وجه حفيد الشيخ بوعمامة بالبيض صرخة إستغاثة للقاضي الأول بالبلاد لأجل الالتفات إلى حالته الصحية التي تدهورت وهو على مشارف القرن أمام عجزه الكبير لتوفير مصاريف العلاج، وهو شيخ لا يمتلك أي مصدر دخل سوى منحة الشيخوخة المقدرة ب3000 دج شهريا، الأمر الذي دفع به إلى طلب العلاج بالمستشفيات المجانية، متحملا مشاق السفر إلى ولاية الجلفة لإجراء عملية جراحية لعينه أو شد الرحال صوب حمام زلفانة على نفقة محبيه لتخفيف آلام المفاصل التي باتت تلازمه. حديث الشيخ معمر بن الطيب بن الشيخ بوعمامة 93 سنة، جاء على هامش زيارة "الشروق اليومي" له بغرض معاينة وضعيته الصحية، غير أن صدمتنا كانت أشد عندما كشف لنا حفيد بطل مقاومة أولاد سيدي الشيخ بأن وضعيته السكنية لم تسو بعد بالرغم من إثارتها في وقت سابق. ففي ماي 2008، سبق وأن زارت "الشروق اليومي" حفيد بطل مقاومة أولاد سيدي الشيخ، في السكن الوظيفي الذي منح له قبيل مجي رئيس الجمهورية لولاية البيض في حملة رئاسيات 1999 بشهادة حيازة ممضاة من طرف رئيس الدائرة أنذاك بأمر وتوجيه من والي الولاية، حينها ناشد الشيخ معمر بن الطيب بن الشيخ بوعمامة 93 سنة عبر صفحات "الشروق اليومي" رئيس الجمهورية عن مصير سيف جده الذي سلمه له والوصية التي أوصاه بها والموسومة بالعبارة التالية: "هذا السيف كان جدي الشيخ بوعمامة يحارب به المستعمر الفرنسي، أسلّمه لك يا سيادة الرئيس أمانة في عنقك لتعدل به"، فهل بعد ما تمكن المرض من حفيد الشيخ بوعمامة وهو على مشارف عتبة القرن، يتسلم مقابل سيف العدل الذي سلمه للقاضي الأول بالبلاد إعذارا من المحضر القضائي ببلدية البيض يطالبه فيه بإخلاء السكن الوحيد الذي منح له منذ سنة 2000؟!!، وليس له أي عقار غيره، علما أنه حينها حدثت هبة تضامنية مع الشيخ الحفيد وأصدرت أوامر عليا وحررت رسالة رسمية من طرف رئيس الحكومة إلى الجهات المعنية بولاية البيض لتسوية وضعيته السكنية، غير أن أطرافا أشار إليها محدثنا، حالت دون وصولها إلى المسؤول الأول بالولاية، وكل ما قامت به هو تهديده بإخلاء السكن الوظيفي الكائن بحي عبد الحق بن حمودة، والأمر على ما هو عليه إلى يومنا هذا. معاناة الشيخ معمر المريرة لا تقتصر على حرمانه من السكن فقط، بل تعدته إلى الحرمان من أبسط حقوق المواطنة في حق رجل شهد وقائع 20 سنة من انتفاضة بطل المقاومة الشعبية، فهو لايزال يذكر مقايضة العدو الفرنسي للشيخ بوعمامة بالتخلي عن الجهاد مقابل إخلاء سبيل ابنه الطيب (والد الشيخ معمر) الذي أعتقل بناحية الأغواط، يومها كان رد بطل وزعيم الانتفاضة عليهم بالرصاص لا بالكلمات.الشيخ المصاب بجملة من الأمراض المزمنة لا يعرف لون أو شكل شيكات الحساب الجاري أو البنك، ولولا أهل العلم والخير الذين يحضرون معه جلسات مذاكرة القرآن الكريم لمات الرجل تاركاً وراءه عائلة مشردة، ولسان حاله كما قال شاعر مقاومة أولاد سيدي الشيخ وهو في منفاه " ما بياش الحبس بيا عيب وعار، ويقولوا هذا بسيده وسمح فيه " .