- "التعريب في الجزائر بخير والإنتاج الفكري في المغرب العربي متطور" - "توجه رجال السياسة والتاريخ العرب إلى كتابة المذكرات مؤشر إيجابي" "صراحة لم أختر طرفا لأشجعه في المونديال، وما حيّرني هو دخول الثورة الجزائرية وشهدائها طرفا، نحن مع الثورة الجزائرية قلبا وقالبا، وهي ليست فريق كرة قدم حتى تسب أو تشتم"، بهذه العبارة أجاب المفكر الفلسطيني عزمي بشارة على سؤال الشروق على هامش الندوة التي نشطها مساء أول أمس بالصالون الدولي للكتاب. * تعمد الدكتور عزمي بشارة التحفظ عن تسمية "النظام المصري" باسمه طيلة عمر الندوة ولكنه قدم تحاليله السياسية بكل خلفياتها التاريخية، مركزا على أبرز الأحداث العربية الكبرى التي كانت مصر طرفا فيها إلى جانب إسرائيل وإسقاطها على راهن القضية الفلسطينية المحاصرة من الداخل والخارج. وندّد مطولا بشعار "أرض 67 مقابل السلام مع إسرائيل"، قائلا :"إنها فعلا سابقة أن تختصر دولة عربية القضية الفلسطينية في اتفاقية مشبوهة هي أرض 67 مقابل السلام مع إسرائيل ثم إعلان ذات الدولة جهارا بأن القضية الفلسطينية شأن الفلسطينيين فقط. لقد فشل السادات في تحويل المصريين إلى فراعنة. فتفطن النظام الحاكم في مصر إلى تغيير السياسة مع إسرائيل لأن تحالفاته الدولية لا تخدمها القضية الفلسطينية ثم استنتج أن العلاقة مع إسرائيل هي مفتاح العلاقة مع الغرب. * ولكن الصعب هو إقناع الشعب بأن قضيته ليست فلسطين، وإنما هي الأراضي التي احتلت سنة67 . لأن هذا الطرح يعني أن لا الجزائر ولا المغرب ولا أي دولة عربية أخرى عندها قضية. ثم كيف يقنع هذا النظام شعبه بحرب بدأت سنة 48 واستمرت حتى67، هل يقول إنه أخطأ؟ إذا الحل الذي اهتدى إليه هذا النظام هو التحوّل إلى الهوية الأحادية واستبدال الأمن القومي بالأمن الوطني مثلما عوّضت "الأسرة المالكة" بمصطلح "الأسرة الحاكمة" هذه الأخيرة أصبح شغلها الشاغل هو إنتاج نخب تخدم توجهها وتسرع نموها الاقتصادي مستعملة نفوذها السياسي. ما حدث هو سابقة لم تعرفها الثورة الجزائرية لأن الأنظمة التي كنا نطلق عليها آنذاك مصطلح الأنظمة الرجعية لم تتجرأ على التسليم بالوجود الاستعماري، إذن الخلاصة هي أن الخطيئة كانت في فلسطين ثم في العراق، وهو ما أدى إلى شرعنة التواطؤ مع العدو. * وعرج عزمي بشارة على الانقسام الداخلي في فلسطين معلقا "إذا سلمنا بأن القضية الفلسطينية قضية الفلسطينيين فقط، فعلينا إذن أن نختار بين المقاومة أو السياسة أي بين المقاومة أو التنسيق الأمني مع العدو، ولا وجود لخيار ثالث، كما يحاول بعض اليساريين في فلسطين الترويج له. لأن المفاوضات ستبقى عملية سياسية متدهورة طالما أنها تتم بدون بعد عربي ". * وختم الدكتور عزمي بشارة مداخلته عن المرحلة السابقة والخراب الذي خلفته على كل المستويات بتفاؤل كبير بالمستقبل، مستعينا في طرحه بالوعي الذي تعيشه الشعوب العربية مؤخرا. وأثنى على الإنتاج الفكري في دول المغرب العربي، مؤكدا أنه أكثر تقدما وتطورا منه في المشرق، مثمنا توجه رجال السياسة والتاريخ في هذه الدول إلى كتابة المذكرات. كما أشار على هامش النقاش إلى لقاءه بطلبة كلية العلوم السياسية قائلا "وجدت الطلبة الجزائريين في مرحلة وعي متقدم بما يجري دوليا، وأهم ما لمحته هو أن التعريب في الجزائر يعرف تحسنا ملحوظا جدا".