من وهران إلى دبي إلى باحثة عن زواج "فراند" ..حينما ضاقت بها الدنيا بما رحبت، ولم تجد عريسا أو فارس أحلامها، ملّت هذا الوضع، بل سئمت حياتها واشتدت حالتها سوءاً حينما بلغ سمعها زواج أخريات أقل منهنّ سنّا وأقل جمالا، فبحثت ليندة عن عريس في كل مكان وفي كل وجهة اعتقدت أنها ستؤتي أكلها، لكن من قطف ثمارها أخريات.. * ليندة فتاة قاربت ال38 سنة، تنحدر من أصول وهران سمرتها توحي إليك بأنها من إفريقيا، وتجاعيد شعرها تكاد تقول لك أنا كذلك، بحثت عن عمل في وهران فلم تجده، وطارت إلى العاصمة على أمل أن يلعب حظ جمالها ويدرّ عليها بالربح السريع، علها تعيل أسرتها الفقيرة التي عضها الفقر بنابه، وخرز ظهرها وبطنها بالجوع.. آه لو أن لي قوة سآوي إلى ركن قوي أو رجل يسترني وأكون لباسه.. تتنهّد ليندة تنهيدة أخرجتها من الأعماق لتدحض حجج كل من قال لها: "فاتك قطار الزواج". * لقد آتاها الله مسحة جمالية "تجعل الديك يصيح في رابعة النهار" كما يقول المثل العربي، فقوامها الرشيق، وقامتها الهيفاء وعيناها كفنجان قهوة الصباح تذهب عنك النعاس حتى وإن غشيك أياما وليالي آمنة، فلم تكن تدري ليندة أن قدرها سيطير بها إلى الإمارات العربية المتحدة حيث تعرفت على "هاجر" ذات الأصول الشرقية وتقطن بالعاصمة، ومعتادة على زيارة دبي "للبزنسة" في ملابس النساء والأطفال، وعرضت على ليندة فكرة مرافقتها إلى دبي والدخول بها في عالم التجارة، وكذلك إدخال أكبر قدر ممكن من الملابس، حيث ترفض المطارات الدولية أي حمولة تتجاوز 32 كلغ للمسافر الواحد.. وكأن بهاجر تجد الحل للتوسعة في المال والأعمال. * من هنا بدأت رحلة ليندة ومن فوق السحاب، بدأت الأفكار تتراءى لها، هل أستقر بدبي؟ أم أغدو وأعود إليها؟ وقتها كانت تعلم هاجر أن جمال ليندة هو جواز سفر آخر، يمكن أن توظفه وقت الحاجة والضرورة. * جلست الإثنتان إلى بعض، ومن نافذة الطائرة تشرح هاجر لليندة التطور العمراني، وأبراج دبي، وتفكك لها بعض الرموز التي لا يعرفها إلا من قد مرّ بها من قبل، وعلى مر 6 ساعات في السحاب لم ينته الحديث بينهما إلا لفترة الأكل أو النوم الخفيف، وبعد أن حطّت الطائرة على أرض مطار دبي الدولي، شرعت هاجر في حمل الأمتعة بحكم التجربة.. وهكذا تحط لأول مرة قدم ليندة على أرض خارج الوطن، فالمكان معروف عند هاجر، وطريق البزنسة مألوف، فلم تجد هاجر حرجا في تعريف ليندة بالأخريات.. مرت الأيام وجُمعت الأمتعة والبضائع من دبي إلى الجزائر والجيوب تنتفخ من الدراهم.. والمتعة تزداد متعة فما فوقها متعة فالمال موجود، والاستقرار متوفر، ولا ينقص سوى "الزواج".. بدأت فكرة الزواج تراود ليندة، وحينما أخبرت صديقتها هاجر بالموضوع أخذتها إلى مكان يلتقي فيه العرب والعجم مع اختلاف ألوانهم وألسنتهم يتزوجون فيما يبينهم ويسمونه "زواج فراند"، لم تفهم ليندة هذا النوع من الزواج وأرادت توضيحا وشرحا مفصلا، وبما أن هاجر متزوجة زواج فراند، شرحت لها أن هذا النوع من الزواج يصلح لفئة