نيبال هى دولة تقع فى جبال الهملايا، وقد كانت زيارتى الأولى لها بعد التحول من الملكية إلى الجمهورية، ولطالما إشتاقت نفسى إلى زيارة جبال الهملايا والأفرست، وكذلك منطقة التبت. فالنيبال هى من إحدى الدول الصغرى بشبه القارة الهندية، ولقد كانت معزولة عن باقى العالم لعدة قرون، وقد عاشت إضطرابات سياسية ومقاومة عسكرية من قبل الماويين، وهم أناس يؤمنون بالفكر الشيوعي على طريقة ماو تسي تونغ، ودعم للفلاحين. فمنذ الوهلة الأولى، وأنت فى المطار، يبهرك عظمة الجبال وجمال التضاريس، والبرودة الشديدة للطقس، وحتى المطار تجده وقد تم بناءه بالحجر الأحمر لمقاومة البرودة والأمطار، وفي أثناء خروجك من المطار متجهاً نحو العاصمة "كاتماندو" تجد نفسك وقد علقت في الإزدحام، ولكن مهلا... الإزدحام ليس بسبب السيارات، أكثر منه بسبب الدراجات الهوائية والنارية، وكأن الرجولة لا تكتمل لدى النيباليين إلا بعد إقتناء هذه الوسيلة من وسائل المواصلات. والتي تم تعديلها لتناسب العديد من أغراض النقل الأخرى، سواء نقل فردي أو جماعي أو بضائع... أو غيره. أما من الناحية الجغرافية فنجد أن الجبال الشاهقة تمتد لتحيط بالمنطقة من الشرق إلى الغرب، والتى يتراوح إرتفاعها ما بين 3000م لتصل إلى 8000م، متضمنة بينها أعلى قمم جبال فى العالم و هي قمة إفرست والتي تصل إلى 8848 م، والتي سوف نسرد تفاصيل الزيارة الخاصة بها فى حلقة قادمة. ومن خلال تواجدي بالنيبال، وجدت الفرصة لزيارة بعض المناطق والقرى الجبلية، والتي تجلت فيها سمات الفقر وقد لاحظت إنعدام الزراعة وإن تواجدت، ففي مساحات ضيقة، أو مستغلة إسغلالا تقليديا تنعدم فيه رائحة التكنولوجيا أو أي وسائل عصرية حديثة، ومن الواضح أن هذه المنطقة من العالم في حاجة إلى كل الجهود المبذولة في المجال الإنساني. وكان اكثر ما أثار دهشتي هناك، هو تعدد اللغات واللهجات، فتوجد حوالي 40 لغة، قد تختلف بإختلاف العناصر فى النيبال. تقع النيبال بين الصين والهند، ولكن هذه الأخيرة لها تأثير كبير على النيبال وسياستها، فحتى إنتشار الإسلام - كما حكي لي - تم من خلال طريق الهند بالتجار العرب، ويصل عدد المسلمين فى النيبال إلى 4.2٪ من السكان الأصليين، وهم منتشرون فى كافة انحاء البلد، ويعمل اغلبهم بتجارة الذهب والماس وبعض الأحجار الكريمة الأخرى، وتجد وضعهم الإقتصادي ممتاز، مقارنة مع باقي الديانات الأخرى. ومن المفارقات التى لم أستطع تحملها، النظام الغذائى المبني على البهارات وكذلك إستعمال الفلفل الحار، حتى في الصباح الباكر مع الحليب، ولا داعي لذكر إنعدام النظافة، مما يدخل الريبة والشك فى كل شيء تستخدمه. ولكن لم يمنعني ذلك من الإستمتاع بالزيارة، وإستكشاف المنطقة وإستكمال حلقة زيارة شبه القارة الهندية (الهندوسيريلانكية). ومن الأحداث التى شهدتها أثناء تواجدي هناك، كان تغيير العملة الوطنية، وذلك بإستبدال صورة الملك ووضع صورة جبل إفرست، وهو من أشهر معالم البلاد السياحية، ولم يكن ذلك هو التغيير الوحيد، بل تم العمل على إزالة كل المعالم التى توحي أو ترمز إلى النظام الملكي في كافة المؤسسات، كما تم تأميم القصور الملكية، والتي أثناء زيارتك لها لا تملك إلا أن تلاحظ مدى البذخ والرفاهية الذى كان يتمتع بها هؤلاء الملوك مقارنة بمستوى معيشة أفراد الشعب..