"أركون فضح الجانب السياسي للاستشراق ولم يكن مستشرقا" انتصر الدكتور نور الدين جباب للمفكر الجزائري الراحل محمد أركون وأرجع تغييبه في وطنه إلى ما اصطلح عليه، على هامش استضافته في الحصة الثقافية النصف شهرية "مقامات"، "بمفارقات التاريخ" واختلاف التوجهات الإيديولوجية للنظام الجزائري بعد الاستقلال والذي كان يرى في أركون ليبيراليا لا يتلاءم مع الطرح السياسي السائد منذ السبعينيات من القرن الماضي. * وأكد أن أركون كان يتألم في كتاباته، لأن فكره لم يكن مرغوبا فيه رغم استعماله لأدوات بحث منهجية تمثل من خلالها أدوات الغرب، كما تعامل مع التراث بطريقة راقية صعّبت على قارئه الفهم السريع، "أركون رجل موسوعي ومن يقرأ له عليه أن يعرف فوكو ودريدا وبارت ونيتشه وماركس، وعليه فالصعوبة هي التي جعلت الآخر يلجأ إلى محاكمته إيديولوجيا بعد عجزه عن محاكمته علميا". * فاركون حسب جباب قدم مفاتيح حقيقية للجيل الجديد للتعامل مع الفكر العربي ولم ينغلق على منهج معين، كما استعمل أدوات عصرية مفتوحة لكل التأويلات من خلال نقده للخطاب التراثي، كما تشكل في القرون الأولى ونقده القوي للاستشراق. وأكد أن أركون هو من فضح الجانب السياسي للاستشراق حتى وصلت العلاقة إلى العداء. ورجع جباب إلى علاقة أركون باللغة العربية، مستشهدا بما قاله عن عدم كتابته بها "كان متابعا وفيّا لما ينتجه العقل الغربي يوميا ولم يكن متفرغا لنحت المصطلحات بالعربية لأنها مهمة المؤسسات العلمية". * "نحتاج إلى ثورة ثقافية فرغم الاستقلال لم نتحرر فكريا وثقافيا لا من الراسب ولا من الوافد"، بهذه العبارة لخص الدكتور عمر بوساحة ما تعرض له فكر محمد أركون من رفض في بلده. واستمات في الدفاع عن جهوده من منبر حصة "مقامات" التي استضافت فكر هذه الشخصية "اللغز" ونجحت في فك رموزها رغم توقيت بثها المتأخر جدا "حوالي منتصف الليل"، ورغم أنها الحصة الثقافية الوحيدة لقناة الأرضية. وشارك بوساحة زميله جباب الرأي في حيلولة الأيدولوجيا دون وصول أركون إلى الجزائر، إضافة إلى اللغة الفرنسية التي كان يكتب بها ومستواها العلمي الراقي. أما في نقطة الاستشراق فقال: "اختلف أركون عن الاستشراق ولكنه لا ينفي دوره الاستمولوجي بل قلل من مناهجه، لأن المستشرقين كان خارج الذهنية الإسلامية. أركون حاول جمع الشتات الموجود في الذاهب الأربعة وأن يقدم نفسه كمجتهد معتمدا على كل المناهج المعاصرة لمعرفة التراث".