أجمع ضيوف فوروم "الشروق" على أن السبب الحقيقي في غياب سينما فكاهية حقيقية في الجزائر يعود إلى غياب قاعات العرض التي صارت تعد في الجزائر على أصابع اليد الواحدة، وبينما شدّد كل من بوخرص وبوعكاز على غياب الاستثمار الخاص في هذا المجال، وعلى انقراض كتاب السيناريو، فإن دكار اغتنم الفرصة ليندد بما اقترف في حق سلسلته "جحا 5" من طرف التلفزيون الجزائري .بوعكاز وبوخرص يرسمان صورة سوداوية ل "الفيلم الفكاهي" لا قاعات ولا استثمار ولا هم يحزنون أكد صاحب السلسلة الفكاهية "عمارة الحاج لخضر"، بأن خوض تجربة إنتاج فيلم فكاهي في الفترة الراهنة "هو بمثابة مخاطرة"، وأرجع سبب حصر الأعمال الكوميدية في "السيت كوم" والسلسلة الفكاهية التي لا تزيد مدة الحلقة منها عن 15 دقيقة أو "الكاميرا الخفية"، إلى حملة غلق قاعات السينما منذ أواخر الثمانينيات وتحويل معظمها إلى محلات لبيع "الفاست فود" وعرض أشرطة الفيديو، قائلا في هذا السياق "حتى إن تجاوزنا مشكلة الإنتاج يبقى المشكل الأساسي في قاعات العرض"، مشيرا إلى أن "عدد قاعات السينما تقلص إلى أقل من عشرين مقارنة بعددها مطلع الاستقلال". وقال لخضر بوخرص بأن "سبب عزوف رجال الأعمال في بلادنا عن تمويل الأفلام السينمائية يعود لغياب قاعات العرض"، وأوضح بأن "حقل السينما في بلادنا لم يبلغ بعد المرحلة التجارية على غرار السينما المصرية والأمريكية أو الإيرانية"، مؤكدا بأن "العديد من رجال الأعمال أبدوا استعدادهم لتمويل الأفلام لكنهم اشترطوا ضمانات". من جهته اعتبر الممثل كمال بوعكاز، بأن "مشكل قاعات العرض يبقى العائق الرئيسي أمام تقدم قطاع السينما في الجزائرففرنسا بنت ما يزيد عن 365 قاعة، غير أن عددها اليوم يعد على الأصابع"، وأضاف بوعكاز: "في الأحياء السكنية التي شيّدتها فرنسا كنا نجد في كل زاوية قاعة سينما، غير أننا لم نحافظ عليها"، قبل أن يضيف:"رغم التطور الكبير في مجال البناء ورغم تشييد الدولة للعديد من البناءات السكنية الضخمة غير أن القائمين على هذه المشاريع لم يفكروا في بناء قاعات سينما لتعويض القاعات التي أغلقت، وهو الأمر الذي كرس التدهور الذي يشهده قطاع السينما في بلادنا منذ سنوات". وانتقد بوعكاز أيضا ضعف التكوين في مجال الإخراج "الذي حال دون بلوغ الكم القليل من الأفلام المنتجة إلى المستوى المطلوب". وأعرب لخضر بوخرص عن أمله في أن يعيد قانون السينما الذي ناقشه البرلمان قبل أسابيع الاعتبار للمخرجين الذين صنعوا مجد السينما الجزائرية، من الذين ترك غيابهم عن الساحة الوطنية ثغرة في السينما الجزائرية، إلى جانب دعوة المغتربين للعمل في أرض الوطن على غرار المخرج لخضر حمينة، موسى حداد، بن عمر بختي، لمين مرباح، مؤكدا أن بداية العمل وفق قانون السينما الجديد ستكون بداية الامتحان للعاملين في المجال السينمائي، وعليهم أن يكونوا جديرين بالخطوة الجريئة التي أقدمت عليها الدولة. بوعكاز يكتب حواره بنفسه وبوخرص يتصرف في النص "غياب السيناريو الجاد مصيبة السينما الفكاهية في بلادنا" لم يختلف كلا من لخضر بوخرص وكمال بوعكاز حول ضعف السيناريو، حيث اعتبرا غياب السيناريو الفكاهي الجاد أحد الأسباب الرئيسية في انقراض الفيلم الفكاهي "فغياب السيناريو الجاد مصيبة السينما الفكاهية في بلادنا". وقال بوعكاز إن "افتقار الساحة الوطنية لكتاب سيناريو محترفين تسبب في غياب الأفلام الجيدة"، مؤكدا على أنه يجتهد في كل مرة من أجل إنجاح