يشتكي متعاملون اقتصاديون خواص من أسعار التفريغ والشحن والخدمات التي يعتمدها أرباب البواخر وأصحاب الموانئ الجافة في الجزائر، والتي تزيد في الكثير من الأحيان عن المائة بالمائة من تكلفة نقل الباخرة من البلد المورّد إلى الجزائر، مع العلم أنه قبل فتح السوق أمام المتعاملين الأجانب كانت تحدد في قانون المالية لكل سنة، ويلزم المتعاملين باحترامها. كما يفرض هؤلاء خدمات إضافية للتفريغ والشحن وتحويل الحاوية من الميناء الرطب إلى الميناء الجاف، دون استشارة أصحابها وبأسعار خيالية، ساهمت في تحويل كميات كبيرة من العملة الصعبة و"الدوفيز" للخارج، تتجاوز سنويا 6 مليار دولار، وفقا لناشطين في المجال، في حين أن أصحاب هذه الموانئ الجافة لا يقيمون أصلا في الجزائر، ويتابعون نشاط شركاتهم من مقر إقامتهم في بلدانهم الأصلية. وتحصي المديرية العامة للجمارك 16 متعاملا تحصل على رخصة ميناء جاف في الجزائر، منها شركات أجنبية يمتلكها أتراك وفرنسيون وشركات متعددة الجنسية تُضاف إلى الشركات الوطنية في حين أن الذين تحصلوا على رخصة إنشاء الميناء الجاف قبل جوان 2009 أسسوا شركتهم من دون اعتماد القاعدة الاستثمارية 51 49، واستطاع أصحاب هذه الشركات في ظرف قياسي إحراز أرباح كبرى، جعلتهم يزاولون نشاطات أخرى في الجزائر، على غرار تأسيس فيلات وشقق وبنايات وتأجيرها للجزائريين، والمتعاملين الاقتصاديين. ووفقا للمعلومات التي استقتها "الشروق" فإن تكلفة مكوث الحاوية الواحدة في الميناء الجاف ليوم واحد لا تقل عن 14 ألف دينار، وهو مبلغ ضخم يستفيد منه المتعامل الأجنبي، الذي أسس شركته لدى قدومه للجزائر قبل ما يزيد عن 10 سنوات برأسمال لا يزيد عن 500 أي دينار، أي 50 مليون سنتيم. وبالرغم من أن مهمة أرباب البواخر نقل الحاويات إلا أن هؤلاء لا يكتفون بمجرد إدخالها ميناء الجزائر أو أحد الموانئ الرطبة ببقية الولايات، وإنما أيضا الاستقبال والشحن وتنزيل السلع ونقل وفد الجمارك واعتماد أجهزة السكانير الخاصة بها، وكل ذلك خدمات تتلقاها هذه الشركات بالعملة الصعبة، لتحول أرباحها بشكل سنوي للخارج، مع العلم أن 4 من أصحاب الموانئ الجافة في الجزائر يستحوذون على 70 بالمائة من نشاطها، وبالمقابل تمكث الحاوية الواحدة ليس لأقل من أسبوع في الميناء الجاف، وهو ما يزيد من حجم أرباح صاحب الميناء الجاف، فكلما استقرت الحاوية بالميناء أكثر زادت أرباحه. ويأتي ذلك في وقت تعيش الشركة الوطنية للنقل البحري ظروفا مالية صعبة، بعد قدوم هؤلاء الأجانب للنشاط في الجزائر واستحواذهم على معظم تعاملات المستوردين، وبعدما كانت في الماضي تقتني سنويا 10 بواخر لتعزيز أسطولها ونشاطها، باتت اليوم عاجزة عن الاستثمار في العتاد، مع العلم أن المبلغ المحول سنويا من هذه الشركات والذي يتجاوز 6 مليار دولار، كان كفيلا بحل الوضع للمتعامل العمومي، الذي ستزداد أموره سوءا خلال المرحلة المقبلة في حال استمر الوضع على ما هو عليه.