تأجل مرة أخرى موعد إحالة القيادي في حزب جبهة التحرير الوطني، وعضو مجلس الأمة عبد الوهاب بن زعيم، على لجنة الانضباط، وهي المعلومة التي أكدها البيان الذي توج اجتماع المكتب السياسي للحزب، تحت رئاسة الأمين العام جمال ولد عباس. وكان مقررا أن تجتمع لجنة الانضباط اليوم الثلاثاء، لبحث ملف "السيناتور" بن زعيم، غير أن قيادة الحزب ارتأت تأجيل الجلسة إلى موعد لم يحدد بعد، علما أن هذا القرار لم يكن الأول من نوعه، حيث سبق وأن حدد يوم السادس من الشهر الجاري أولى جلسات اللجنة لبحث الملف، قبل أن يؤجل إلى اليوم، ثم يرحل إلى آجل غير مسمى. المبرر الذي ساقه المكتب السياسي لهذا التأجيل، كان غياب رئيس لجنة الانضباط، عمر الوزاني بسبب المرض، كما رهن انعقادها بعودة رئيسها من العلاج، ما يعني، حسب نص البيان، أن عرض بن زعيم على لجنة الانضباط مرهون بشفاء رئيس اللجنة من المرض الذي ألمّ به (!!!). وبات مصير عرض بن زعيم على لجنة الانضباط، كمصير الجدل الذي أثير حول إحالة النائب عن ولاية عنابة، بهاء الدين طليبة على اللجنة ذاتها، بسبب إعلانه عن تشكيل تنسيقية لدعم ترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة رئاسية خامسة دون استشارة قيادة الحزب، وهي المبادرة التي أزعجت كثيرا ولد عباس، وكانت وراء تحركه لتفعيل الإجراءات الانضباطية بحق نائبه. وإن لم يشر بيان المكتب السياسي إلى إسقاط المتابعة الانضباطية بحق بن زعيم وطليبة، إلا أن تسريبات من داخل "الحزب العتيد" تشير إلى تراجع ولد عباس عن اندفاعه غير المحسوب العواقب، بعرض إطارات الحزب على لجنة الانضباط، والذين وصل عددهم إلى ثمانية في ظرف وجيز. وبرأي عارفين بالأمور التنظيمية في القوة السياسية الأولى في البلاد، فإن غياب رئيس لجنة الانضباط لأي سبب كان، لا يعطل عمل اللجنة أو انعقادها، لأن هيكلة اللجنة تشير إلى وجود رئيس اللجنة ونائب الرئيس والمقرر، لذلك فنائب الرئيس يمكنه تقلد دور الرئيس بالنيابة، في حال تعذر على رئيس اللجنة القيام بمهامه لأي ظرف كان. ومن هذا المنطلق، تذهب مصادر عليمة بخبايا "الحزب العتيد" إلى ترجيح فرضية تخلي ولد عباس عن المتابعة الانضباطية بحق كل من بن زعيم وطليبة، لاعتبارات متباينة، فالأول أشعلها حربا لا هوادة فيها ضد الأمين العام، وظف فيها كل الأوراق، بما فيها تلك البعيدة عن السياسة، وهو الأمر الذي يكون قد أزعج ولد عباس، بل جلب له متاعب مع الجهات التي تقرر في شؤون الحزب. أما مصير إحالة النائب طليبة على لجنة الانضباط، فلا يزال مجهولا، فعلى الرغم من أنه كان السبب في إخراج سيف الانضباط على مستوى الحزب العتيد إلى الواجهة، إلا أن موعد إحالته على اللجنة تم السكوت عنه، وسط تضارب في التسريبات حول خلفيات هذا الصمت، الذي تربطه تسريبات بوجود مساع لتوافقات بين الغريمين، على حساب أطراف أخرى في الحزب. قرار ولد عباس، غير المعلن، بالتراجع عن تفعيل القرارات الانضباطية بحق بعض إطارات الحزب، تؤشر على أن الرجل يكون قد أدرك أن مواجهة الجميع دفعة واحدة قد يودي بمستقبله على رأس الحزب، لاسيما وأن ولد عباس دخل المنطقة الحمراء بعد قفزه على القانون الأساسي والنظام الداخلي، فيما تعلق باحترام آجال انعقاد اللجنة المركزية المحددة بمرة واحدة كل سنة على الأقل، علما أن آخر اجتماع لهذه الهيئة مر عليه سنة ونصف.