الدور الذي ينسب إليه، وبأنه هو من يتولى الحوار، مضيفا "هذا ينقص من احترافية العمل الفني، خاصة وأن المخرج هو من يتولى إنجاز حوار أدوار العمل في حين كان ينبغي إنجاز الحوار من طرف مختصين في هذا المجال، فالممثل الجزائري يجد نفسه في أغلب الأحيان مضطرا إلى العمل حتى وإن لم يكن السيناريو في المستوى في ظل غياب ونقص فرص العمل حتى وإن كان ذلك على حساب مسيرته المهنية". ومن جهته تحدث صاحب السلسلة الفكاهية "عمارة الحاج لخضر" عن تجربته في مجال الإنتاج وعن الصعوبات التي واجهها من خلال إنتاجه للسلسلة الفكاهية "عمارة الحاج لخضر"، خاصة المتعلقة بضعف السيناريو، وقال لخضر بوخرص، إنه يختار أشخاصا معينين لتزويده بسيناريو حسب التصور الذي يرسمه للعمل الفني، كما يضطر في كل مرة إلى الإضافة في السيناريو، مرجعا السبب إلى غياب السيناريو الفكاهي الجاد. وانتقد لخضر بوخرص الأعمال الفكاهية المقدمة ضمن الشبكة الرمضانية لهذه السنة، مؤكدا بأن غياب السيناريو الجاد جعل المنتجين والمخرجين يلجأون إلى الكوميديا المصطنعة، مشيرا إلى أنه من الصعب إضحاك المتفرج الجزائري. دكار يتهم التلفزيون بارتكاب مجزرة في "جحا 5" ويكشف: "لا وجود لكتاب الفكاهة في الجزائر وأشباههم حوّلوها إلى كلون وتهريج" ينفي حكيم دكار نفيا قاطعا وجود ما يعرف بكتاب سيناريو الفكاهة في الجزائر. ويؤكد أن غياب هذه الفئة هو ما قذف بالفكاهة إلى مستنقع "الكلون والتهريج" مؤخرا. واستنكر استثمار البعض في الوضع بإنتاج ما هب ودب على أنه كوميديا، معتبرا المشاهد الجزائري من أصعب الجماهير إقناعا أو إضحاكا. وعن تجربته مع مسلسل "جحا" يقول "للأسف الشديد تأثرت كثيرا بسياسة البرمجة في تعاطيها مع "جحا 5" رغم أنه تكملة لأجزاء سابقة. وما يحز في نفسي هو سؤال الناس في الشارع عن سر غيابي عن الشبكة الرمضانية لهذه السنة، في حين كنت حاضرا بعمل لقي قبول المسؤولين في شارع الشهداء واستحسان من شاهده. برمجته على الساعة الحادية عشر والنصف في رمضان وفي فصل الصيف وعلى قناة واحدة لم يخدم العمل بل قتله. وذلك إضافة إلى التقليل من عدد الحلقات، مما ترك النهاية مفتوحة. الله وحده يعلم ما كابدته في الجنوب الجزائري مع ترسانة تقنية وفنية وكومبارس وفي الأخير يكون الجزاء تدمير هذا الجهد ودفنه". وعن إمكانية استكمال السلسلة بجزء آخر، خاصة وأن احترافية هذا الجزء وتفاصيله تسمح بتكملة أخرى في سياق نفس المغامرات قال متشائما »لا أظن أنني سأعيد الكرة وأغامر، لأن مثل هذه الأعمال تحتاج إلى إمكانيات غير متوفرة حاليا. ولكن في حالة أي تغيير للظروف والمعطيات من الممكن إعادة التفكير في الاشتغال مجددا على شخصية جحا". وعن أزمة النص الفكاهي يقول "الأزمة موجودة منذ سنوات بدليل أن رويشد رحمه الله ورفاق تلك الفترة كانوا يكتبون لأنفسهم. ونحن اليوم لم نجد بديلا من تقديم الفكرة وإيجاد كتاب متمكنين قادرين على صناعة الحبكة على أقليتهم. وحاليا اعترف أن الكاتب حسين طويلب استطاع أن يقدم أفكاري في قالب كوميدي هادف وجاد وينتظره مستقبل زاهر". وعن الإجراءات الواجب اتخاذها يقول "نحتاج إلى تنظيم ورشات كتابة مكثفة وتربصات لمن يملك موهبة الكتابة لأن المجتمع الجزائري لا يزال عذري يحتاج إلى الاستثمار في واقعه وظروفه". يحلم بترسيخ ثقافة شباك التذاكر وغربلة الوسط الفني دكار: "أتمنى أن تسند تومي مهمة تسيير قاعات السينما للفنانين" *"خارجون عن القانون" لم