هناك مسؤولون جزائريون من مختلف المستويات لا يعرف المرء كيف جاءوا إلى مناصب المسؤولية ولا ما هي المعايير التي اعتمدت في تعيينهم من طرف المسؤولين الأرفع منهم في المناصب الحساسة من مؤسسات وإدارات ووزارات، وهم لا يعرفون حتى إخفاء الاحتقار أو الحڤرة التي يضمرونها للمواطن الواقع تحت رحمة مسؤوليتهم. * منذ أسابيع عزا المدير العام لشركة الكهرباء والغاز سونلغاز أسباب الكوارث التي وقعت خلال فصل الصيف نتيجة الانقطاعات المتتالية والمستمرة في التيار الكهربائي وما نتج عنها من خسائر فادحة للمؤسسات والأشخاص، عزاها إلى التطورات الحاصلة في حياة المواطنين من انتشار للغسالات الكهربائية إلى استعمال للمكيفات الهوائية ومختلف الأجهزة الكهرومنزلية الحديثة، وكأنه يريد للمجتمع أن لا يتطور ويبقى في القرون الوسطى ولا يخرج إلى نور العصور الحديثة والألفية الثالثة حتى لا ينزعج مسؤولو سونلغاز أو يضطروا إلى بذل مجهودات إضافية لتحسين الأوضاع. * وأول أمس فقط، أرجع وزير البريد وتكنولوجيا الاتصال أسباب ندرة السيولة النقدية التي يعاني منها المواطنون في مكاتب البريد من أجل سحب أموالهم إلى الزيادات الأخيرة في أجور العمال، مدعيا أن هذه الزيادات أصبحت تتطلب وجود أموال كبيرة على مستوى الشبابيك وكأنه كان من المفروض أن لا تقوم الحكومة أو غيرها بالزيادة في أجور العمال حتى لا تخلق المشاكل للوزارة والوزير ومكاتب البريد، وكأنه يقول أن الذنب هو ذنب المواطن الذي يقدم على سحب أمواله من أجل مواجهة المصاريف اليومية المتزايدة مع التزايد المهول في أسعار السلع والمواد الاستهلاكية، بل وأكثر من ذلك، وبدل إيجاد حل جذري للمشكلة التي هي مشكلته ومشكلة وزارته وليست مشكلة المواطنين الذين يدفعون غاليا الخدمات المقدمة من البريد، تجرأ الوزير على القول أمام نواب البرلمان أول أمس أن التدابير التي اتخذتها مصالحه لمواجهة المشكل تقضي بتحديد سقف المبالغ المسحوبة إلى أدنى حد وليس بتزويد مكاتب البريد بالأموال المطلوبة، أي أن المواطن هو الذي يجب عليه أن يواصل دفع ثمن عجز المسؤولين وسوء تسييرهم كما كان الأمر دائما. * وإذا كانت هذه هي الحال اليوم بالنسبة للتعاملات المالية على مستوى مكاتب البريد، فإن الوزير متفائل بتوفير الحل ابتداء من شهر مارس من السنة القادمة عندما يبدأ العمل بالقانون الجديد الخاص بتداول الأموال الذي يمنع التعاملات نقدا بأكثر من 500 ألف دينار، أي أنه يتكل على حل لا علاقة له بالمشكل القائم حاليا أمام المواطنين في مكاتب البريد، مما يعني فقط أن الأزمة ستستمر على الأقل إلى غاية شهر مارس القادم وهي مدة كافية للسيد الوزير، ليس لإيجاد الحل الجذري ولكن لإيجاد مبررات جديدة لاستمرار الأزمة. وهذه هي الحال في الجزائر مادام المسؤول غير مسؤول عن حل الأزمات ولكنه مسؤول عن إيجاد مبررات لها، حتى ولو كانت هذه المبررات أغرب من الخيال كأن يتهم المواطن باستعمال الغسالة الكهربائية أو يلام على الزيادة التي تحصل في أجرته.