قررت وزارة السكن والعمران إعادة النظر في العلاقة التي تربط المرقين العقاريين بزبائنهم، وذلك من خلال إدخال الصرامة عليها وضبط صيغ البيع على التصاميم، وربطها باكتتاب عملية البيع بعقد موثق يسبق عملية الدفع ويحدد تاريخ تسليم العقار موضوع عقد البيع، وأي تأخر في التسليم الفعلي للعقار موضوع البيع على التصاميم يؤدي إلى عقوبات تأخير يتحملها المرقي، وذلك في خطوة نحو تطهير الساحة من أشباه المرقين، بعد أن أصبحت الوزارة تعتمد عليهم كشركاء وأدوات لإنجاز المشاريع العمومية. نظرت الحكومة في اجتماعها يوم الخميس في المشروع التمهيدي للقانون المحدد للقواعد المسيرة لنشاط الترقية العقارية، الذي جاء حاملا لسلسلة من الإجراءات الردعية الرامية لتنظيم عمليات البيع على التصاميم وتأمينها من عمليات الاحتيال التي ذهب ضحيتها العديد من الزبائن بسبب غياب التدابير والآليات ذات الطابع القانوني التي من شأنها تأطير العمليات التي تدخل في إطار البيع على التصاميم وكذا تلك المتعلقة بالتزامات المرقين العقاريين وإذ ستمنع الحكومة المرقين من أي تعامل مالي قبل تحرير عقد البيع أو عقد الحجز، فقد حددت بوضوح الالتزامات التي يتوجب على المرقي العقاري الالتزام بها وعدم التحرك خارج إطارها وعدم مطالبته أو قبوله بأي تسبيق أو إيداع مهما كان شكله قبل توقيع عقد البيع على التصاميم، ويشترط في التوقيع الاكتتاب المسبق للضمان، وسيتم قريبا وضع تنظيم يتكفل بتحديد مبلغ وآجال عقوبة التأخير وكذا كيفيات دفعها، إذ أن العقوبة ستتماشى مع مدة التأخر، وبقدر ما تطول مدة التأخر بقدر ما ترتفع غرامة التأخر، وذلك لمعالجة الفراغ القانوني الموجود والذي جعل المرقي العقاري يتجاوز 10 سنوات دون تسليم العقار لصاحبه الأمر الذي يؤثر على الكلفة الحقيقية للعقار ويجعلها ترتفع. وضمن هذا السياق وحسب الوثيقة المصادق عليها من قبل الحكومة فإن عقد الاكتتاب يجب أن لا يهمل تفاصيل عملية البيع بداية من السعر إلى الآجال وصولا إلى خدمات ما بعد البيع. وضمن هذا الإطار فالعقد يجب أن يتضمن آجال تنفيذ الأشغال الضرورية لإصلاح عيوب البناء وحسن سير عناصر تجهيزات البناية، وفي حال زوال كل بناية أو جزء منها جراء عيوب البناء، أو جراء النوعية الرديئة للأرضية تقع المسؤولية على مكاتب الدراسات والمقاولين المتدخلين الذين لهم صلة بالبناية وذلك لمدة لا تقل عن 10 سنوات كاملة، ويتوجب على المرقي أن يلتزم بمسؤوليته المدنية في المجال العقاري لفائدة زبائنه، إذ يلتزم بمطالبة مكاتب الدراسات والمقاولين وشركائه الآخرين بكل الضمانات والتأمينات القانونية المطلوبة. ولردع عمليات الاحتيال التي تطال المواطنين من المرقين المزيفين، فالإطار القانوني الجديد الذي سيصدر قريبا يتضمن إجراء يقضي بتعرض كل مرقٍ عقاري يطالب أو يقبل التسبيق أو إيداع أو اكتتاب أو سندا تجاريا قبل توقيع عقد البيع على التصاميم أو عقد الحجز لعقوبة السجن لمدة شهرين إلى سنتين وغرامة مالية تقدر بعشرة ملايين إلى 100 مليون سنتيم، كما يعرض كل مرقي نفسه لغرامة مالية تتراوح ما بين 10 ملايين إلى 100 مليون سنتيم، في حال أدلى بمعلومات خاطئة أو غير كاملة في الوثائق والعقود والصفقات، كما قد يسجن لمدة تتراوح ما بين شهر و5 سنوات. كما يتعرض كل مرقٍ عقاري لا يعلم المقتني أو صاحب الحجز بالمعلومات والمواصفات التي يجب الإدلاء بها في العقد، وستوكل مهمة معاينة المخالفات إلى ضباط وأعوان الشرطة القضائية، كما يشاركهم المهمة المتصرفون الإداريون والمهندسون المعماريون والأسلاك التقنية التابعة لإدارة السكن والعمران، هذه القواعد الجديدة التي ستحكم وتسير نشاط الترقية العقارية، تراهن عليها الحكومة لتطهير هذا السلك، على خلفية أنها أصبحت تعول على العديد منها في إنجاز مشاريع السكن العمومي، وتحديدا مشاريع السكن التساهمي أو ما أصبح يطلق عليها السكن الترقوي المدعم.