يأخذ حقه من الإشهار في الجزائر لم ينكر الممثل والمنتج حكيم دكار أنه فكر في إنتاج فيلم سينمائي، ولكنه اعترف باستحالة ذلك في الوقت الحالي. وينتظر بفارغ الصبر قانون السينما الجديد ويعلق عليه آمالا وأحلاما لا حصر لها، بدءا بفتح سوق سينمائية وغربلة الوسط الفني ووصولا إلى دخول رجال الأعمال كشريك في العملية الإنتاجية ويفتح النار على الأفلام الممولة في الخارج. ويعقد الفنان حكيم دكار الكثير من الآمال على قانون السينما الجديد ويتمنى أن ينقذ ما بقي من قاعات عرض في الجزائر بعد أن أصابها فيروس الإهمال والتجارية بالتعفن منذ الاستقلال وحتى يومنا هذا. و شدّد دكار في منتدى الشروق "واقع الفكاهة في الجزائر" على أهمية إعطاء فرصة للفنانين في تسيير هذه القاعات بعد استرجاعها قائلا: "بالنسبة لي الفنان هو الوحيد القادر على تسيير قاعات السينما لأنه يملك مشروعا ثقافيا، ويمكن للوزارة أن تجرب هذه الخطوة بإمضاء عقود تسيير لمدة معينة ثم تدرس النتائج لتقرر إذا ما كان أهلا للمهمة أم لا. وهذا لا يعني طبعا أنه سيكتفي بتوزيع الأفلام التي ينتجها هو فقط، وإنما باستطاعته أن يفتح سوقا سينمائية كبيرة أساسها المنافسة ومقياس النجاح فيها يحكمه شباك التذاكر فقط. ويومها سيغربل الوسط الفني في الجزائر ويسترجع الفنان مكانته لأنه سيفرض شروطه في ظل كفاءته وما يمكن أن يقدم أي البقاء للأكفأ فنيا". وأكد المتحدث بأنه في حالة ما إذا تحقق هذا الحلم ستتحوّل الجزائر إلى سوق سينمائية ناضجة وتتحول قاعات السينما إلى مجال للربح وحتى رجال الأعمال سيلتفتون يومها إلى دعم الإنتاج في الجزائر لأن الربح سيصبح مضمونا. ويبقى الحلم الأكبر انفتاح قطاع السمعي البصري على الخواص لتوفير المنابر والفضائيات المتخصصة في السينما والدراما على غرار ما يجري اليوم في البلدان العربية الشقيقة والذي أثبت أن الأحسن هو من يشتري منتوجه ويوّّزع على مدار السنة". وعن دور الدولة أو العلاقة التي ستربطها بالقطاع في حال ما إذا تم إسناد مهمة تسيير قاعات السينما للمنتجين يقول: "في العالم بأسره الدولة تبقى تسيّر القطاع وتدعمه، وعليه نحن لا نطلب المستحيل أو نطالب بأن ترمي الدولة هذا القطاع إلى أحضان المنتجين في السمعي البصري وتنسحب، بالعكس ستبقى هي المسيرة الأولى والمشرفة على تنظيمه من خلال المنظومة التشريعية لأن السينما هي واجهة كل دولة والحمد لله لا تزال السينما الجزائرية الوحيدة التي حصلت السعفة الذهبية في مهرجان كان". وعرّج حكيم دكار على الأفلام المموّلة من طرف وزارة الثقافة مع دعم من الخارج قائلا: "نحن بحاجة لمشاهدة أفلام جزائرية تعالج واقعنا بذكاء وتقدم خيارات للمشاهد من خلال التنوع وأيضا الانفتاح على التطور الحاصل سواء في الدراما أو في الفن السابع، وزارة الثقافة لا تموّل البعض ليظهر المرأة الجزائرية محڤورة ومهضومة الحقوق، والحمد لله وزيرة القطاع امرأة والمرأة الجزائرية متمكنة في مختلف المجالات ومسؤولة في مناصب حساسة"، قبل أن يضيف "بصراحة الأفلام المموّلة من الخارج ليس لها هوية جزائرية، وفي انتظار المصادقة على مشروع قانون السينما تظل عملية الإشهار والتسويق محدودة في بلادنا، وخير مثال فيلم "خارجون عن القانون" الذي أقام الدنيا ولم يقعدها في فرنسا لم يأخذ حقه من الإعلانات والإشهارات بمختلف أوعيتها. واليوم سيقدم فيلم "النخيل الجريح" عرضه الأول، ولكن للأسف لم يأخذ أيضا ما يستحق من الإشهار".