي تقع ضحية الحكام بعد اكتشاف الأخطاء عقب نهاية المواجهات. تلقت الاتحادية الدولية لكرة القدم برئاسة بلاتير عدة انتقادات من طرف خبراء وتقنيين بشأن الخلل الدي يميز التحكيم في المباريات التي تنظمها ومن أبرزها كأس العالم، حيث أعطت تعليمات للحكام بمعاقبة اللاعبين على أخطاء لا تستحق ذلك بينما تغض الطرف عن معاقبة هؤلاء الحكام على أخطاء جسيمة تكلف المنتخبات الإقصاء. وقد ألقى الحكم الألماني المعتزل فولف ديتر آلينفيلدر باللوم على رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جوزيف بلاتر في كثرة أخطاء التحكيم خلال مباريات بطولة كأس العالم 2006 بألمانيا. وأوضح آلينفيلدر "تلقى الحكام أوامر من هيئة عليا (الفيفا) بإشهار البطاقة الصفراء لمجرد طرفة عين من اللاعبين". وأضاف آلينفيلدر الذي أدار عددا من المباريات الدولية التي تنظمها الفيفا خلال عامي 1984 و1985 في تصريح لصحيفة "برلينر تسايتونج" قائلا إن كأس العالم بألمانيا شهدت تجاوزات كثيرة للتحكيم وأن الخطأ أولا وأخيرا يرجع إلى بلاتير. وأيد المدير الفني لفريق نورمبرغ الألماني هانز ماير رأي وتعليقات آلينفيلدر وقال "الفيفا تستخدم بطولة كأس العالم للتجربة والمباريات غير الحاسمة تحولت إلى لقاءات للبطاقات، وقد حول بلاتير وأعوانه لعبة كرة القدم إلى كرة سلة". احترافية الحكام واجب تقتضيه الضرورة وفي ردها الدائم على الانتقادات التي توجه للحكام، فإن اللجان الدولية والإقليمية وغيرها تجد نفس المبرر للدفاع عن نفسها وهوأن الحكام بشر يخطئون ويصيبون ولا يمكن لهم رؤية كل شيء في الملعب، والمشكلة أن الجمهور وبعض مسؤولي الأندية والمنتخبات لا يقدرون الدور الذي يقوم به الحكم وربما لا يعرف مسؤوليته الكبيرة في نجاح المباراة لاسيما أن الحكم مطالب بإعطاء القرار الصحيح في كل مخالفة تحدث في المباراة، وهذا الأمر في حد ذاته دائما ما يشكل الضغط النفسي على الحكم بالإضافة إلى أنه عندما يخطئ فإن الانتقادات تتوجه له وربما تصل الأمور إلى سبه وشتمه والتشكيك في نزاهته وأمانته، وهذا أيضاً يشكل ضغطاً آخر عليه، فمهمته شاقة يتطلب النجاح فيها إلى إمكانيات بدنية قوية وشخصية تتميز بسمات نفسية وذهنية عالية. إن ضعف تكوين العديد من الحكام الحاليين على المستوى العالمي من جهة وعدم تطبيق احتراف الحكام من جهة أخرى يعدان من أبرز الأسباب خلف عدم تطور مستوى التحكيم في لعبة كرة القدم في السنوات الأخيرة وهذه هي المشكلة الكبيرة التي تعاني منها اللجان التحكيمية في العديد من دول العالم. وطالما أن الحكام هواة يقوم كل واحد منهم بالاعتماد على نفسه في التدريب البدني والتهيئة للمباريات، وتصحيح أخطائه وكذلك القيام بإنهاء إجراءات السفر فإنه لن يظهر بالمستوى المأمول وتحقيق النجاح في المباراة. والحل المناسب لتقليل الأخطاء التحكيمية في مباريات كرة القدم هوالاتجاه إلى تطبيق احتراف الحكام تماما كما يطبق على اللاعبين. نحن نعرف أن الفريق المنهزم دائما يرد اللوم على الحكام ونعلم أن الحكم بشر ولابد من الخطأ وكما يقول الخبراء والمشرفون على لجان التحكيم أن الحكم الذي يرتكب أقل من عشرة أخطاء منذ ولوجه ميدان اللعب إلى مغادرته فهوممتاز . ولتفادى هذه الأخطاء أوالتقليل منها اقترح بعض الخبراء بعض الحلول منها الاعتماد على خمسة حكام في كل مباراة، الحكم الرئيسي، حكمان مساعدان أولان كل واحد في نصف ميدان