تسجيل 800 راغب فقط في التبرع بأعضائهم بعد الوفاة خلال سنتين تعرف الجزائر نقصا كبيرا في عمليات زراعة الأعضاء، نظرا لنقص المتبرعين من جهة، وضعف الطواقم الطبية التي تتحكم في هذا النوع من الجراحة، حيث لم تستطع بلادنا في هذه السنة الجارية إلا إجراء 68 زراعة كلى، وهو رقم لا يعكس الأهداف المسطرة من طرف الجهات الوصية التي سطرت مئة عملية في السنة. * يرى الدكتور طاهر ريان رئيس الجمعية الجزائرية لأمراض الكلى وتصفية الدم وزراعة الكلى أنه يجب القيام بعملية التحسيس للحصول على تبرعات أكبر، "والمشكل المطروح يتعلق بالأشخاص الأحياء، لأن القانون 5/85 لحماية الصحة وأمرية 1990 تحصر التبرع في عناصر العائلة الصغيرة، من أب وأم وإخوة، في حين أنه يمكن الاستفادة من العائلة الكبيرة ككل من أعمام وأخوال، كما هو معمول به في بقية الدول، لذا يجب على الدولة أن تعيد النظر في هذا القانون وتغيّره للتمكن من توفير أكبر قدر ممكن من المتبرعين". * وذكر محدثنا أن التبرع من الأشخاص المتوفيين دماغيا لا يزال قليلا جدا في الجزائر، وأن وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات مطالبة بوضع سجل للأشخاص الذين يرفضون التبرع بأعضائهم بعد الممات، حتى لا يكون تعدي على هذه الخصوصية بعد موتهم، وكذا لتبين من يوافق على ذلك، لأن عدم الرفض يؤخذ على أنه قبول، يقول الدكتور ريان، مستشهدا بإجراء ثماني عمليات نقلت لهم كلى لموتى مؤخرا بالبليدة، ولم يتسن ذلك إلا بمساعدة من إمام المسجد هناك. * ولأن الوزارة تأخرت في إيجاد هذا السجل، فإن الوكالة الوطنية للتبرع بالأعضاء، تتولى إصدار بطاقات للراغبين في التبرع بأعضائهم بعد الموت، إلا أنها كانت قليلة جدا، حيث لم يتم تسجيل سوى 8 مئة بطاقة على مدار سنتين. * الكلى..فالقرنية، فالكبد * واقترحت جمعية التبرع بالكلى على وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات منذ سنة، وضع إشارة بخصوص الموافقة أو الرفض على التبرع ببطاقات التعريف الوطنية، جوازات السفر ورخص السياقة، طالما أن الدولة بصدد تجديد هذه الوثائق على الطريقة البيومترية، إلا أنها لم تستجب لذلك. * وأفاد الدكتور ريان أن نسبة فشل عمليات الزرع في الجزائر بلغت 10 بالمئة من مجموع كل العمليات التي أنجزت منذ الثمانينات. * وتعود أسباب فشلها الذي تنجم عنه وفاة الشخص، إلى تعقيدات عملية الزرع، أو عدم تقبل الجسم العضو المنقول إليه، أو عدم كفاءة الفريق الطبي للجراحة، لأن هناك أنواعا من الزراعة لا تستطيع الكفاءات الطبية إجراءها، بل يستدعي دوما إحضار فرق جراحة من الخارج. * وفصّل محدثنا الكلام في أنواع الزراعة التي تمت ببلادنا منذ 1986 إلى يومنا هذا، بالإحصائيات، حيث تم إجمالا إجراء 683 عملية زراعة أعضاء، وتأتي في المرتبة الأولى زراعة الكلى، حيث تم إجراء ستة آلاف عملية، وحاليا هناك ألف حالة على قائمة الانتظار. * وفي المرتبة الثانية زراعة القرنيات، التي لم يصنفها الدكتور ضمن الأعضاء، حيث تتم سنويا 80 حالة بين سنتي 2008 إلى 2009، وبقيت 1500 حالة قيد الانتظار، بعد أن توقف استيراد القرنيات من الولاياتالمتحدةالأمريكية منذ سنة، وتضطر الحالات المحتاجة إلى هذا النوع من الزراعة التوجه إلى الخارج. * أما في الترتيب الثالث تأتي زراعة الكبد التي يحتاج إليها 100مصاب في السنة، في حين لم يتم منها إلا 23 زراعة منذ عشر سنوات، وذلك لأنها تتطلب النقل من أشخاص أحياء، وكذا لأن الفريق الطبي الفرنسي هو الوحيد من كان بإمكانه إجراؤها في الجزائر، ولم يتعلم الفريق الطبي الجزائري منه، مما رهن العملية التي لا تجرى حاليا إلا في الخارج. * أما زراعة خلايا الدم بالنسبة للمصابين بسرطان الدم، فقد تم إجراء 400 زراعة، تليها زراعة المعدة، التي يجري الطلب عليها سنويا بين 20 إلى 50 طلبا في الجزائر، متبوعة بالبنكرياس مطلوبة بين مئة إلى مائتي طلب، إلا أنها لم تجر مطلقا في بلادنا، ناهيك عن زراعة القلب التي تطلب سنويا بمعدل 50 حالة، إلا أن نقص المختصين في أمراض القلب وجراحة القلب يرهن وجودها عندنا، أما زراعة النشاء العظمي فإنها مطلوبة ما بين 400 إلى ألفي طلب سنويا. * وقال الدكتور إن معظم المصابين يلجؤون إلى البلدان المجاورة كتونس للحصول على زراعة القلب، لأن هذا البلد يقوم بخمسين عملية سنويا، وهناك من يذهب إلى فرنسا، الأردن في إطار السياحة الطبية التي باتت متاحة في هذين البلدين. * أما عن الأعضاء، فقد كان البعض من الجزائريين يسافرون في السابق إلى باكستان للحصول على أعضاء يبيعها أصحابها نظرا للفقر الموجود هناك، وسرد الدكتور ريان حالات حصلت على كلية بمبلغ 20 ألف دولار من مصر والعراق، وأضاف أن جزائريا اشترى كلية من محكوم عليه بالإعدام من الصين منذ سنتين بمبلغ يعادل 500 مليون سنتيم، ونجحت العملية، وعلى الرغم من أن القوانين الدولية تحظر هذا النوع من التجارة، إلا أن حاجة الأفراد إليها ونقص الرقابة يسمح بإتيانها بأسهل الطرق.