صيد الأرانب والضربان ومطاردة طيور الحجل والسمّان للفطور والسّحور وجدت بقايا الجماعات الإرهابية القليلة المتبقية بأعالي الجبال عبر محور مصيف القل غرب ولاية سكيكدة إلى غاية شرق ولاية جيجل، نفسها معزولة تماما عن العالم، بفعل الحصار المفروض عليها من قبل وحدات الجيش وعناصر الأمن المشتركة، عبر أكثر من إقليم وأكثر من نقطة، مما عرقل تحركاتها وشل نشاطها، وجمّد اتصالاتها بشبكات الدعم والتموين التي كانت تنشط معها فيما سبق، وتقدم لها خدمات تتمثل في الإطعام والتموين إلى جانب تزويدها بالمعلومات عن تحركات مصالح الأمن والتخطيط لاستهداف المواقع والمقرات والأشخاص * وبفعل الإستراتيجية الأمنية التي اتخذتها وحدات الأمن المشتركة الجزائرية منذ سنوات، ساهم ذلك في تراجع نشاط العمل الإرهابي والتقليص من حجم المساعدات التي كانت تصلها من شبكات الدعم والإسناد، إضافة إلى أن قانون المصالحة الوطنية كان له أثر كبير في إحداث شرخ واسع في العمل والتنسّيق بين الجماعات الإرهابية، مما جعلها تنحصر في أعالي الجبال وفي مناطق معزولة وحرمها من الوصول إلى موارد الغذاء والإطعام، مما اضطرها إلى الاستنجاد بما تجود به الغابة من حيوانات بريّة، كالأرانب والسّمان والحجل والضربان، إذ تحتّم على بقايا كتيبة الفتح المبين التي تنشط بإقليم غرب سكيكدة، وهي الكتيبة التي تعرضت للتفكك بسبب القضاء على العديد من قيادييها على يد وحدات الجيش، إلى جانب إقدام عناصرها على تلبية نداء المصالحة الوطنية، تحتم عليها التمركز بأدغال غابات كركرة ووادي زهور، والاعتماد على الصيد وفي غالب الأحيان بالطرق التقليدية، ومن دون استعمال الطلقات النارية والرصاص، لتفادي الوقوع في كمائن قوات الجيش، ويقضي أفراد من الجماعات الإرهابية سواء بسكيكدة أو بغيرها، شهر رمضان على ما تمنحهم إياه الطبيعة، من أرانب وحجل وضربان، وهي الثدييات والطيّور المتوفرة بكثرة بالغابات الضخمة، ويتم صيدها بواسطة "الفخاخ والشنق" وطرق تقليدية أخرى، فيما تتسوّل جماعات مكونة من شخصين وثلاثة، أبواب سكان الأرياف المعزولة، طلبا للمؤونة، وليس كما كان يحدث سابقا، بقوة الكلاشينكوف والسيوف، وتحت طائلة التهديد والوعيد واستعمال القوة، فيما يضطر البعض من أفراد الجماعات الإرهابية سيما أولئك المتمردين على القيادة والذين وجدوا أنفسهم لوحدهم، إلى الاستنجاد بالمفرغات العمومية والمزابل وما يمكن أن تجود به، من نفايات علّها تسدّ رمقهم، أو علّها تعثر على ما يمكن أن يكون فطورا أو سحورا في رمضان، وقالت مصادر مطلعة للشروق اليومي، بأن إرهابيين ظهروا منذ أيام عبر نقاط مختلفة من تراب غرب ولاية سكيكدة، في وضعية مزرية للغاية، يطلبون طعاما، قبل أن يلوذوا بالفرار تجاه الغابات المجاورة، وبالرغم من أنهم يمتلكون أسلحة إلا أنهم لا يمتلكون سبل الوصول إلى موارد الغذاء، مما جعلهم في أسوإ حالاتهم، وأضافت ذات المصادر، بأن مجموعات إرهابية يتراوح عددهم ما بين 4 إلى 6 أفراد، قد ظهرت في مناطق بلدية الولجة بوالبلوط إلى أقصى غرب ولاية سكيكدة، حيث بدا وأن الإرهابيين الذين ينضوون تحت راية تنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال في أسوإ أحوالهم المادية التموينية والمعنوية، وعبرت مناطق آهلة بالسكان طالبة يد العون والمساعدة من السكان المحليين، وقال المصدر بأن الإرهابيين يرتدون ألبسة رثة شتوية أكثر من صيفية، كما أنهم يبدو عليهم أثر الجوع والحرمان والضياع وطلبوا من السكان تزويدهم بالمؤونة والألبسة والأغطية، ووقع ذلك تزامنا مع حدوث انقسام وشرخ كبير في سرية الفتح المبين المنضوية تحت لواء كتيبة الشهداء التي تنشط على مستوى محور عين الزويت وتمالوس وكركرة مرورا بمصيف القل وصولا إلى أعماق جبال بلدية الولجة بوالبلوط، وتجدر الإشارة إلى أن ستة إرهابيين ينحدرون من بلدية كركرة غرب ولاية سكيكدة مازالوا ينشطون ضمن تنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال ويقومون بأعمال إرهابية بعدد من المناطق الغربية للولاية، منذ التحاقهم بالعمل الإرهابي المسلح سنوات التسعينيات، واستسلام الكثير من الإرهابيين وحتى الإرهابيات جعل من رمضان هذا العام الأسوأ بالنسبة لجماعات الدم الذين يعيشون صوما دائما فما بالك في شهر الصيام.