وحيث لا يمكن لهما الالتقاء في نقطة واحدة وحكمان مساعدان ثانيان يتقابلان مع المساعدان الأولان وهذا لضبط التسلل في آن واحد وبفضل ثلاثة حكام وبذلك لا يمكن الاحتجاج على التسلل الذي هوسبب المشاكل فضلا عن الأخطاء القريبة من كل مساعد حيث تقل المسافة التي يقطعها حكم الوسط وتبقى الكرة في مسافة قصيرة بين حكم الوسط والمساعد، ويسهل الإعلان عن أي خطأ كما اقترح البعض الاعتماد على ستة حكام، حكمين في الوسط مثل كرة السلة وأربعة حكام مساعدين بنفس الطريقة الأولى، ولكن الفيفا تبقى متريثة بشأن تطبيق هذه المقترحات، حيث أنها ترى أن الأمر يستدعي اجتماع الخبراء والدراسة المعمقة. حكم مباراة الجزائر ورواندا يرتكب خطأ فادحا ولم يحدث شيئ. ارتكب الحكم الغيني الذي أدار مباراة الجزائر ورواندا في ملعب تشاكر بالبليدة خطأ فادحا شاهده العالم بأسره، حيث تجاوزت الكرة خط المرمى بمتر تقريبا لكن لم يحتسب الهدف إضافة إلى احتساب عدة تسللات وهمية، والغريب أن لا أحد تحرك سواء في الكاف أوالفيفا لمعاقبة الحكم رغم أن الأمر لا يحتاج إلى دليل، ولذلك يبقى المشكل مطروحا يستدعي إعادة النظر فيه خصوصا وأن دات الهدف يكتسي أهمية بالغة في حسابات الخضر في التصفيات. اكتشاف الأخطاء بعد المباريات وضياع مصير منتخبات ... تحدي آخر للتحكيم العالمي ورغم الحلول التي تم اقتراحها يبقى المشكل العويص الذي يحتاج على دراسة معمقة وقوانين واضحة هوالأخطاء الجسيمة التي يتم اكتشافها بعد نهاية المباريات، حيث أن الأندية والمنتخبات التي تذهب ضحية تلك الأخطاء سيما في المواجهات المصيرية ولا تجد السبيل إلى استرداد حقها تبقى محبطة وتفقد الكثير من معنوياتها. ولذلك فإن إيجاد أساليب جديدة وإعادة النظر في قوانين ترسيم النتائج والتحكيم عامة يعتبر مطلب العديد من اتحاديات الكرة في العالم خاصة بعدما تكاثرت الأخطاء في السنوات الأخيرة. وقد نادت بعض الأصوات إلى ضرورة الاعتماد على أجهزة التكنولوجية المتطورة لمساعدة الحكام في المباريات، حيث يتم إخبار الحكم بنوعية الخطأ في نفس اللحظة وبالتالي يمكنه العودة إليه ويتم تفادي الاحتجاجات. ولكن رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم سيب بلاتر أكد أنه ضد فكرة استخدام كاميرات التصوير التلفزيونية لمساعدة الحكام في المباريات. وقال بعد اجتماع اتحاد كرة القدم لمنطقة أوقيانوسيا إنه طوال فترة رئاسته للفيفا سيعارض تماما المساعدة الفنية للحكام في المباريات التي تشرف عليها الفيفا. وأضاف بلاتير أن اللجوء إلى ذلك من شأنه إنهاء العفوية التي يتسم بها اللعب والقضاء على اللمسة الإنسانية التي تجعل اللعب أكثر جماهيرية. وأقر بلاتر بأن هناك أخطاء ارتكبها الحكام في بطولات كأس العالم لكنه قال إن الأخطاء عادة ما تقع. وأضاف أن "اللمسة الإنسانية هي الشيء المهم، وما دامت المباراة تحت إشراف البشر لا الإلكترونيات فإن أخطاء سترتكب، لكن يتعين علينا أن نعمل جاهدين على تقليلها". وكانت الدعوات قد تزايدت بضرورة استخدام إعادة اللقطات بالحركة البطيئة للألعاب المثيرة للجدل خلال مباريات كرة القدم. جاء ذلك بعد أن وقعت أخطاء جسيمة للحكام في مباريات كأس العالم خاصة في احتساب التسلل وضربات الجزاء، وأخرجت بعض هذه الأخطاء فرقا كبرى من المونديال مثل المنتخب الإيطالي الذي ألغيت له خمسة أهداف بدعوى التسلل في مونديال 2002 بكوريا واليابان.