المهاجرين والمسافرين غير المستقرين بالبلد وأنه يتوفر على شروط الزواج المعروفة من مهر وصيغة وشهود، أما الولي فلا يوجد، ولكن أن ينوب عليه الشيخ المفتي الذي يقرأ العقد بالفاتحة، على أن تتنازل الزوجة عن الأولاد، والمبيت عنده، في الليل، وعلى الرغم من عدم وضوح هذا النوع من الزواج، إلا أن انتشاره في الخليج لم يعد تحدوه حدود، ولا يتقيد بقيود، ويمكن أن تتزوج الفتاة أسبوعا فإن لم يعجبها طلقته واختارت آخر. * * شجار من أجل الظفر بليندة * ما إن جلست ليندة رفقة صديقتها هاجر في المكان المعروف "place freind" المحاذي لإحدى الجزر في الإمارات العربية حتى "حجّ" إلى ركنها رجال من باكستان وبانغلاداش وآخرون من الهند، يتزاحمون فيما بينهم بل وصل الأمر إلى شجار عنيف لم يحصل في دبي من قبل بين جماعة تريد الزواج بها على طريقة من يدفع المهر أكثر وينزلها في نزل فخم، ولما لمحت ليندة هجوم "آكلي البشر" نحوها أخفت وجهها بظهر صديقتها هاجر، فأسكتهم المفتي أو من يقرأ الفاتحة ولهجته توحي بأنه سوري، فأعطي لليندة حق أن تختار زوجا يقدرها. * * ليندة ترفض المصري وتتزوج كويتيا * رفضت ليندة "زواج فراند" من مصري يسيّر فندقا في دبي ولا يملكه ملكية أصلية إنما للانتفاع التجاري منه لا يحق أن يملكه، وأرجعت رفضها للمصري إلى ما فعلوه بالجزائريين في القاهرة وحرقهم للعلم الجزائري، واختارت كويتيا له بطن منتفخة تعهّد لها أمام الشهود بالتكفل بتجارتها وإغراقها بالمال.. يحدث كل هذا، ويعقد هذا العقد في غياب الولي والأهل بل دون أن يعلم أحد بالموضوع.. لتدخل ليندة القفص الزوجي كما تدخله لأول مرة، تاركة وراءها قيم وهران، وأصول بلادها.. وتمضي الأيام والأسابيع لتصبح ليندة طرفا في موضوع زواج الجزائريات و"زواج فراند" مع الأجانب، حيث تتردد كل أسبوع على مطار دبي للتعرف على السلعة الجديدة من حسناوات الجزائر اللاتي أعرض عنهن الجزائريون وهذا الموضوع ما كان ليكتشف أمره إلا بعد أن اقتربت منّا إحدى الجزائريات، وسألتنا عن طائرة يوم الأربعاء فقلنا لها وما شأن هذه الطائرة، قالت إن ضيوفا تنتظرهم، فهمس إلينا أحد المسافرين الجزائريين أن هذه الفتاة تنتظر حسناوات الجزائر من يردن الزواج بالأجانب هنا في دبي. * * جزائريون يبحثون عن إثيوبيات للزواج بهن * وفي الشق الرجالي، فإن هناك جزائريين في تصاعد عجيب يبحثن عن فتيات إثيوبيات من الحبشة للزواج بهن وفق نكاح المسيار أو زواج فراند، إذ لا يختلف إثنان حول جمال الحبشيات والإثيوبيات كما وصفهن أحد الجزائريين المقيمين في دبي شكلهن شكل قارورة (كوكا) ويتردد على لسان الجزائريين قولهم لنذهب إلى الحبشة فإن فيها نساء لا ينافسهن أحد في الجمال! * * ..وبعد.. * إن العنوسة في الجزائر التي بلغت أكثر من 9 ملايين فتاة جاوزن ال35 سنة دون زواج، عدد يفوق عدد سكان دول الخليج مجتمعة هذا الرقم الكبير ينتهي بعلامة استفهام كبيرة أين المفر؟ أين الحل؟ سؤال يتكوَّر على ذاته فهو علامة استفهام أخرى!