تشهد العديد من المؤسسات البترولية الكبرى، خلال سنوات عديدة سيطرة بعض المؤسسات المناولاتية الخاصة على فروع تابعة إليها، وهذا على أساس عجز هذه المؤسسات البترولية في تسيير هذه الفروع بصفة مؤقتة، على غرار خدمات المناولة كالتموين والفندقة والحراسة وكذلك فرع النقل. وقد أصبح هذا الموضوع يثير الكثير من التساؤلات، لاسيما في ظل بقاء هذه الفروع والمؤسسات الخاصة مسيطرة على هذه المجالات، بالرغم من أن الشركات البترولية بمقدورها استرجاع هذه الفروع ودمجها بصفة نهائية كشركة سوناطراك وغيرها من الشركات. تعالت مؤخرا الكثير من الأصوات على مستوى الشركات البترولية الكبرى على غرار شركة سوناطراك ومختلف المؤسسات الاقتصادية الأخرى بمدينة حاسي مسعود، من إطارات وكوادر عمالية تطالب بإدماج كل فروع هذه الشركات، التي لا يزال جزء كبيرا منها يخضع لسيطرة شركات مناولاتية خاصة تقوم بتقديم وتسيير مختلف الخدمات في مجالات عديدة، على غرار النقل والحراسة والتموين وكل الخدمات المتعلقة بالفندقة، خاصة أن هذه المؤسسات تعتبر من الدعائم الأساسية للاقتصاد الوطني والشركات تعتمد على عائدات النفط بشكل كبير يفوق نسبة 90 من المائة من صادراتها. وتعود أسباب ذلك إلي خلفيات عديدة، من ضمنها أن الشركات المناولة الخاصة التي سيطرت بشكل كبير ومنذ سنوات طويلة على العديد من فروع هذه المؤسسات على شكل صفقات ربحية تتعلق بتقديم خدمات النقل والحراسة والتموين، أصبحت تكلف خزائن هذه المؤسسات أموالا طائلة تقدر بمئات الملايير من الدينارات. وكان بمقدور هذه الشركات البترولية الاستغناء عن شركات المناولة، خاصة إذا علمنا أن العديد منها أصبحت متحكمة بزمام الأمور من حيث وفرة الوسائل المادية والبشرية وما تعلق بالاستقلال المالي، خاصة إذا علمنا أنها كانت سابقا تعاني من ضعف وعجز ميزانياتها في تسيير هذه الفروع بنفسها ما جعلها تبرم صفقات مؤقتة بهذه الشركات الخاصة. وتفيد العديد من الجهات التي لها صلة بالموضوع في هذا المجال بأن معظم الشركات الوطنية خاصة البترولية منها استعادت توازنها خلال عشر سنوات الأخيرة، بل طورت نفسها من جميع النواحي ولم تعد لها مشاكل ونقائص في ما يخص اكتفاءها الذاتي بكل فروعها، وهو ما جعل هذه الجهات تنادي وتطالب باستقلال كل فروعها التي مازال العديد منها يسير من طرف المؤسسات الخاصة، وهذا بقيام الوصاية بإدماجها لديها وتسييرها بنفسها على غرار العديد من المؤسسات الوطنية بالمنطقة، التي تقوم بتسيير فروع التموين والفندقة والنقل بنفسها كالمؤسسة الوطنية للجيوفيزياء والمؤسسة الوطنية للأشغال البترولية الكبرى. في حين بقيت العديد من المؤسسات، على غرار سوناطراك والمؤسسة الوطنية للتنقيب وغيرها تعتمد بشكل أساسي على خدمات هذه المؤسسات الخاصة سواء على مستوى الورشات أم قواعد الحياة، لكن الثابت من بقاء سيطرة هذه المؤسسات بهذه الفروع عبر إبرام صفقات كل ثلاث سنوات وبشكل دوري، هو وجود رجال أعمال وأصحاب نفوذ يتحكمون بهذه الصفقات لصالحهم، مع تقاسم الفوائد منها مع مسؤولين كبار بالدولة وفي مستويات عديدة، ما جعل الأوضاع تبقى على حالها لسنوات طويلة إلى غاية يومنا هذا. وطالبت العديد من الجهات من مسؤولين وإطارات من نقابات وعمال الطاقة بسوناطراك تزامنا وذكرى تأميم المحروقات بإنهاء هذه الصفقات التي عمرت طويلا زيادة على إدماج الآلاف من عمال هذه المؤسسات الخاصة بهذه الشركات البترولية الكبرى لتخفيف الأعباء المالية المتزايدة عليها.