في الوقت الذي شرعت الحكومة الجزائرية في التحضير لعقد اقتصادي واجتماعي، سيشكل إجماعا بين الشركاء الاجتماعيين والجهاز التنفيذي حول الخيارات الاقتصادية الكبرى للبلاد (وطبعا حول السياسة الاجتماعية التي سيتم تطبيقها)، أصدر البنك الدولي وجهة نظره حول حالة الاقتصاد الجزائري محددا جملة من التوصيات من أجل »تصويب الوضعية«، ماهي الاستراتيجية الاقتصادية من الناحية الكلية التي يتوقعها البنك الدولي على المدى المتوسط للاقتصاد الجزائري؟. عبد المجيد بوزيدي ترجمة: عبد الوهاب بوكروح لقد بدأ خبراء هذه المؤسسة المالية الدولية في تحديد خمس نقاط يرونها معوقات أساسية للاقتصاد الجزائري وهي: 1 القطاعات الاقتصادية خارج قطاع المحروقات غير ديناميكية. 2 إنتاجية عامل العمل مثله مثل رأس المال ضعيفة جدا (الأضعف بين بلدان المتوسط). 3 الاقتصاد الجزائري مرتبط بشكل قوي جدا بأداء قطاع المحروقات، وهو القطاع الذي يتميز بعدم استقرار. 4 التمويل بواسطة البنوك العمومية (بأوامر من الدولة) للشركات العمومية التي تتميز بأداء ضعيف، تحرم شركات القطاع الخاص والقطاعات الأخرى من الموارد المالية (القروض: تذهب إلى المؤسسات العمومية ضعيفة الأداء وليس للشركات الخاصة التي تحتاج لهذه القروض). 5 الاقتصاد الجزائري يتميز بمناخ أعمال سيئ: بيروقراطية، صعوبة الحصول على العقار الصناعي، ثقل الإجراءات الجمركية، عدم فعالية نظام الاتصالات، بيروقراطية البنوك... بالنظر إلى هذه المعوقات، فإن البنك الدولي توصل إلى أن تسيير الاقتصاد الكلي على المدى المتوسط مسألة جد صعبة، ومنه فإن البنك الدولي يرى بأن التحدي الذي يجب رفعه خلال السنوات القادمة يقوم على الأخذ بعين الاعتبار هشاشة مداخيل الميزانية المتأتية من المحروقات بسبب عدم استقرار أسواق النفط العالمية، إلى جانب انفجار النفقات العمومية الذي يجب ان تواجهه الجزائر بسبب الارتفاع المنتظر للطلب الاجتماعي. وبصيغة أخرى، وفي حال أسواق النفط العالمية والاستنفاد التدريجي للاحتياطات، فإن الجزائر ستجد نفسها عاجزة عن مواجهة الاحتياجات الداخلية. وعليه، فإن البنك الولي يوصي الجزائر بانتهاج سياسة حذرة لمواردها المالية من خلال مراقبة النفقات العمومية، وتثمين فوائضها المالية الناتجة عن مداخيل النفط المحصلة خلال الفترة الذهبية الأخيرة، تموين صندوق ضبط الإيرادات واستثمار (توظيف) الفوائض المالية يسمح للجزائر بتأمين مستوى نفقات صارمة ومنتظمة على المديين المتوسط والطويل. الهدف الأولي الذي يوصي به البنك الدولي الجزائر، يتمثل في ضمان استقرار الميزانية، وفي ظل عائق توازن الميزانية الملح يجب رسم السياسة الاقتصادية، وعلى هذا الأساس قامت سياسة وزير المالية السابق عبد اللطيف بن اشنهو. السياسة المترددة القائمة على الاستثمار وقت الرخاء، وتقليل الاستثمار وقت الشدة يرفضها البنك الدولي »سياسة ميزانية صائبة على المدى الطويل تشرك ادخار جزء مهم من العائدات بهدف حماية استهلاك الأجيال القادمة بعد نفاد مداخيل المحروقات«، كأن البنك الدولي يريد القول إن ضمان مستقبل الأجيال لا يكون عن طريق الاستثمار لوحده، ولكن بواسطة الادخار الاكتنازي!! وإذا توقفت الدولة الجزائرية عن الاستثمار في الحالة التي يوجد عليها الاستثمار الخاص ستكون النتيجة، المزيد من البطالة والبؤس والفقر!!. النقطة الأخرى التي أوصى بها البنك العالمي هي تلك التي تنص على تقوية القطاعات الاقتصادية خارج المحروقات، القطاعات التي تخلق النمو وهذا يتطلب مناخا أحسن للاستثمار والتنافسية الدولية، وهو الدور الذي يجب أن يلعبه القطاع الخاص، أما الدولة فعليها تحفيز القائمين على الإصلاحات الهيكلية، لكن ما لا يقوله البنك الدولي هو أن هذه الإصلاحات تكلف الدولة الكثير من الأموال، في الوقت الذي يوصي البنك بتقليص النفقات العمومية والاحتفاظ بحق الأجيال القادمة، لحسن الحظ اليوم، ليست هذه هي السياسة المنتهجة في الجزائر، وقد سبق لنا الترحيب بعودة الدولة للاستثمار العمومي. التنافسية، تنويع الاقتصاد والنمو هي التوجهات الصحيحة التي يجب تجسيدها في الميدان، وعلينا أيضا تحويل اقتصادنا الذي بني على أساس السوق الداخلية، إلى اقتصاد يقوم على أساس تصدير المنتجات المصنعة: وهذا هو الخيار الاستراتيجي للمستقبل.